تكتب د غادة محفوظ
** ما أجمل أن ينتظر الإنسان اكتمال نمو الثمرة على الشجرة لتصبح ناضجة ذات مذاق مميز بدلا من أن يقطفها قبل أوانها متوهما أنها ستكون بنكهة الثمرة الناضجة .
فحينما خلق الله الخلق وضع ضوابط وحدود ملزمة للجميع لا يتجاوزها إلا جاهل أو متكبر فكما أن الثمرة لا يتم حصادها قبل أوانها أيضا الإنسان لا يتم تكليفه ما لا يطيق قبل اكتمال رشده ونضج عقله .
*** مأساة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معان تعد إحدى وصمات المجتمع المصري ألا وهي زواج القاصرات وهن الفتيات أقل من سن 18 عاما .
— جريمة نكراء وخلل مجتمعي فتاك يكاد يقضي على الأخضر واليابس ،وإلا فما معنى أن يتم تزويج طفلة لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها (طبقا لقانون الطفل الذي حدد سن الطفل إلى 18 عام) دون أن تدري تلك المسكينة شيئا عن مفهوم الزواج ومتطلباته وحقوق الزوج وتربية الأبناء وغير ذلك من مقومات الحياة الزوجية .
— بأي حق ترتكب هذه الجريمة؟ ولماذا يغض المجتمع طرفه ناسيا أو متناسيا أن الشغل الشاغل للبنت التى لم تتجاوز الثامنة عشرة هو التفوق الدراسي والتنزه مع الأصدقاء والعيش فى كنف أسرة يكسوها الدفء والحنان ؟
— لماذا يتجاهل المجتمع الأرقام المخيفة لهذه الكارثة والتى تؤكد وصول النسبة إلى 15% قابلة للزيادة خاصة في القرى والنجوع ؟
— لماذا لا تقوم مؤسسات المجتمع المدني بواجبها تجاه هذه المأساة وذلك من خلال عقد ندوات ولقاءات تثقيفية لأسر البنات وتوعيتهم بمخاطر زواج الفتيات قبل الثامنة عشرة ؟
— لماذا لا يبرز علماء الإجتماع ومتخصصي علم النفس المخاطر النفسية الجسيمة التى تلحق بفتاة صغيرة أرغمتها الظروف على خوض تجربة قاسية تعلو فيها نسب الفشل على النجاح ؟
— لماذا لا يؤدي الإعلام دوره المنوط به تجاه هذه القضية ؟ ولماذا لا يتم عمل حملات اعلامية توعوية للجماهير تهدف إلى تفنيد الظاهرة بأسلوب علمي وتطرح حلولا جذرية للقضاء عليها .
*** أرى أننا جميعا مقصرون في حق هذه الفتاة التى لا حول لها ولا قوة والتى ظلت تئن وتستغيث بمن يمد لها يد العون لكى لا تقع في هذا البئر السحيق إلا أن الجميع تغافل عن إنقاذها بعد أن صمت الآذان وعميت الأعين عن صراخ طفلة مسكينة لازال يلهو أقرانها بينما هى استقرت في بحر سحيق من الظلمات .