مقالات وتقارير

عوالم الصين .. ذكريات وتأملات 

عوالم الصين .. ذكريات وتأملات

سليم النجار .. عمان 

تقتفي القصص التاريخية في عالمنا العربي بسلسلة من الحوادث التي أفضت

من افتتاحيات السيرورات الاجتماعية والثقافية إلى نهاياتها ( المؤقتة) التخلص

من المستعمر الغربي بطريقة لا تحتاج التسلسلات الزمنية إلى أن تقوم بها .

والتسلسلات الزمنية ؛ لو شئنا الدقة ؛ مفتوحة النهايات . وهي من حيث المبدأ

؛ ليس لها افتتاحيات ؛ إذ ” تبدأ” ببساطة حينما يبدأ الأَخباري تسجيل الحوادث .


يُقال في بعض الأحيان إنَّ هدف المؤرخ هو أن يفسّر الماضي من خلال ” إيجاد”

ما تنطوي عليه التسلسلات الزمنية من ” قصص” أو” تحديدها” ؛ وإنَّ الفارق

بين ” التاريخ ” و” التخييل” يكمن في واقعة أنَّ المؤرخ ” يجد” قصصه ؛ في

حين أنَّ كاتب التخييل يبتدع قصصه الواقعية . ويطرح على شكل قصة ضروبًا

من الأسئلة ؛ ويجيب عنها في سياق سرديته . هذه الأسئلة هي من قبلى” ما

الذي تفعله الصين في عالمنا العربي؟” ؛ ” كيف حدث ذلك ؟” ” لماذا حدثت

الأمور على هذا النحو وليس نحو آخر ؟” ؛ ” كيف انتهى كلّ ذلك في النهاية ” ؛

تحدد هذه الأسئلة التكتيات السردية التي يجب أن يستخدمها الكاتب في بناء

قصّه . لكن مثل هذه الأسئلة عمّا بين الحوادث من صلات تجعلها عناصر في

قصة قابلة للتتبع يجب تمييزها من اسئلة من قببيِل آخر : ” ما الذي يصل إليه

كل ذلك ؟” ؛ ” ما غاية كلّ هذا؟” ؛ هذه الأسئلة لها علاقة ببنية الحوادث الكاملة

التي تُؤخذ على أنها قصة معينة وقصص أخرى يمكن ” إيجادها ” في

التسلسل الزمني ؛ أو ” تحديدها ” ؛ ” أو كشفها” ؛ هناك ويمكن الإجابة عن

هذه الأسئلة بعدد من الطرائق . أما تفسيرًا من خلال الحبكة ؛ أو تفسيرًا من

خلال الوقائع ؛ أو من خلال التضمين الأيديولوجي .


ما أريد قوله ؛ سأختار الإجابة عن كل تلك الأسئلة ؛ من الواقع . الذي يمنح

القصة معقوليتها وصدقها ؛ كونها منجزة على أرض الواقع . وقصة قناة

السويس في مصر خير شاهد على ما ذهبت إليه ؛ من طرح اسئلة ؛ فقد

إستأنفت الصين توسيع قناة السويس في صيف ٢٠١٤ بطول ٧٢ كلم ؛ وكذلك

بناء محور عملاق الخدمات اللوجستية على مستوى عالمي بمساحة ٤٧ كلم

مربع يحيط بالقناة المزدوجة .


ستسمح القناة الجديدة بحركة تنقل السفن في الاتجاهين ؛ وهو الامر الذي لم

تكن تسمح به القناة الاولى نظرا لضيقها . سيؤدي هذا إلى تقليص عدد

ساعات المرور للسفن عبر قناة السويس من ” ١١” ساعة إلى ” ٣” ساعات .

أصبحت هذه القناة مصدرا للتعبئة الوطنية في مصر ؛ والركيزة الأساسية

لمنظور تنمية شاملة نشيطة ستشمل تأثيرتها عملية التنمية في كل شمال

أفريقيا وجنوب أسيا وطريق الحرير البحري . وقد تم تمويل هذا المشروع بموارد

داخلية بلغت ” ٨” مليار دولار ساهم بها الشعب المصري والحكومة دون

الاعتماد على مصادر التمويل الخارجية مما يعتبر طفرة في فكرة تمويل مشاريع

البنية التحتية باستخدام الاتمنائات الوطنية ؛ بحيث تساهم في استقلالية

القرار الأقتصادي للأمم . والصين بذلك النموذج الذي تقدمه للعالم ؛ هو نموذج

جديد للتعاون بين أمم العالم . ما يعنيه هذا هو ان المشاريع التي تُقام يجب ان

تعود فوائد تلك المشاريع على الجميع ؛ أي لا تكون من أجل المصالح الأمنية

والاقتصادية لبعض الأمم بينما إقصاء غيرها من الأمم .


يقول بول ريكو ” إن الحياة بدون خيال مجرد ظاهرة بيولوجية ” .

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى