مقالات وتقارير
غلاء المهور سبب لعزوف الشباب وزيادة ظاهرة العنوسة
غلاء المهور سبب لعزوف الشباب وزيادة ظاهرة العنوسة
زينب اكنيز
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
وعلى آله وأصحابه أجمعين .
فإن مشكلة غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج قد شغلت
بال كثير من الناس وحالت بينهم وبين الزواج المبكر وفي ذلك
مخالفة لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله – صلى الله عليه وآله
وسلم – التي رغبت في الزواج المبكر وتيسير أسبابه، كما أن في
ذلك تعريض الشباب والفتيات للخطر والفتنة والفساد والسفر
إلى الخارج لأجل ذلك فليتق الله كل مسلم في نفسه وفي
أولاده وبناته وليبادر إلى تزويجهم بما تيسر فأعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
وقد أدرك هذا الخطر كثير من علمائنا الأفاضل فحذروا من
التغالي في المهور والإسراف في حفلات الزواج وأقاموا الحجة
على الناس بذلك أثابهم الله وتقبل منهم.
سنبين فيما يأتي أسباب غلاء المهور ، الحلول المناسبة لهذه
المشكلة المستعصية ، وكما يأتي :
1. غلاء المهور:
يعدّ غلاء المهور من أهمّ أسباب عزوف الشّباب عن الزّواج،
فالشّاب الذي يكون في مقتبل عمره، ويرغب بالزّواج يُفاجأ
ويُصدم من قيمة المهر الذي يطلبه أهل الفتاة، خاصّة أنّه لا زال
في بداية حياته، وتكاليف الزواج غير مقتصرة على المهر، بل
هناك تكاليف الزفاف، والمسكن، وأثاث المنزل، وغيرها من
الأمور، فتطول رحلة البحث لديه عن العروس المناسبة، وقد
يستمرّ ذلك سنة أو أكثر ولكن دون نتيجة، والطامة الكبرى أنه
كلّما مرّت به السّنوات زادت المهور غلاءً.
2. أسباب غلاء المهور :
آ . الأهل:
يعتبر الأهل المهر ضماناً لمستقبل ابنتهم مع هذا العريس
المجهول، فَهُم يجهلون مستقبل ابنتهم، والمهر الذي يشترون به
الذّهب -بحسب العادة- يساعد ابنتهم على مواجهة المشاكل الماديّة التي قد تتعرّض لها، وبذلك يصبح المهر سلاحاً
تستخدمه الفتاة في مجابهة المستقبل المجهول، مع هذا العريس المجهول بالنسبة لها، ولذويها.
ب . رأي النّاس:
ينظر النّاس إلى الفتاة التي تتزوّج بمهر قليل على أنّها فتاة بسيطة وأهلها بسطاء، والنّاس تغرّهم المظاهر، فالمهر الغالي
يعني أنّ العريس غنيّ، وأنّ الزّواج رابح، وكأنّ المسألة تجارة، ولا نعمم فنظرة الناس تختلف، إلا النظرة المادية سائدة في
مجتمعنا، فالشخص الغنيّ صاحب المال، تُفتح أمامه الطرق بسهولة، والمال وسيلته في ذلك.
ج . غلاء المعيشة:
قد يكون المهر غالياً، ولكن قد يتناسب مع الغلاء الذي نعيشه في هذه الأيام، وقد يكون منطقيّاً بالنّسبة لأهل الفتاة، وبالنّسبة
للمجتمع، لكن ليس باستطاعة الشّاب أن يقدّمه، فكلّما زادت صعوبة الحياة ومتطلّباتها المعيشيّة، زاد غلاء المهور.
3 . حل مشكلة غلاء المهور :
آ . التّوعية الدّينيّة:
لا يمكن القضاء على غلاء المهور في هذه الحياة الصّعبة، إلّا من خلال التّوعية الدّينيّة، فالمهر من حقوق الزّوجة في الإسلام، لكن لم تكن الحكمة منه تعجيز الشّباب وإرهاقهم وهم في بداية
حياتهم، فلو قرأنا وشاهدنا كيف كانت المهور أيّام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لاتّعظنا، فمنهن من تزوجت مقابل تعليمها القرآن الكريم، وكان ذلك مهرها، ومنهن من تزوّجت مقابل أن يحفظ
الزوج القرآن الكريم، وكان ذلك مهرها، إذاً فحق المرأة في المهر، لا يشترط أن يكون حقاً مادياً، بل قد يكون معنوياً.
ب . التّفكير في حالة الشّاب بعد الزّواج:
لو فكّر الأهل بالحالة التي ستكون عليها حياة ابنتهم مع زوجها في المستقبل لاختلف الأمر، ذلك أنّ بعض الشباب قد يُرهقون
أنفسهم بالديون والقروض، لتأمين المهر وتكاليف الزواج، فيُصبح دخل الشاب في المستقبل مرهوناً بقضاء تلك الديون،
وبالتالي صعوبة الحياة مع قلة الدخل، واستمرار ذلك لسنوات، سيؤدي إلى تفاقم المشاكل بين الزوجين، وقد ينتهي إلى
الطلاق، فعلى الأهل أن يقدروا جيداً حالة الشاب المادية، ويتعاملوا معه على هذا الأساس، ويفكروا بالأمر من كل الزوايا، وبحياة ابنتهم المستقبلية.
ج . ظلم الفتاة:
شروط الأهل القاسية، وغلاء المهر، هو ظلم للفتاة أيضاً، فالأمر ليس بيدها، وزواجها لا يتم إلا بموافقة الأهل، وكلما صعّب أهلها
الأمور على المتقدمين لخطبتها، سيتأخر زواجها، وتمضي الأيام وتكبر في السن، ويقلّ عدد المتقدمين لها، لذلك كان ينبغي على
الأهل أن يفكر ملياً بابنتهم، ويفكروا بعواقب العنوسة.
د . دور الدولة في عرض برامج توعية:
وهذا الأمر يتم من خلال الدولة، فعليها أن تنتبه إلى هذا الأمر، وتحاول عرض برامج التوعية الموجهة إلى الأهل، بهذا
الخصوص، ولفت انتباههم، بشكل مستمر حول عواقب غلاء المهور، والنتائج المترتبة على عدم زواج الشباب، والذي قد يقود بعضهم في المستقبل إلى الانحراف.
في الختام أقول:
لا تقاس كل الأمور في الحياة بالمال، ورأس مال الشاب هو دينه، وخلقه، وعلمه عمله الصالح، والمال وسيلة من وسائل الحياة، وليس غايته، فالمال زائل، دوام الحال من المُحال.