حديث “رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار” لا يصح!
كتب: المستشار/ هشام فاروق
عضو شرف نقابة القراء
ورئيس محكمة استئناف الإسكندرية.
هناك أحاديث كثيرة يتداولها الناس وتشتهر على الألسنة رغم
أنها لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يصح
إسنادها…ومن ثم لا يصح أن يرويها المرء على أن النبي صلى
الله عليه وسلم قالها ؛ ولا أن يستند إليها وحدها في حكم
شرعي! ومن هذه الأحاديث غير الصحيحة حديث خطبة النبي
صلى الله عليه وسلم عن شهر رمضان وأن أوله رحمة وأوسطه
مغفرة وآخره عتق من النار…
هذا الحديث غير صحيح متنا ولا سندا…
فأما عن عدم صحته متنا (من حيث معناه):فرمضان كله من
أوله إلى آخره فيه رحمة ومغفرة وعتق من النار ؛ ولا تقتصر
الرحمة على أول عشر أيام فيه ولا تقتصر المغفرة على العشرة أ
يام الوسطى منه ؛ كما لا يقتصر العتق من النار على آخر عشرة
أيام منه! فهل الله تعالى لا يغفر لعباده في أول الشهر ويؤجلهم
إلى أيام المغفرة في أوسطه؟! وهل الرب تبارك وتعالى لا يرحم
عباده إلا في أول الشهر فقط ولا يرحمهم في أوسطه ولا
آخره؟! وهل لا يعتق من النار إلا في آخر الشهر فقط؟! فمن
عمل صالحا أو مات على عمل صالح في أول الشهر أو أوسطه لا
يُعتق من النار لأنها ليست أيام العتق من النار؟! كلا…وحاشا لله
تعالى! فمعنى الحديث باطل! ومن المؤسف أن علماء ومذيعين
كبار وغيرهم يرددون كل يوم من أيام رمضان هذا العام
والأعوام السابقة هذا الحديث غير الصحيح ويقولون:نحن في
أيام الرحمة! نحن في أيام المغفرة! نحن في أيام العتق من
النار! دون أن يكلف أحدهم نفسه بالبحث عما إذا كان الحديث
صحيحا من عدمه…ولقد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من
الكذب عليه ؛ فقال في الحديث الصحيح المتواتر:”لَا تَكْذِبُوا
عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجْ النَّارَ”(متفق عليه)…
وأما عن عدم صحته سندا (من حيث سلسلة رواته) فأنقل لكم
أقوال علماء الحديث المتقدمين والمتأخرين فيه ، وهم أهل
الاختصاص! أهل الذكر الذين أُمرنا بالرجوع إليهم!:
* قال المنذري في”الترغيب والترهيب”(2/115):في إسناده عليّ بن زيد بن جدعان ، وهو ضعيف…
* وقال الدمياطي في”المتجر الرابح”(133):فيه علي بن زيد بن جدعان. والجمهور على تضعيف عليّ هذا…
* وقال ابن حجر العسقلاني في”إتحاف المهرة”(5/560):من طرق:عن عليّ بن حجر ، ومن طريق أخرى:عن عبد الله بن بكر السهمي. والأول أتم ومداره على عليّ بن زيد وهو ضعيف ، وأما يوسف بن زياد فضعيف جدا ، وأما إياس بن عبد الغفار فما عرفته…
* وقال العيني في”عمدة القاري”(10/383):لا يصح إسناده…
* وقال السخاوي في”المقاصد الحسنة”(495):ضعيف…
* وقال العجلوني في”كشف الخفاء”(2/352):ضعيف…
* وقال الضياء المقدسي في”السنن والأحكام”(3/400):فيه عليّ بن زيد بن جدعان تكلم فيه جماعة من العلماء…
* وقال ابن عدي في”الكامل في الضعفاء”(6/512):فيه أبو وهب عبد العزيز بن عبد الله عامة ما يرويه لا يُتابعه عليه الثقات…
* وقال الألباني في”السلسلة الضعيفة”(871) ؛ وفي”ضعيف الترغيب”(589 و 654):مُنكر ؛ وقال في”تخريج مشكاة المصابيح”(1906):إسناده ضعيف جداً…
إذن فالحديث مُنكر سندا ومتنا…ضعيف جدا…لا يصح! ولا
تصح روايته على أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله! ولا يصلح للعمل به في فضائل الأعمال ولا غيرها!
ألا فليحذر الناس من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم!
زر الذهاب إلى الأعلى