بقلم إيڤيلين موريس
تحتفل الكنيسة القبطية اليوم بعيد من الأعياد السيدية الكبري وهو عيد ظهور الصليب المجيد الذي تم الكشف عن مكانه بواسطة الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين الكبير التي شجعها ابنها على ذلك فأرسل معها حوالي 3 آلاف جندى، وتفرّقوا في كل الأنحاء واتفقوا أن من يجد الصليب أولاً يشعل نارًا كبيرة في أعلى التلة.
والحقيقة أن كثيرين من يروا في الصليب المصيبة والتجربة التي تحل على إنسان لتدمير حياته لكن المؤمنين به يروا أنه شركة مع المسيح المصلوب ، هو سلاح الغلبة على العالم وترنيمة الانتصار على أهواء الجسد والذات .
والهروب من الصليب هو هروب من المجد ، السيد المسيح حين رفع على الصليب صار هو الكاهن والذبيحة في نفس الوقت فهو ككاهن يرفع يديه على الصليب فالناظر إليه يراه ككاهن يصلي وهو كذبيح معلق على الصليب ينزف دما وهو بذلك يشفع في البشرية أثناء تقديمه لذاته كذبيحة .
وهذا هو ما يحدث لنا حين نقبل الصليب في حياتنا فتذبح بفعل المشاكل والضيقات والتجارب ولكننا نرتفع بالصلاة فنصير نظير الذي دعانا وترتفع صلواتنا كرائحة بخور أمامه فيصير الصليب مجد وفخر لنا .
ولكن لماذا الصليب بالذات ؟
يتساءل البعض لماذا اختار الله موت الصليب ولماذا لم يمت المسيح مشنوقا أو مقتولا مثلا ؟!
والسبب في ذلك يرجع إلي الآتي :
اولا : كان لابد أن يظل المسيح قائما كما رآه يوحنا الرائي وقال عنه رأيت خروف قائم كأنه مذبوح
ثانيا: لا يمكن لرئيس كهنة أن يكون ملقيا أثناء ممارسته للكهنوت وهذا ما يتوفر في الصليب حيث يظل الجسد قائم لا يمس الأرض ولا يظهر ملقيا وهنا تكون عملية الذبح داخليه فبالرغم من أن الجروح كانت خارجية من آثار الجلد وإكليل الشوك والطعن بالحربه إلا أن الذبح كان داخلي وهو أصعب بكثير من الذبح الخارجى وفى هذا يقول الشاعر:
وظُلم ذوي القُربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحُسام المُهندِ.
فوقع السيف الحاد أخف من ظلم ذوى القرابة، ويقول الكتاب المقدس فى هذا المعنى ما هذه الجروح فى يديك؟! فيقول: هى التى جُرِحتُ بها فى بيت أحبائي .
وهذا ايضا ما يحدث معنا حين نجرح من إهانات الآخرين لنا بنذبح نفسيا وعقليا من القريبين أو البعيدين فيكون لنا قوة بالمسيح عند التجربه حين نراه معلقا علي عود الصليب حاملا نفس الآلام والأوجاع قبلا .
،ثالثا: إذا كان سبب سقوط الإنسان من الجنه هي أنه أكل من الثمرة المعلقة على الشجرة فإن رجوع الإنسان للجنه يكون بالمسيح الذي يمثل ثمرة الحياة المعلقة على خشبة الصليب المقدسة في مثال للشجرة.
رابعا: السيد المسيح فى مظهره على الصليب كان واقفاً وأما فى الحقيقة فقد كان كل جزء فى جسده مقيداً لا يستطيع أن يتحرك. معنى هذا أن السيد المسيح يريد أن يقول لنا إنه لابد من “صلب الجسد مع الأهواء والشهوات حتى وإن كانت تلك الشهوات غير خاطئه أو طبيعية مثل الأكل والشرب والراحة وهذا ما نتحمله في الصوم مثلا حين نجوع أو نعطش.
خامساً: الصليب ضرورة لتتميم نبوات العهد القديم فيقول داود النبى فى المزمور “ثقبوا يدىّ ورجلىّ و اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسى يقترعون.
وفي أخرى يقول وفي عطشي يسقونني خلاً” .
وكل هذه النبوات كيف تتم إلا إذا صلب!..
أو مثلاً عندما قال “كما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يُرفع ابن الإنسان فالمسيح حمل خطايانا التى ترمز إلى الشر (الحية) فصعد على الصليب وسمّر الخطية على الصليب ثم نزل هو وترك الخطية معلقة على الصليب.
احبائي لا يسعني في يوم الاحتفال بعيد للصليب إلا أن أطلب من أجل كل إنسان أن يعطيه الله القوة على حمل الصليب بشكر لكي ينال المجد حين يأتي الموعد لذلك ..
كل عيد صليب والجميع في مجد الانتصار.