بعض من الرأفة كثير من الحزم
د. مها أباظة تكتب :
لم يجعل الله لمخلوق سلطة على مخلوق آخر، و بعض القسوة في كثير من الأمور تجعلك خاسرا بل خاسرا كبيرا.. و غالبية الأمور الكبيرة لا تعالج بالوقود و النار و لا بالضجيج او الكذب او اختلاق الأعذار، بل تعالج بالحكمة و الانتظار إلى ان تتضح الحقائق ، بعض الأحيان نضطر فيها إلى استخدام الحزم، لكن الفرق كبير جدا بينه و بين القسوة.. فالقسوة هي انقضاض على الأرواح و غمسها في الحزن و الإحباط، هي أشواك تجرح غيرك عند الاقتراب منك، و قد أخفقت كل السبل التي استخدمت القسوة في حل الأزمات.. جرب ان تزرع الخير و السكينة في قلوب من حولك و ننتظر حتي ينبت الزرع و لو بعد حين، فلابد ان تطرح الأرض بعد الزرع ، و أرض الخير لا تطرح إلا ثمار طيبة.. انظروا إلى بعض الأراضي التي تنمو فيها بعض الحشائش الضارة، و دققوا النظر، ستجدون زهرة يانعة على رأس الحشائش تظهر كدوار شمس لتضفي عذوبة و جمال على المكان، تقبلوا غيركم بطيب خاطر.. بوعي.. بفهم.. تقبلوا الرأي الآخر دون تكبر و دون إصرار و ديكتاتورية.. إرسموا الابتسامة على وجه كل حزين فمنها ينبع الحنان و يسدل الستار على منافذ الشيطان.. ليس ضعفا ان تكون نقيا طاهر القلب و النية.. ليس ضعفا ان تبتسم للعتمة حتى ينقشع الظلام، ان تمد يدك للضعيف ليقوى بك فيكتب لك خير الجزاء عند الله بل هو منتهى القوة ان تكون قادرا على الدمار، على الغضب، على الثورة، على الانتقام، على الفساد، على فعل الخطأ، على تنثر الغبار في وجوه من حولك، و تقود نفسك نحو الأفضل..
نحو الأصح .. ليس من الخطأ او الضعف ان تكون فقيرا فتضع كسرة من الخبز القديم على موقد من الحطب لتستمتع بطعمه لذيذا محمصا لأنك لا تملك إلا هو ..
لقد حولت بعقلك وحكمتك كسرة الخبز التالفة إلى لقيمة لذيذة استمتعت بها أنت في النهاية.. ليس عيبا ان تكون محملا بالهموم و تدرك ان غيرك الكثير مثلك لكنه لا يبوح بذلك فتبتسم ليبتسم معك من في الجوار.. ليس عيبا ان تغلق نوافذ الليل المظلمة
و نوافذ الشيطان و الغضب و برد الأفكار التي تأتي بالريح العاتية، و تطفئ عود الثقاب المشتعل و تفتح نوافذ الغفران و القوة و تتكئ على رفوف التسامح لتحيك مشاعرا نبيلة ينتعش بها القلب.. بعض من الرأفة تنجي من الموت..
و كثير من الحزم في قيادة نفسك من الهوى يجعل المراكب تنجو من الغرق.. و أخيراً بسم الله الرحمن الرحيم ((الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الألْبَابِ)[28].
زر الذهاب إلى الأعلى