رواية عطور يتيمة
د. عطا الله الزبون
كتبت/لطيفة محمد حسيب القاضي
تتميز تجربة الكاتب د/ عطا الله الزبون الروائية بنزعة تجريبية تختلف عن التجارب الرّوائية العربية السائدة .
رواية ” عطور يتيمة ” ، هي نصوص سردية قد تشذّ في كثير من الاحيان عن الأساليب
السائدة ويصعب دائماً تصنيفها ضمن خانة الأجناس الأدبية المعروفة . وإذا كانت كلها
تعالج قضايا الإنسان المعاصر معالجة هي إلى علم الاجتماع أقرب ، فإنّها تحتفي باللغة
والأسلوب إلى درجة أن استعمالات الزبون اللغة المحكية الشعبية أسّستْ نمطا في الكتابة الروائية .
إن رواية عطور يتيمة هي رواية التجريب اللُّغوي الاجتماعي بمعناه الدقيق بطلها كائن
لغوي ورقي هو السارد الذي لانعرف عنه شيئاً كثيراً سوى انه كائن يعلم خفايا الصدور .
تدور أحداث هذه الرواية في إحدى القرى الوادعة ، قليلة السكان بسطاء في ثمانينات
القرن الماضي تتوسط القرية طاحونة قمح ، ونبع يسقي عدد من المزارع مدرسة ثانوية
للذكور ، وأخرى للإناث يتردد بين القرية والمدينة باص متوسط العمر بطئ الحركة بالقرب
منها يقع مخفر للشرطة يدار من عدد محدود من رجال الأمن يتميز أهل تلك القرية بالطيبة والوفاء .
يكمن البعد التجريبي في عطور يتيمة في هذه المفارقة العجيبة بين نمطين من الخطاب
: خطاب توثيقي صحفي يعتمد الأسلوب المباشر ويخلو تماما من أي نزعة سرديّة يمكن
أن تُلحقه بخطاب السرد عامة ، وخطاب سردي روائي يعيد هذا المؤلف إلى جنسه
الأصلي وهو الرّوائية . النمط الأول هو مجموعة من العناوين والمقاطع والصُّور المجتثة
من البيئة الاجتماعية للقرية ، وهي تحتل في النّص الرَّوائي حيزاً واسعاً يبلغ ١٤٢ صفحة
من ٢١٢ صفحة .
ولأن مطامح هذه التجربة الروائية كبيرة لا تقل عن استطبان وعي النص ولا وعيه ، وعن
سبر أغوار مؤلف النص وقارئه معاً .
إنّ المتمعن في الفضاء الحكائي العام لرواية عطور يتيمة يلفت انتباهَه الحضورُ
والانتشارُ الواسع والمهيمن لصورة ” القيمة الاجتماعية الأخلاقية ” في هذا النص ،
بحيث تكاد لا تخلو صفحة أو مظهر حكائي من استحضار القيمة الاجتماعية الأخلاقية
أو الحكي عنها في عدد صورها ، أو تجلياتها سواء كلغة أو كجسد أو كممارسة
رواية يتيمة ، إذن رواية تحمل معها مشروع قارئ جديد ، بموازاة مع كتابة عربية جديدة .