ثقافة وفن
عظماء من التاريخ (١٥)
عظماء من التاريخ (١٥)
محمد عطيه
هو صحابيٌّ جليلٌ وقائدٌ عسكريٌّ، وُلدَ في (43 ق.هـ) في شبه الجزيرةِ العربيّة
تعودُ أصولُه إلى بني كلب أحدِ بطونِ بني قُضاعةَ، أمُّه سُعدى بنتُ ثعلبةَ بنُ
عبد عامر بن أفلت من بني معن من طيء، كنيتُهُ أبو أسامةَ،
وهو أولُ مَن أسلمَ من المَوالي،
كانَ مُلازمًا للنبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- ومُحبًّا له، وقد تبنّاهُ قبل البعثة، شاركَ
في عددٍ من الغزوات، وهو الوحيدُ الذي ذُكر اسمُه في القرآن الكريم في قولِه تعالى: (فلمّا قَضى منها زيدٌ وَطَرًا زَوَّجْناكَها)،
زيد بن حارثه
روى عن النبيّ بعضَ الأحاديثِ النبويّة، وقد لُقِّبَ بِحِبِّ رسول الله، وسنقدّم فيما
يأتي معلومات عن زيد بن حارثة. تبني النبي محمد للصحابي زيد بن حارثة كانَ
زيد مَولىً للنبيّ محمّد -عليه الصلاةُ والسلام-، وكانَ أنْ جاءَ وفدٌ من بني
قضاعةَ إلى مكّة، فلمّا رأوْا زيدًا عَرَفوه، ثمّ رجعوا إلى أبيهِ يُبلّغونَه أمرَه. توجّهَ
أبوهُ حارثة وعمُّه كعب إلى النبيِّ يطلبانِ فِداءَه فيعودانِ به، وقد خيّرَ النبيُّ
حينَئذٍ زيدًا بين أن يبقى معَه أو يعودَ إلى دياره دونَ مقابلٍ، فاختار ملازمتَه.
فرحَ النبيُّ باختيار زيد، فخرجَ وأعلنَ تَبَنّيهِ زيدًا، فلمّا اطمأنّ أبوه وعمُّه إلى ذلك
انصَرَفا. إسلام زيد بن حارثة ومشاركته في الغزوات دعا النبيُّ محمد دعوتَه
إلى الإسلام، فكانَ زيدٌ من السبّاقينَ إلى إجابتِه، حيث أسلم بعدَ خديجةَ بنت
خويلد وعليّ بن أبي طالب، وهو أولُ الموالي إسلامًا. صحبَ زيدٌ النبيَّ زمنًا حتّى أمرَه بالهجرةِ إلى يثرب،
وقد آخى بينَه وبينَ حمزة بن عبد المطّلب، وبعثَه قائدًا على عددٍ من السرايا،
وأمَّنه على المدينة بعدَ خروجِه منها. شهدَ زيدٌ عددًا من غزوات النبيّ محمد،
مثل غزوةِ بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، ومؤتة. زواج زيد بن حارثة من زينب بنت
جحش زوَّجَ النبيُّ محمّد زيدًا لابنةِ عمّتِه زينب بنت جحش، وقد كانَ يُدعى حينَئذٍ
زيد بن محمّد. طلّقَ زيدٌ زينبَ، فأرادَ النبيُّ بعدَها الزواجَ منها وتردّد في ذلك،
حتّى جاءَه الوحيُ يأمرُه بالزواجِ منها. كان حكمة ذلك الزواج أنْ أبطلَ النبيُّ عادةَ
أهل الجاهليّة الذين كانوا يتحرّجون من أن يتزوّج الرجلُ مِمَّن كانت زوجةَ دَعيِّه، فبَطُل التبنّي، وأصبح زيد يُدعى من حينِها زيد بن حارثة.
استشهاد زيد بن حارثة بعثَ النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلامُ- بعثةً إلى مؤتة سنةَ
(8 هـ)، واستعملَ عليهم زيد بن الحارثة القائد الأول على ثلاثة آلاف مقاتل من
المسلمين يواجهونَ عدوًّا يفوقُهم عُدّةً وعتادًا. قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-
إن أصيبَ زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن
رواحة على الناس، وقد استشهدوا فيها، وكان قد مضى من عمرِ زيد (55)
سنةً. زارَ النبيُّ بعدَها أهلَ زيد وقد بكى حتّى انتحَبَ، فلمّا سُئل عن بكائه قال:
(هذا شوقُ الحبيبِ إلى حبيبِه).