تأملات في ديوان"طوارئ على حدود القلب" للشاعرة الجزائرية "رشا رشيدة دريش "
تأملات في ديوان”طوارئ على حدود القلب” للشاعرة الجزائرية “رشا رشيدة دريش “
بقلم االأديب/ فاروق الحضري
عندما تمعن النظر في قراءة هذا الديوان ؛ تجد نفسك أمام صوت من الأصوات الشعرية له عالمه الخاص ومفرداته المتعددة المختارة بدقة وعناية ليصوغ بها إبداعه ، والشاعرة الجزائرية ” رشا رشيدة دريش” واسعة الاطلاع والثقافة تستلهم إبداعها من من ثقافة القدماء والمحدثين كالنحلة التي تمتص الرحيق فتخرجه عسلا وفي كتاباتها تجعلك تشاركها جمال الإبداع وروعة الفكر والتعبير بإحساس عميق وقد قال السيوطي :”البلاغة : إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من صور اللفظ” ، وقال الجاحظ : ” الكلمة إذا خرجت من القلب استقرت في القلب وإذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان” ، والشاعرة كغيرها من المبدعين تتطلع الي عالم أفضل تنشد فيه معالم الحق والعدل والحب والخير والجمال فتارة تبهرك بإيجازها لتقول لك كما قال القدماء ” البلاغة هي الإيجاز ، ومطابقة الكلام لمقتضى الحال” كقصيدة ( أنا وآدم )حيث تقول :
” عندما أحببتك سيدي
أعلنت الأمم المتحدة
اليوم العالمي للحب
ووضع كل جندي سلاحه
وأعلن العالم ميلاد قطب جديد”
؛ وأخري تطوف بك في الإسهاب لتقول لك إن كل زيادة في المبنى تؤدي إلى زيادة في المعنى كقصيدة ( لاترحل صديقي) تلك التي تقول فيها:
” ما أصعب الرحيل
ما أقساه !
القلب يتوقف عن الخفقان
الشبر كأنه أميال
……… …….”
وفي أغلب قصائد الديوان تجد أن الشاعرة صاغت شعرها بفكر بسيط واضح ، واستخدمت عبارات سلسة بلغة يسيرة الألفاظ سهلت علي القارئ فهم محتوى القصائد ومضمونها
فجاءت الألفاظ واضحة بعيدة عن الغرابة والتعقيد ليس فيها تنافر أو غرابة والصورة الشعرية في أغلب القصائد والمقطوعات” كلية” ، رسمت فيها الشاعرة لوحة فنية متعددة العناصر ” الصوت ، واللون ، والحركة ” ، و “جزئية ” حيث : ” الاستعارة ، والكناية ، والتشبيه والمجاز المرسل” ، وقد اعتمدت الشاعرة في ديوانها على موسيقى الكلمات حيث الانسجام الصوتي بين الجمل والألفاظ ، واتضح في إبداعها البناء العضوي “الوحدة العضوية” كوحدة الموضوع ، ووحدة الجو النفسي ، والشاعرة علي صلة وثيقة بالقراءة المتعمقة لصفوة الشعراء ويظهر ذلك في ذكر بعضهم في كتاباتها مثل ” المتنبي وعنترة وشوقي ونزار قباني وغيرهم ” وقد لجأت الشاعرة الي إلى التراث باستخدام الأسطورة كعشتار وغيرها كرمز يعبر عما في داخلها لذلك كان الوجدان عند الشاعرة متدفقا في تجربة شعورية وعاطفة قوية للحب عند المرأة العصرية الذي يكاد يختفي في عصر طغت فيه الماديات .
**الأديب / فاروق الحضري شاعر من شعراء جمهورية مصر العربية.