ثقافة وفن

دعوه الى التسامح والمغفرة

دعوه الى التسامح والمغفرة

بقلم / محمـــــد الدكــــــرورى

لقد أرسل الله عز وجل إلينا الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين وأنزل عليهم الرسالات وجاء إلينا الرسول الهادى الأمين رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالرساله السماويه الوسطيه السمحه الخاتمه لكل الرسالات ولكل الأديان ولكل العصور غلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها وهى الرساله الخاتمه الجامعه لكل الأمم وهو الإسلام وجاء الاسلام ليخرج الناس من الظلمات الى النور ومن طريق الغى والضلال إلى طريق الهدى والرشاد ومن المبادئ الإسلامية العظيمة التى جاء بها الاسلام هى المسامحة والعفو والعطف والرحمة ..

فقال تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) أي: أن الله يحب المتصفين بهذه الأوصاف الجميلة، وهم أهل العفو والمسامحة الذين يمسكون غيظهم مع قدرتهم على الانتقام، ويعفون عمن أساء إليهم أو ظلمهم، والذين يبذلون أموالهم في اليسر والعسر، والشدة والرخاء، وقال نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام: ” ليس الراحم الذي يرحم نفسه وأهله ولكن الراحم هو الذي يرحم المسلمين ” ..

فهكذا يدعوا الإسلام إلى التسامح والعفو وكبح جماح الغضب لأن؛ التسامح يؤدي إلى الرحمة والأخوة بعد الجفاء، قال تعالى: (لا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) وكان المسلمون الأوائل يقابلون الإساءة بالإحسان راجين من الله التوبة والغفران، وروي أن ابن مسعود رضى الله عنه أنه سرق اللصوص نقوده، فجعل الناس يلعنون السارق ، فنهاهم عن ذلك ورفع يديه إلى السماء وقال ( اللهم إن كنت تعلم أن الذي سرق نقودي في حاجة إليها فبارك له فيها ، وإن كنت تعلم أنه في غير حاجة إليها فاجعلها آخر معصية له ).

فهكذا يجب علينا المسامحه والمحبه ولنعلم أن الحب في الإسلام دين، والحب في الإسلام طاعة، الحب في الإسلام عبادة وإيمان لكن عن أي حب تسأل؟ إن كنت تسأل عن حب موهوم وعن علاقة تجمع بين الرجل والمرأة أو بين الشاب والفتاة فهذا قطعًا لا يجوز، وهذا قطعًا حرام.

واسمع إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن أهل المحبة في الله هم أهل النجاة يوم القيامة، فيقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله”، قال: “ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه”.

سيظلهم ربي في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ثم جاء من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغ عن رب العزة تبارك وتعالى أنه يقول: “يوم القيامة أين المتحابون في جلالي؟ اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي”، فيستظلون في ظل العرش على منابر من نور.

وحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء الذين يحبون في الله عز وجل هم أهل الله وأولياء الله فيما رواه سيدنا عمر وسيدنا أبو هريرة وابن عمر من طرق كثيرة يقول: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا وفي رواية ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن من عباد الله أناس ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمنزلتهم من الله يوم القيامة ” قيل من هؤلاء ، قال هم المتحابون فى الله ” …

فيجب على المسلم أن يكون سمح في أخلاقه وتعاملاته فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى” رواه لبخاري ..

ومن كان سمحًا هينًا لينًا سهلًا حرَّم الله عز وجل عليه النار، فعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار؟” قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “على كل هين لين قريب سهل” رواه ابن حبان.

وهو كذلك أكمل المؤمنين إيمانًا، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا، الموطئون أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون، وليس منا من لا يألف ولا يؤلف” رواه الطبراني .

ولقد كان منهج الإسلام صريحًا وواضحًا في مواجهة العنف ، فلقد نبذ العنف بجميع أشكاله وألوانه ، وحث المسلمين على الابتعاد عن كل ما يؤدي إلى العنف واستخدام القوة وبيَّن لهم العقوبة التي يستحقها من قام بالعنف فقال تعالى: ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ “.

كما أكد الإسلام حرمة الدم البشري ، فحرم سفكه إلا بالحق ، قال تعالى: ” وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ” وعظم من حرمة النفس البشرية ومن وزر الاعتداء عليها فعد النفوس كلها واحدة ، فمن اعتدى على إحداها فكأنما اعتدى عليها جميعًا ، لأنه اعتداء على حق الحياة ، ومن قدم لإحداها خيرًا فكأنما قدم الخير للإنسانية بأسرها، فقال تعالى : “مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ” .

والسماحة والمساهلة والتيسير على خلق الله عز وجل سبب في عفو الله عن العبد وتجاوزه عنه، فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: “كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه، لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه”(متفق عليه)، أقول: حتى ولو لم يكن له من الخير قط إلا أنه كان يسهل على المعسر فإن ذلك حري “وحده” أن يجلب له صفح الله وعفوه عنه .

وفى رواية أخرى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن رجلًا لم يعمل خيرًا قط، وكان يداين الناس، فيقول لرسوله: خذ ما تيسر، واترك ما عسر وتجاوز، لعل الله عز وجل أن يتجاوز عنا، فلما هلك قال الله عز وجل له: “هل عملت خيرًا قط؟ قال: لا، إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين الناس، فإذا بعثته ليتقاضى قلت له: خذ ما تيسر، واترك ما عسر، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، قال الله عز وجل قد تجاوزت عنك”.

وإن دائرة التسامح في الإسلام لتتسع حتى تشمل غير المسلمين بل والأعداء المحاربين، فها هي السيده عائشة رضى الله عنها تحدث فتقول: قلت: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: “لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم”، قال: “فناداني ملك الجبال وسلم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين”، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا” .متفق عليه.

والإسلام رسالة خير وسلام ورحمة للبشرية كلها، دعا إلى التراحم، وجعل الرحمة من دلائل كمال الإيمان، فالمسلم يلقى الناس وفي قلبه عطفٌ مدخور، وبرّ مكنون، يوسع لهم، ويخفف عنهم، ويواسيهم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي أنه قال: ” لن تؤمنوا حتى تراحموا ” قالوا: يا رسول الله، كلنا رحيم، قال: ” إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة ” رواه الطبراني.

وليس المطلوب قصر الرحمة على من تعرف من قريب أو صديق، ولكنها رحمة عامة تسع العامة كلهم، وأحاديث رسول الله تُبرز هذه العموم في إسداء الرحمة، والحث على إفشائها وانتشارها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يرحم الله من لا يرحم الناس “

متفق عليه

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر ” من لا يرحم لا يُرحم ” يقول ابن بطال رحمه الله: ” في هذا الحديث الحضّ على استعمال الرحمة للخلق، فيدخل المؤمن والكافر، والبهائم المملوك فيها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام والمساعدة في الحمل وترك التعدي بالضر” فتعالوا بنا الى التسامح والتراحم فيما بيننا فهذه هى دعوه الى التسامح . محمد الدكرورى

دعوه الى التسامح والمغفرة
دعوه الى التسامح والمغفرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى