روعة الفكر في قصيدة (حديث الورد) للشاعر المصري/ فاروق الحضري
دراسة بقلم الأديبة / سحر القوافي**
(حديث الورد)
للشاعر المصري / فاروق الحضري
إليك الورد يا أغلي النساء
غرامي في الصباح وفي المساء
يجيء الورد تواقا بعطر
ويفصح بالمودة والثناء
يبوح الورد عما في فؤادي
وشمس الحب تشرق بالضياء
حديث الورد للعشاق سحر
كوجه البدر في حضن السماء
حديث الورد أشواق وعشق
وفيض بالمودة والصفاء
فكم من وردة أفضت غراما
بكل الصدق في دنيا الوفاء
خذي قلبي ووردي وامنحيني
زهور العشق يا رمز النقاء
رأيت الورد في الخدين يشدو
فطاوعني الحنين إلي اللقاء
رأيت الورد يبدع في القصيد
ربيعا جاء من بعد الشتاء
يفيض الورد في كفيك حسنا
ويفضي بالمحبة والولاء
فصوت الورد يعلو كل صوت
أجيبي بلهفة عند النداء
يعتبر الورد رمزاً للأشياء الجميلة، لهذا يهديه الأشخاص لبعضهم تعبيراً عن الحب
والتقدير والإخلاص ، ويتغزلون بألوانه وعطره ، و الورد هو أجمل النباتات وأكثرها
رقة ، كما أن عطره يعبر عن كثير من المشاعر اللطيفة والراقية ، ولهذا يتغزل
الشعراء والأدباء بالورد دائما ً، ويصفونه بأجمل العبارات ، ويشبهون به
الأشخاص الذين يحبونهم ، كما أن الناس يهدون لبعضهم الورد في جميع
المناسبات ، فهو صالح لكل زمان ومكان، وفي كل المناسبات.. وللزّهور لغة
تعبيريّة خاصّةً عندما يغيب الكلام ويصعب التّعبير ، وتجفّ الأقلام ويتلعثم الّلسان
، فتبقى وحدها نضرةً زاهيةً لتحمل معاني التّعبير…
والشاعر/ فاروق الحضري كغيره من الشعراء الذين يدركون قيمة الورد بأنه لغة
المحبين وبريد العاشقين حيث يستهل قصيدته بكل براعة بأنه لم يجد رسولا
أصدق من الورد للتعبير عن مشاعره وأحاسيسه لحبيبته وعما يخفي لها من
مشاعر متدفقة لاتنقطع حيث يقول:
“إليك الورد يا أغلي النساء
غرامي في الصباح وفي المساء
يجيء الورد تواقا بعطر
ويفصح بالمودة والثناء
يبوح الورد عما في فؤادي
وشمس الحب تشرق بالضياء”
والشاعر يوضح بكل فصاحة وجراءة بأنه لاتوجد لغة تعبر عن شدة الحب
والتعلق بالحبيب مثل لغة الورد فهي لغة ساحرة لغة الأشواق والعشق
والصفاء والمحبة وكل وردة تعبر للمحبوب بفيض من الأشواق والوفاء قائلا :
“حديث الورد للعشاق سحر
كوجه البدر في حضن السماء
حديث الورد أشواق وعشق
وفيض بالمودة والصفاء
فكم من وردة أفضت غراما
بكل الصدق في دنيا الوفاء”
والشاعر مشدود لحبيبته معترفا بغرامه الأكيد لذلك يطلب منها أن تفصح له بمشاعرها..حيث يرى في خديها جمال الورد
لذا شده الحنين إليها ، و جعله يبدع في شعره ،وأن الورد يزداد بريقا وجمالا في كفيها ..ويبوح بأعذب كلمات العشق
ويؤكد الشاعر لحبيبته بأن حديث الورد يعلو فوق كل حديث ، وعليها أن تستجيب لندائه فيقول:
“رأيت الورد في الخدين يشدو
فطاوعني الحنين إلي اللقاء
رأيت الورد يبدع في القصيد
ربيعا جاء من بعد الشتاء
يفيض الورد في كفيك حسنا
ويفضي بالمحبة والولاء
فصوت الورد يعلو كل صوت
أجيبي بلهفة عند النداء”
كلّما تُمكّن الشّاعرُ من نظمِ قصيدته بطريقةٍ صحيحة، كلّما كانت القصيدةُ أكثر بلاغة. .والنص من النصوص الجميلة التي تحدث الشاعر فيها عن الورد ولذلك كرر الشاعر كلمة” الورد” ليوضح أهميته وشدة إعجابه بجماله.. والألفاظ جاءت
قوية في موضعها واضحة خالية من الغرابة والتعقيد وليس بينها تنافر خدمت المعني ويسرت علي المتلقي وشدت انتباهه ، فاستخدم الأفعال المضارعة التي تفيد استحضار الصورة والتجديد والاستمرار مثل ” يجىء ..يفصح..يبوح.. يفيض ..يفضي ..يعلو ” ..والتراكيب اللغوية بها انسجام صوتي جميل يقرب
الفكرة من ذهن القارئ .. ولذلك نوع الشاعر بين الأسلوب الخبري و الإنشائي ؛ ليشد اهتمام القارئ ، فمن الأسلوب الخبري قوله “يفيض الورد في كفيك حسنا.. حديث الورد أشواق وعشق…” ومن الأساليب الإنشائية: ” يا أغلى النساء..يا رمز النقاء..” والخيال في القصيدة كلي وجزئي فالصورة الكلية واضحة حيث رسم الشاعر لوحة فنية مكتملة العناصر بريشة فنان مبدع فنجد
الصوت في:”يفضي ..يبوح ..يفصح..حديث..صوت ..يعلو” واللون في” الورد ..شمس..تشرق ..الضياء..البدر ” ، والحركة في “يجئ ..جاء ..يبدع..يفيض ” ..والخيال الجزئي حيث الاستعارة والتشبيه والكناية التي تهدف إلى” التجسيم
والتشخيص والتوضيح..” ، وقد نجح الشاعر في تحقيق الوحدة العضوية حيث” وحدة الموضوع ” فقد اختار الشاعر عنوانا للقصيدة يدل علي مضمونها وهو حديث الورد ، وأيضا ” وحدة الجو النفسي ” حيث التفاؤل والفرحة بالورد ، وظهرت ” وحدة العاطفة “حيث الحب والإعجاب ..أما عن الموسيقي فلها شقان
موسيقى (ظاهرة) في الوزن والقافية حيث استخدم الشاعر تفعيلات بحر
الوافر “مفاعلتن.. مفاعلتن..فعولن ” مما جعل القارئ يزداد سعادة وطربا ،
والقافية” الهمزة المكسورة” ، وأيضا موسيقى (خفية).تظهر في انسجام
الألفاظ وحسن تنسيقها وتقاربها.
..شكرا للشاعر على هذا الأبداع الذي أخذ القلوب والأسماع
وجعلنا نسبح في فضاء المتعة والبهجة والجمال بحروف تنساب كالدر المنثور في آنية من قوارير..
**الأديبة / سحر القوافي شاعرة من القطر العربي الجزائري