– الفريعة بنت مالك بن سنان
الفريعة بنت مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري رضي الله عنها هي من كبريات الصحابيات… جمعت بين رواية الحديث النبوي.. والجهاد في سبيل الله… والفقه في الدين
نشأت في أسرة أسلمت منذ دخل الإسلام المدينة ، فهي أسرة من الأنصار من بني خدرة الخزرجية
.
ومعروف عن الأنصار أنهم أهل بذل وعطاء ومحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين جميعا… وسيخلد لهم التاريخ أبدا موقفهم حين هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة حيث آووهم ونصروهم وفدوهم بالمهج.
اشترك في ذلك العمل الخالد الأنصار جميعا رجالا ونساء . بل ما كان الرجال ليفعلوا ذلك لولا مشاركة النساء لهم.
نعم، أولئك هم الأنصار. ومنهم الفريعة ابنة مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري المجاهد الشهيد …وأخت الصحابي الجليل سعد بن مالك بن سنان المكنى بأبي سعيد الخدري ….وابنة أنيسة بنت أبي حارثة الأنصارية النجارية …وأخت قتادة بن النعمان بن زيد الأنصاري (أخته من أمه)
عاش والد سيدتنا فريعة مجاهدا، ومات شهيدا..كان من أفقر أهل المدينة ؛ ولكنه كان عفيفا فلم يسأل في حياته أحدا وصبر على الجوع حتى قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: “من أراد أن ينظر إلى العفيف فلينظر إلى مالك بن سنان”.
تربت سيدتنا فريعة في أسرة تعلم الصبر والتعفف والاستغناء بالله عن سؤال الناس ولنترك أخاها سيدنا أبو سعيد الخدري يحكي لنا بعضا من دروس هذه الأسرة المدرسة قال: “أصابنا جوع ما أصابنا مثله قط في جاهلية ولا إسلام فقالت لي أختي فريعة :- اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا فوالله لا يخيب سائله؛ لأنك منه بإحدى اثنتين: إما أن يكون عنده فيعطيك، وإما أن لا يكون عنده فيقول أعينوا أخاكم ..فلم أكره ذلك ، فلما دنوت من المسجد، وهو يومئذ ليس له جدار، سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت إن هذا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فكان أول ما فهمت من قوله ” ومن يستعفف يعفه الله ..ومن يستغن يغنه الله …”فقلت: ثكلتك أمك سعد بن مالك والله لكأنك أردت بهذا ..لا جرم ..والذي بعثك بالحق لا أسأل شيئا بعدما سمعت منك..
وجلس أبو سعيد الخدري يستمع إلى الدرس النبوي في المسجد ولم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحين عاد إلى أخته وقد جهدها الجوع والانتظار.. أبصرت أنه لا يحمل شيئا سألته فقال لها : فوالله ما يخيب سائله وأخبرها القصة قالت: فسألته بعد ذلك ؟ قال: لا قالت : أحسنت ..
يضيف سيدنا أبو سعيد : فلما كان من الغد فإني والله لأتعب نفسي تحت الأحم إذ وجدت من دراهم يهود.. فابتعنا به وأكلنا، ثم والله ما زال النبي صلى الله عليه وسلم محسنا..انظروا إخوتي كيف تساند المومنة الصابرة أخاها في الخير، وتحضه عليه، فأكرم الله البيت المالكي الخدري فأصبحوا باستعفافهم عن سؤال الناس أغنى الأنصار
هكذا إذن نرى صبر هذه الصحابية الجليلة واستعفافها سلوكا راسخا في هذه الأسرة الكريمة ذات الأسس المتينة والتربية النبوية . فكانت نموذجا لكل فقير صابر متعفف وكل صابرة متعففة تنتظر ما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم من العفة والغنى ورفع الضيق: “من يستعفف يعفه الله… ومن يستغن يغنه الله
كان فقر الفريعة بنت مالك ابتلاء وامتحان .صبرت ففازت برضى الله إذ رضيت بقضاء الله؛ حبها لنبي الله صلى الله عليه وسلم جعل منها امرأة قوية صابرة مطيعة لله ورسوله ممتثلة لأمره صلى الله عليه وسلم بالتعفف والاستغناء بالله ، صدقت بيقين ..وصبرت بثبات ..فكان لها ما وعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصارت من أغنى نساء الأنصار ..والأهم من ذلك رضى الله ورسوله عنها فقد دخلت في زمرة من قال الله في حقهم : ” لقد رضي الله عن المومنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا”
نعم ..لقد شهدت هذه الصحابية الجليلة بيعة الرضوان تحت الشجرة في الحديبية حين ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة الكرام لأداء العمرة ومنعتهم قريش من الوصول إلى بيت الله الحرام فكانت البيعة تحت الشجرة على التصدي لغرور قريش وانتهى الأمر بصلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش
كانت سيدتنا فريعة المرأة الفقيرة المتعففة ممن اختارهم الله سبحانه ليرضى عنهم ..رضى سيظل يصل إليهم من المومنين والمومنات الذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين كلما تليت آيات الله آناء الليل وأطراف النهار…
خرجت تريد بيت الله الحرام فنالت رضى رب البيت . وبايعت وكما ورد في الأثر:”لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحته”ا
إنها إذن إحدى المبشرات بالجنة والمشهود لها بالجهاد فجهاد المرأة حجها .
