ثقافة وفن

رواية أنيموسْ

رواية أنيموسْ

صفاء أَبو خضرة
دار فضاءات – عمان
زحمة أفكار تستريح على رصيف الرواية …

قراءة نقدية للكاتب /سليم النجار

أعذرني ؛ أيّتها الكاتبة الكنعانية ؛ لا قبل لي بمجاراتكِ إلى ما لا نهاية في ندب حالنا إزاء

إيديولوجيا الخراب التي تعمّ العالمَ الآن ؛ بأهوالها كلها ؛ رغم أن روايتك أنيموس أغرقت

المتلقي في بحيرة أسئلة ؛ أسقطها سَفّاح داعشي مجنونٌ ؛ اعتلى الفكر من تاريخ

مهزوم يطل علينا ؛ تجمهر فيها آلالف كأنهم يستمعون إلى فرقة الفولك الشهيرة ؛ أحبَّ

أمريكيٌّ مجنونٌ أن يعزف لهم سمفونية حمراء قانيةً ؛ فانهمر الرصاص على أجسادهم ؛

وتلذّذَ بهم يتساقطون كالديدان . هذه حال رواية صفاء ابو خضرة ؛ اثناء رحلتها الحميمية

في مسالك السؤال الأزلي الفرق بين الرجولة والأنوثة ؛ : ( كنتُ آنذاك أَفقد كَّل شيء …

كيف لا وقد فقدتُ نفسي ؛ وخرجتُ من جسدي إلى الأَبد ؟ ومن حياتي ؛ وبدأتُ ؛ شيئاً

فشيئاً أَتحوَّل إلى إنسان جديد ؛ مختلف ؛ لم أَكن أَعرف عنه شيئاً ؛ ولا هو يعرف من أكون ص٩٣) .
كما تبين ابو خضرة لنا ضرورة تطوير تقنيات الرواية ؛ وربطها بما استجد في الحقل

الروائي – سواء على التنظير او مستوى التحقق النصي – من تصورات جديرة بإغناء

معرفتنا بمسألة اللغة الروائية ونهاياتها ؛ : ( سمعتُ أنَّ عائلة في عمَّان تقيم مع رجل

مثلي ؛ ميت سريريَّاً ؛ يعيش على الأجهزة ؛ منذ عشرة أَعوام ؛ قضى في مشفى

الجامعة ثلاثة أَعوام ؛ ثمَّ نصح الأَطّباء أهله أَن يشتروا له أَجهزة التنفُّس ؛ والقلب ؛

والتَّغذية ؛ لأَن ذلك سيكون أَقلَّ كلفة عليهم من بقاء الرَّجل في المشفى ؛ ففعلوا ؛

ونقلوه إلى البيت ؛ ومازال هناك ؛ منذ زمن بعيد ص١٨٤) .

وابو خضرة في علاقة بهذه الثنائية ؛ تعرض لثنائية أخرى هي ” كلام الشخصيات وكلام

السارد ” ؛ وترى أن هذا التعارض ينبني عاى أساسٍ لسانيَّ حسب توصيف النقاد .

إننا في حالة كلام الشخصيات ؛ نكون بإزاء ” الأسلوب المباشر ” في حالة كلام السارد

بإزاء ” الأسلوب غير المباشر ” . وهذا التعارض هو الذي يفسر لنا لماذا نشعر بأننا أمام

أفعال حينما تكون صيغة الخطاب هي التمثيل أو العرض ؛ : (داعش أَصبحتْ فجأَة الغول

الَّذي تُخيف به الأُمَّهات الأَطفال حين يعصون أَوامرهنَّ ؛ ويرفضون النَّوم …. ص ٤٤) .

بينما يختفي مثل هذا الإحساس ؛ حينما تكون صيغة الخطاب هي الحكي أو السرد ؛ :

(كنتُ أُتقن دوري تماماً ؛ دور تيماء العاشقة ؛ ربمَّا تعلَّمتُ من أميرة ؛ ومن ميساء … ومن أُميِّ ص١٤٣) .

غير ان أبو خضرة في روايتها تؤكد على أن السياق الإجمالي هو الذي يحدّد الصفة

الذاتية أو الموضوعة لجملة ما ؛ امرأّة تتمنَّاه ؟ ص١٤٥) . ونفهم من هذا التوظيف الروائي

ان كلام السارد بالرغم من طابعه الموضوعي يمكن ان ييصطبغ بالصيغة الذاتية في

بعض التلفظية ؛ : ( لبستُ الثَّوب الأَبيض النَّاصع الَّذي أَخضروه لي … مثل أَيِّ عروس …

وأَنا أَرتجف من الخوف ؛ وأَحسب الحسابات ؛ وأَطرح الأَسئلة كنتُ أُعدُّ نفسي ليلتذاك

للموت ص١٤٦) .

كما يمكن لكلام الشخصيات – بالرغم من طابعه الذاتي – أن يتمظهر بالمظهر الموضوعيّ

للغة في بعض المقامات التلفظية ؛ : ( وقفتُ على غمارة اللَّيل أُحرِّشُ الطَّريقَ ليأتيني

حبيبي ؛ يعرَّجُ إليَّ من زقزقةِ الغيمِ الطَافح بالرُّطوبة ص٩٧) .

ومن خلال لأنواع السرد في رواية ” أنيموسْ’ ؛ تبيّن لنا ان السرد يتمظهر في هذه الرواية من خلال ثلاثة انواع من السرد هي :

السرد الوصفي
السرد الفكري
السرد الأجتماعي

اما السرد الوصفي للرواية ؛ تستثمر بكثافة الأمكانات الجمالية الدلالية للوصف في مستوى التركيب والدلالة .

والوصف الفكري ؛ انه ينطبع بالتجربة الشخصية الوجودية للشخصية ؛ التي هي تجربة

مفتوحة على جحيم القلق والاغتراب وملتهبة بطعم الفجائعي . وأما السرد الاجتماعي ؛

فالسارد هنا في هذا المحكي النفسي ؛ هو الذي يكشف عمّا تشعر به شخصية تيم

الشخصية الرئيسة في الرواية ؛ والمتحولة ؛ من مشاعر الحزن والخيبة ؛ دون ان تصرح

الشخصية بهذه المشاعر ؛ والملاحظ ان هذا المحكي النفسي الذي يقوم به السارد ليس إعادة لسرد داخلي حدث في ذهن الشخصية .

إن هذه الدينامية – التي تمتاز بها رواية ” أنيموسْ” من آليات التوتر والاختراق والالتباس

قد ساهمت في الالتباس دلالة النص وانفتاحها وتعديدها ؛ والتشويش على عناصرها

المرجعية .

رواية أنيموسْ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى