بركات العلم وأهله
بقلم / محمــــــــد الدكـــــــرورى
العلم هو ذلك النور الذى يضئ لنا الطريق وهو الشعاع الذى يدخل علينا فنبصر من خلاله على أمور الدنيا التى تعيننا على أمور الاخره وهو الطريق الذى يعرفنا الى طريق الله عز وجل والعلم هو طريق الى الجنة ونعيمها في الدنيا والآخرة ومع ذلك فإن مجالس العلم مظنات السكينة والرحمة وتنزلات الملائكة …
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( مَن نفَّسَ عن مُسلمٍ كُربةً من كرَبِ الدُّنيا، نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن سترَ مسلِمًا سترَهُ اللَّهُ في الدُّنيا والآخرةِ، ومَن يسَّرَ على مُعسرٍ يسَّرَ اللَّهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ، واللَّهُ في عونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيهِ، ومَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ، وما اجتمعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ، يَتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويَتدارسونَهُ بينَهُم، إلَّا حفَّتهمُ الملائِكَةُ، ونزَلت عليهمُ السَّكينةُ، وغشيتهمُ الرَّحمةُ، وذَكَرَهُمُ اللَّهُ فيمن عندَهُ، ومن أبطأَ بِهِ عملُهُ لم يُسرِعْ بِهِ نسبُهُ )) رواه ابن ماجه
وعن صفوان بن عسالٍ رضي الله تعالى عنه قال: (( أتيتُ النبيَّ و هو في المسجدِ مُتَّكيءٌ على بُرْدٍ له أحمرَ، فقلتُ له: يا رسولَ اللهِ ! إني جئتُ أَطلبُ العلمَ، فقال: مرحبًا بطالبِ العلمِ، إنَّ طالبَ العلمِ تحفُّه الملائكةُ وتُظلُّه بأجنحَتِها، ثم يركبُ بعضُهم بعضًا حتى يبلغوا السماءَ الدُّنيا من محبَّتِهم لما يَطلبُ ))
والعالم الصالح مقدمٌ في أبواب الفضل على العابد كما جاءت بذلك الأحاديث، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (( … وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب… ))
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ” لَمَوْتُ أَلْفِ عَابِدٍ قَائِمٍ اللَّيْلَ صَائِمٍ النَّهَارَ أَهْوَنُ مِنْ مَوْتِ الْعَاقِلِ الْبَصِيرِ بِحَلالِ اللَّهِ وَحَرَامِهِ ”
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ قَالُوا لإِبْلِيسَ: يَا سَيِّدَنَا مَا لَنَا نَرَاكَ تَفْرَحُ بِمَوْتِ الْعَالِمِ مَا لا تَفْرَحُ بِمَوْتِ الْعَابِدِ؟ فَقَالَ: انْطَلِقُوا، فَانْطَلَقُوا إِلَى عَابِدٍ قَائِمٍ يُصَلِّي، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَكَ، فَانْصَرَفَ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَ الدُّنْيَا فِي جَوْفِ بَيْضَةٍ؟
فَقَالَ: لا، فَقَالَ: أَتَرَوْنَهُ؟ كَفَرَ فِي سَاعَةٍ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى عَالِمٍ فِي حَلْقَةٍ، يُضَاحِكُ أَصْحَابَهُ وَيُحَدِّثُهُمْ، فَقَالَ: أَنَا نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَكَ، فَقَالَ:سَلْ، فَقَالَ: هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَ الدُّنْيَا فِي جَوْفِ بَيْضَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: يَقُولُ لِذَلِكَ إِذَا أَرَادَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، قَالَ إِبْلِيسُ: أَتَرَوْنَ ذَلِكَ؟ لا يَعْدُو نَفْسَهُ، وَهَذَا يُفْسِدُ عَلَيَّ عَالَمًا كَثِيرًا ..
وحتى بعد الموت تنال بركاتُ العلم أهله فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (( إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ.أو علمٍ ينتفعُ به. أو ولدٍ صالحٍ يدعو له )) ….
وكان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه قال أحد أصحابه: كنتُ جالسًا عند أبي الدَّرداءِ في مَسجدِ دِمشقَ، فأتاه رجلٌ فقال: يا أبا الدَّرداءِ، أتيتُكَ من المدينةِ، مدينةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؛ لحديثٍ بَلَغني أنَّك تُحدِّثُ به عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
قال: فما جاء بك تِجارةٌ؟ قال: لا قال: ولا جاء بك غيرُه؟ قال: لا قال: فإني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض، حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء إنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دِينارًا ولا دِرهمًا، إنَّما ورَّثوا العِلْمَ، فمَن أخَذَه أخَذَ بحظٍّ وافرٍ …
وابن عباس حبر الأمة يطلب العلم من غيره ويمشي إليه في ظروفٍ قاسيةٍ، قال عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين: لمَّا قُبِضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قلْتُ لرجلٍ هَلُمَّ فَلِنَتَعَلَّمَ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإنَّهم كثيرٌ فقال العَجَبُ واللهِ لك يا ابنَ عبَّاس أترى النَّاسَ يحتاجون إليك وفي النَّاسِ مَن ترى مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
فركِبْتُ ذلك وأقبَلْتُ على المسألةِ وتتبُّعِ أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإنْ كنْتُ لآتي الرَّجلَ في الحديثِ يَبْلُغُني أنَّه سمِعَه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأجِدُه قائِلًا فأتوسَّدُ رِدائي على بابِ دارِه تَسفي الرِّياحُ على وجهي حتَّى يخرُجَ إليَّ فإذا رآني
قال يا ابنَ عمِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما لك قلْتُ حديثٌ بلَغَني أنَّك تحدِّثُه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأحبَبْتُ أن أسمَعَه منك فيقولُ هلَّا أرسَلْتَ إليَّ فآتيَك فأقولُ أنا كنْتُ أحقَّ أن آتيَك وكان ذلك الرَّجلُ يراني فذهَب أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد احتاج النَّاسُ إليَّ فيقولُ أنت أعلمُ منِّي ..
.