روت سيدتنا الفريعة ثمانية أحاديث نبوية منها حديث سكنى المتوفى عنها زوجها في بيتها المؤجر فقد قالت فيما روته كتب الحديث :” أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجغ إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا (هربوا)حتى إذا كانوا بطرق القدوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى لأهلي فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة فقال عليه السلام : نعم. فخرجت حتى إذاكنت في الحجرة أوفي المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له فقال كيف قلت ؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله . قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا”.
هكذا إذن كانت المرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صابرة مؤمنة محبة لله ورسوله مطيعة لأمرهما مجاهدة عابدة عالمة راوية للسنة النبوية بل إن سيدتنا الفريعة كانت مرجعا للصحابة والعلماء في تلك المسألة
عاشت رضي الله عنها إلى زمن الخلافة الراشدة. رضي الله عنها وأرضاها .
————————————————————————
فريعة بنت مالك بن سنان الخدرية
((الفُرَيْعة بنت مالك بن سِنَان بن ثعلبة بن عُبيد بن الأَبْجر)) الطبقات الكبير. ((فارعة)) ((كبشة)) ((فُرَيعة بنت مالك بن سنان الخدرية، أخت أبي سعيد. تقدَّم نسبها في ترجمة أخيها [[سعد بن مالك: بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن الأبجر، وهو خُدْرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاريّ الخزرجيّ]] <<من ترجمة سعد بن مالك بن سنان “الإصابة في تمييز الصحابة”.>>، كذا عند الأكثر، ووقع في سنن النَّسَائِيّ في سِيَاق حديثها الفارعة، وعند الطَّحَاوِيّ الفرعة)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((أُمها حبيبة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((هي أخت أبي سعيد الخُدْرِي سعد بن مالك لأبيه وأمّه، أمّهما أنيسة بنت أبي خارجة وهو عمرو بن قيس بن مالك بن عديّ بن عامر بن غَنْم بن عَدِيّ بن النجّار وأخوهما لأمّهما قَتَادَة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سوَاد بن ظفر.))
((تزوّجت الفريعة سهل بن رافع بن بشير بن عمرو بن الحارث بن كعب بن زيد بن الحارث بن الخزرج، ثمّ خلف عليها سهل بن بشير بن عنبسة بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر.))
((أسلمت الفريعة وبايعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.)) الطبقات الكبير.
