برج بيزا المائل وكشف غموض يعتريه فماهو
كتبت د/ نجلاء كثير
الشرقية
أكد علماء (أخيرا) أن هوية مصمم برج بيزا المائل تعود إلى المهندس المعماري من القرن الثاني عشر، بونانو بيسانو.
واعتُقد منذ فترة طويلة أنه العقل المدبر للمشروع، الذي أصبح الآن أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، ولكن العديد من الأشخاص الآخرين قالوا عكس ذلك على مر القرون.
وحلل العلماء الإيطاليون نقشا حجريا اكتُشف لأول مرة في عام 1838، في قاعدة البرج، وادعوا أنه يثبت (دون أدنى شك) أن بونانو كان المهندس المعماري. ويكشف أيضا أن بونانو كان فخورا في البداية بـ”عمله الرائع”، ولكنه شعر بالخزي عندما بدأ الميلان، حيث تراجع البرج إلى زاوية غير مستقرة بعد 5 سنوات فقط من بدء العمل، ودُفنت “صلته” بالمشروع- حرفيا.
وكان جورجيو فارساي، وهو كاتب سير ذاتية من القرن السادس عشر لفناني عصر النهضة الذي كان رساما ومعماريا وكاتبا أيضا، أول من توقع أن يكون بونانو المهندس المعماري للمشروع.
ولكن حياته الغامضة وغير الموثقة نسبيا، أطلقت نظريات مفادها أن آخرين، بمن فيهم المهندسان المعماريان: جيراردو دي جيراردو وجيوفاني دي سيمون، كانا وراء المشروع.
وفي الدراسة، حلّلت جوليا أمّاناتي، وهي خبيرة لاتينية من جامعة بيزا المرموقة Scuola Normale Superiore، النقش الحجري. وعند اكتشافه لأول مرة منذ زهاء 200 عام، اعتُقد أنه جاء من تابوت بونانو.
ولكن التحليل الدقيق قلّل من هذا الاحتمال، لأن الحروف المنحوتة كانت طويلة للغاية، مع سطرين آخرين من النثر يشيران إلى أن هناك لغزا محيرا.
وكانت الكتابة اللاتينية، التي حُجبت على مدار 800 عام منذ إنشاء البرج بسبب التعرية، باهتة للغاية.
وبالإضافة إلى اسمه الكامل على اللوح الحجري، يقول النقش الكامل “Mìrificùm qui cèrtus opùs condéns statui ùnum, Pìsanùs civìs Bonànnus nòmine dìcor”، الذي يُترجم إلى: “أنا، الذي أقام هذا العمل الرائع بلا شك، قبل كل شيء، مواطن من بيزا باسم بونانو”.
وفي حديثها قالت أمّاناتي، الخبيرة في دراسة الحفريات القديمة، إن كلمة واحدة على وجه الخصوص تكشف عن مدى فخر المهندس الطموح بعمله: الصفة “cèrtus” “التأكيد بلا شك”، التي تُعرب عن اعتزازه بكونه المهندس المعماري.
وقبل إنجازه المذهل، اشتُهر بونانو بعمله في نحت الأبواب البرونزية لكاتدرائية بيزا.
ومنذ ميلان البرج، خضع لأعمال الترميم لتعزيز أسسه وتثبيته في مكانه. ولم تكن المشكلة في البرج نفسه، ولكن في الأساس الذي بُني عليه، الذي لا يتجاوز عمقه 3 أمتار، وبسبب الأرض الرطبة تحته.
ونتيجة لذلك، تم التخلي عن المشروع وتُرك البرج غير مكتمل البناء لأكثر من 100 عام، أي إلى ما بعد وفاة بونانو في عام 1200، الذي لم ير أبدا مشروعه يتحول إلى كنز وطني ورمز دولي، هو عليه اليوم.
وضم اليونسكو برج بيزا المائل إلى مواقع التراث العالمي المرموقة في عام 1987، ومنذ ذلك الحين، تأكدت منظمة الأمم المتحدة من أنه لن يسقط أبدا، حيث وُضعت خطة معقدة وحذرة لتحقيق الاستقرار في البرج، والتأكد من أنه لن يسقط على الأرض.