بقلم / خالد البليسى
لو كُنتَ تتعامَلُ مع وَقتِك كَأنّهُ شيءٌ ثمينٌ جدًا لَكانت حَياتُك مُختلفةً جدًا ..
إنّه أعزُّ مفقودٍ لو تأملت ولكنَّه أهون مَوجُود بالنّسبةِ لك،وهنا كان يكمُن الفرق!
من تعامل مع وقتهِ علىٰ أنّه حياتهُ تغيّرت حياته وغيّر حياة أشخاصٍ آخرين لأنّه بات مُلهمًا،ومُرشدًا لهم في استِهلاك هَـٰذه النّعمةِ العظيمَة،فهو مِثلُهم تمامًا لا يزيدُ علىٰ أعمارهم شيئًا ولكنّه علَم كَيف يُفرّغ وقته فِي أوعيةِ الإنجازات بدل ضياعه في متاهَات الفَراغ.
ابن سينَا قال قولاً جميلًا وعمِلَ بهِ-وإن كُنت أتحفّظ علىٰ كثيرٍ من المُغالطَات في حَياته-ولكنّه ترك اسمهُ عالقًا في رفُوف الكُتب في مجالاتٍ عدّة وكان قد شَغل وقته منذُ طفولته حتّىٰ تمّ لهُ ذلك وفيها قال:
“أنّه يُحبُّ الحَياةَ عريضَة قَصيرة,ولاَ يَحُبهَـا ضَيقَة طَويلة.”وقد مات فـي السّادسة والخمسينَ من عمرهِ،وكان لهُ ما أراد=حياةٌ عريضة قصيرة!.
ولا سبيل لجعلِ حياتك عريضَة إلاّ أن تملأ سَاعاتهَا بمَا ينفع،وبمَا يجعلُك أكثر اتسَاعًا في الأفُق وأبعد نظرًا فِي الأمور وأكثر عُمقًا فِي التّفكير والشّعور ..
دقائقك ساعة وساعاتُك يوم وأيامُك شهور وشُهورك سنوات وأنتَ عدد بدء يومًا ما وسينتهِـي في يومٍ ما.
ولا سبيل لإنجاز إيّ شيءٍ إلا بتصريفِ وقتك في سبيل ذلك الشّيء ..وتصريف وقتك أي تصريف نَفسك له،..فوقتك=أنت.
و قد قال ابن القيم-رحمه الله تعالى-:
“وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة،وهو مادةُ حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة عيشه الضنك في العذاب الأليم،وهو يمر مر السحابِ؛فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره،وغير ذلك ليس محسوبًا من حياته،وإن عاش فيه عيش البهائم،فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة،وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة،فموت هذا خير من حياته.” (الجواب الكافي ).
ونبضُ قلبِك يُذكّرك بذلك دومًا وإلىٰ آخر لحظةٍ في حياتك ..
دقَّاتُ قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثوان
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثان
حاول أن لا تصمّ عنه وأنصت لهُ جيدًا.
زر الذهاب إلى الأعلى