((شهدَتْ بَيْعَةَ الرّضوان))
((روت عن الفُرَيْعَة هذه زينب بنت كعب بن عجرة حديثها في سُكْنَى المتوفّى عنها زوجها في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجلَه. استعمله أكثر فقهاءِ الأمصار.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أخبرنا عبد الله بن نمير، حدّثنا يحيَى بن سعيد، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عُجْرَة، عن عمّته زينب بنت كعب أنّها سمعت الفريعة بنت مالك تحدّث أنّ زوجها قتل في مكان من طريق المدينة يسمّى طرف القَدُوم، وأنّ الفريعة ذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهي تريد أن تنتقل من بيت زوجها إلى أهلها، فذكرت أنّ رسول الله رخّص لها في ذلك، فلمّا قامت دعاها فقال لها: “امكثي في بيتك حتى يبلغَ الكتاب أجله”(*). أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كَيْسان، عن ابن شِهَاب قال: بلغني أنّ سعد بن إسحاق بن كعب بن عُجْرَة قال إنّ عمّته زينب بنت كعب بن عُجْرَة أخبرته عن فُرَيـْعَة بنت مالك أخت أبي سعيد الخُدْرِيّ، وكانت بنت كعب بن عُجْرَة تحت أَبِي سعيد الخُدْرِيّ، فأخبرتها فريعة أنّها كانت تحت رجل من بني الحارث بن الخزرج. قالت فريعة: فخرج في طلب أعلاج له أُبّاق فأدركهم بطرف القُدوم فعدوا عليه فقتلوه، فأتت رسول الله فذكرت له أنّ زوجها قتل ولم يتركها في نَفَقة ولا مسكن للولد. وسألت رسول الله أن يأذن لها فتلحق بإخوتها ودارها فأذن لها رسول الله. قالت فريعة: فلمّا خرجت من الحجرة أو كنت فيها دعاها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأمرها أن تكرّر عليه حديثها ففعلت، قالت: فأمرني أن لا أبرح من مسكني الذي أتاني فيه وفاة زوجي حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت: فاعتدّت فيه أربعة أشهر وعشرًا. قالت فريعة إنّ عثمان سُئل عن مثل ذلك، قالت: فذُكِرْتُ له فأرسل إليّ فدخلتُ عليه وهو في جماعة من الناس فسألني عن شأني وماذا أمرني به رسول الله فأخبرته، فأرسل إلى المرأة التي توفّي عنها زوجها فأمرها أن لا تبرح بيتها حتى يبلُغَ الكتاب أجله(*). أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدّثنا زهير، حدّثنا سعد بن إسحاق بن كعب ابن عُجْرَة أنّ عمّته وكانت تحت أَبِي سعيد الخُدْرِيّ أخبرته أنّ الفُرَيْعة بنت مالك بن سِنان، وهي أخت أبي سعيد الخُدْرِيّ، أخبرتها أنّ زوجها في زمان النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، خرج في طلب أعلاج له حتى أدركهم بطرف القَدُوم فقتلوه، فلمّا جاءها ذلك لحقت برسول الله فقالت: يا رسول الله إنّه جاء نعيّ زوجي وأنا في دار من دور الأنصار شاسعة ولم يتركني في مال أرثه منه ولا مسكن يملكه ولا نفقة، وقد أحببت إن رأيت ذلك أن ألحق بأهلي وإخوتي فإنّه أجمع لي في بعض أمري. فأذن لها أن تلحق بإخوتها إن أحبّت ذلك. فقامت فرحة بذلك مسرورة، حتى إذا خرجت إلى الحُجْرة، أو إلى المسجد، دعاها أو أمر بها فدعيت فقال: “ردّي حديثك”. فرددت عليه القصّة فقال: “امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعيّ زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله”. قالت: فاعتدّت فيه أربعة أشهر وعشرًا(*). أخبرنا مَعْن بن عيسى، أخبرنا مالك بن أنس، عن سعد بن إسحاق بن كَعْب بن عُجْرَة أنّ الفُرَيْعَة بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخُدْرِيّ، أخبرتها أنّها جاءت إلى رسول الله تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خُدرة فإنّ زوجها خرج في طَلَبِ أَعْبُدٍ له أَبَقُوا حتى إذا كان بطرف القَدُوم لحقهم فقتلوه. قالت فسألت رسول الله أن يأذن لي أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة. قالت: فقال: “نعم”. فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له فقال: “كيف قلت؟” فرددت عليه القصّة إلى أن ذكرتُ له من شأن زوجي، فقال: “امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله”. قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا. قالت: فلمّا كان عثمان بن عفّان أرسل إليّ فسألني عن ذلك فأخبرته، فاتّبعه وقضى به(*))) الطبقات الكبير.
المصادر
موجز ما ذكر عنها في الكتب الأربعة
تفصيل ما ذكر عنها في الكتب الأربعة
ما ذكر عنها في الطبقات الكبير
ما ذكر عنها في الاستيعاب في معرفة الأصحاب
ما ذكر عنها في أسد الغابة
ما ذكر عنها في الإصابة في تميز الصحابة
زر الذهاب إلى الأعلى