غير مصنف
عظماء من التاريخ (٢٥) محمد عطيهض
عظماء من التاريخ (٢٥)
كتب /محمد عطية
بلغت منزلة معاذ بن جبل رضي الله عنه
أنَّه كان رديف رسول الله، وقد كان من
خيرة رجال الأمة، فقد كان مطيعاً لرسول
الله، يحرص على تعليم الناس الخير،
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يقول من كان يريد الفقه فليأتِ إلى معاذ
بن جبل، وهو واحد من الصحابة الأربعة
الذين أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن
يؤخذ القرآن عنهم، وقد وصفه النبي
الكريم بأنه أعلم أمته بالحلال والحرام،
وقد بعثه إلى اليمن يدعو الناس إلى
توحيد الله تعالى، كما كلفه بمهمة تعليمهم
الفقه والقرآن، وقد أحب النبي الكريم
معاذا حتى قال له مرة، (يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ
إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ”، فَقَالَ:
“أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ
صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ،
وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ).[١]كما أحبَّ
معاذ النبي حباً شديداً حتى بكى يوماً
خشية فراقه عليه الصلاة والسلام.[٢]
تعريف بالصحابي معاذ بن جبل هو
الصحابي الجليل معاذ بن جبل بن عمرو
بن أوس بن عائذ الأنصاري الخزرجي،
وقد أسلم رضي الله عنه وعمره ثمانية
عشر سنة، وقد بايع النبي الكريم مع
السبعين في بيعة العقبة، وآخى النبي
بينه وبين الصحابي الجليل عبد الله بن
مسعود، وشارك مع رسول الله في بدر
وأحد والمشاهد كلها.[٣]وقد وصفه أبو
نعيم في الحلية فقال هو كنز العلماء،
وإمام الفقهاء، أفضل شباب الأنصار
علماً وسخاءً وحياءً، واتسم بالجمال
والوسامة، وقد نقل الشعبي عن مسروق
أنهم كانوا عند الصحابي عبد الله بن
مسعود فقال إنَّ معاذاً كان أمة قانتا للَّه
، فظن فروة بن نوفل أنَّ ابن مسعود
نسي الآية الكريمة وأخطأ فيها، فقال ابن
مسعود ما نسيت، وإنما كنا نشبه معاذاً
بإبراهيم عليه السلام
أسلم رضي الله عنه وهو ابن 18 سنة،
وشهد بيعة العقبة الثانية، ثم شهد مع
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المشاهد
كلها، واستبقاه الني في مكة بعد فتحها
؛ ليُعلّم الناس القرآن ويفقههم، ثم بعثه
إلى اليمن بعد غزوة تبوك،وبعد وفاة
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، شارك
معاذ في الفتح الإسلامي للشام، وتوفي
في الأردن في طاعون عمواس.
ذكرنا أنه من شباب الأنصار الذين
أسلموا مبكرا، ولما هاجر النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ، آخى بينه وبين عبد الله بن
مسعود ـ رضي الله عنه ـ.
كانت له عناية شديدة بجمع القرآن
الكريم وحفظه، قال أنس بن مالك:
جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ،
مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ
ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ أحد عمومتي”.
وروى عبد الله بن عمرو بن العاص عن
النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قوله: “
خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَيِّ بْنِ
كَعْبٍ”متفق عليه.
وقد أثني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
على معاذ، فقد روى أنس بن مالك عن
النبي محمد قوله: “أرحم أمتي بأمتي أبو
بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها
حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام
معاذ، وأفرضهم زيد، ولكل أمة أمين،
وأمين هذه الأمة أبو عبيدة”رواه أحمد
وابن ماجه، وغيرهما وضعفه بعض العلماء بهذا اللفظ.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “نعم
الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم
الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل
أسيد بن حضير، نعم الرجل جعفر، نعم
الرجل ثابت بن قيس، نعم الرجل معاذ بن
جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح”.
كان معاذ بن جبل من قلة ممن سُمح لهم
الفتيا على عهد النبي صلى الله عليه
وسلم، فقال سهل بن أبي حثمة: “كان
الذين يفتون على عهد رسول الله ثلاثة
من المهاجرين: عمر وعثمان وعلي،
وثلاثة من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ وزيد”.
كما كان لمعاذ منزلته بين صحابة النبي
صلى الله عليه وسلم، فعندما خطب عمر
بن الخطاب الناس بالجابية، قال: “من
أراد الفقه، فليأت معاذ بن جبل”. وقال
عبد الله بن مسعود: “إن معاذ بن جبل،
كان أُمة قانتًا لله حنيفا، ولم يك من المشركين”.
توفي رضي الله عنه سنة 18هجرية عن
38 عاما في طاعون عمواس، ويروى
أنه لما أُصيب أبو عبيدة بن الجراح والي
الشام في طاعون عمواس: استخلف
معاذ بن جبل، فماتت زوجتيه، ثم ولديه،
ثم مات هو في الطاعون نفسه.