فلسفة الخطأ….
بقلم الشاعر والكاتب
محمد يوسف….
الخطأ جزء من تكوين البشر جميعاً لم يُستثنى منه سوى الأنبياء و الرسل
عليهم جميعاً صلوات الله و تسليماته.
لكن هل للخطأ أنواع؟ و هل كل الأخطاء
مقبولة إن كانت فطرة آدمية؟ وهل هناك من الأخطاء ما لا يمكن التسامح ف
و التغافل عنه؟
والإجابة هي أن القرآن الكريم و اللغة العربية استخدما مسميات عدة للخطأ
مثل: السقطة ،الزَّلة ،الخطأ ،الخطيئة و الكبيرة و غيرها من المسميات.
لكن وجب هنا التمييز بين أنواع الخطأ. وأول نوع هو الفارق بين الخطأ و
الخطيئة، وهو الفارق ما بين المقصود و اللامقصود. فالخطأ و السقطة و الزلة
كلها ليست عن قصد، أو بجهل من المخطئ. أما الخطيئة فهي الخطأ
المقصود و هو بالطبع أشد خطراً و أقل احتمالاً للصفح.
و الفارق الثاني في مدى تكرار هذا الخطأ. فبعض الأخطاء حتى وإن بدأت
بشكل غير مقصود،تتحول بعد ذلك بحكم التعود أو استمتاع المخطئ إلى
عادة و هذا ما يجعلها تقع في مكانة الكبائر التي تفقد بطبيعة الحال إمكانية
غفرانها أو التغاضي عنها.
والفارق الثالث يكون في مدى الضرر
الذي يحدثه الخطأ و هل الخطأ يؤذي المخطئ وحده أم يؤذي غيره، و هنا
يجب التنويه على أن أشد الأخطاء وطأة هو ما يصيب غيرنا و كلما زاد
عدد المتضررين و شدة الأذى زادت خطورة الخطأ و حجمه و بالتالي
إمكانية غفرانه أو الاستتابة منه.
لذا جعل الله أشد الكبائر هي ما تؤذي
الغير كالسرقة والقتل والزنا و الربا و غيرها.
و الفارق الأخير و الأخطر يكون في ماهية المخطئ، فالخطأ من ذي جهل أو
من شخص عادي يكون أكثر تقبلاً من الخطأ الذي يصدر من عالم أو رجل دين
أو من شخص في موضع ثقة أو قدوة، فهو بذلك يتسبب في انتشار الخطأ و
الإساءة إلى فئة ما كان لها أن تخطئ في نظر الناس.
كما قال الله تعالى فب كتابه المبين:
” إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا
فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا”
والخلاصة هي أنه يجب علينا جميعاً تقبل الآخر حتى حين الخطأ.
و يجب على المخطئ الاستتابة و طلب الصفح من الله أولاً ثم من الآخرين.
والشرط هنا هو عدم العودة للخطأ و إتباعه بتصحيح ما كان من ضرر
ومحاولة تقويم النفس بعمل طيب يطهر به نفسه من دنس أصابه و أصاب غيره.
عافانا الله تعالى و إياكم من خطأ يتكرر ورزقنا نعمة الصفح الجميل.
زر الذهاب إلى الأعلى