كتب / خالد البليسي
يُرجِع كثيرٌ من العلماء السببَ في تماسُك المجتمع الإسلامي ، وانتصاره على الغزاة في مراحل الضعف التاريخي التي مر بها العالم الإسلامي – إلى المرأة_المسلمة ، وتمسُّكها بدينها وعقيدتها الإسلامية.
بل إن كثيرًا من كبار رجال الإسلام والحاملين دعوتَه إنما هم من غرس أمهاتهم.ولقد أدرك ذلك أعداءُ الإسلام ؛ ومن ثَم فقد حرَصوا على تغيير توجُّهات المرأة المسلمة ، وإفساد هُويتها الإسلامية.
يذكر العلماء أن الاستعمار الفرنسي لما دخل الجزائر ، وجد مقاومةً شديدة من الشعب الجزائري، ووقفوا في حيرة ماذا يفعلون؟ فهداهم تفكيرُهم إلى الاستعانة بأحد أساتذة الاجتماع في فرنسا ، ويدعى روجيه مونييه ، وطلبوا منه أن يجد لهم حلاًّ وطريقةً يتمُّ من خلالها القضاءُ على المقاومة الجزائرية ، فغاب الرجل فترة متنقلاً بين شرائح المجتمع الجزائري ، ثم قال لهم : المرأة الجزائرية ، فقالوا له: سألناك عن طريقة تجدها للقضاء على المقاومة ، ولم نسألك عن النساء ، فقال لهم روجيه مونييه :
المرأة الجزائرية هي السبب الرئيس في المقاومة التي تجدونها ؛ فهي ترضع طفلها مع لبن ثديها حبَّ الإسلام ، والتضحية من أجله ، والجهاد في سبيل الله ، فإذا أردتم أن تقضوا على هؤلاء الناس ، فعليكم إفساد هذه الأم ، اجعلوها تفكر في أشياء أخرى ، اخلقوا التناقض بينها وبين الرجل.
️وهذا ما فعله أعداء الإسلام ، ولعل ما نراه من ابتعاد أكثر شباب المسلمين عن التطلُّع إلى معالي الأمور، هو نتيجة انصراف الأم عن مهمتها الإسلامية في بيتها.
️فأين المرأة المسلمة المعاصرة من أم سفيان الثوري التي تقول لابنها: يا بني ، اطلب العلم ، وأنا أعولك بمغزلي؟!
أو أين هذه الأم المعاصرة التي ربما توجِّه أبناءها إلى اتخاذ طرق الشهرة الزائفة من غناء ، وتمثيل ، وغيره ، من أم الإمام مالك التي يقول عنها الإمام مالك : “نشأتُ وأنا غلام فأعجبني الأخذ عن المغنين، فقالتْ أمي: يا بني ، إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه ، فدَعِ الغناء واطلب الفقه ، فتركتُ المغنين واتبعت الفقهاء ، فبلغ الله بي ما ترى”؟!
يا لها من أم فاضلة صرفتِ ابنَها بأسلوب مهذب من التوجُّه إلى سفاسف الأمور ، وجعلته يتوجَّه إلى معاليها ! ثم لا تدعه عند هذا الحد؛ بل تختار له المعلم، فتقول له: “اذهب إلى ربيعة بن أبي عبدالرحمن فتعلم من أدبه قبل علمه”، فكم من الأمهات تجد ولدَها يتَّجه إلى هذا المجالِ الفاسد ، فتدَعه ولا تبالي بنصحه ؛ بل ربما شجعتْه على سلوك هذا الطريق!
إن كثيرًا من الأمهات المسلمات كنَّ بأخلاقهن الفاضلة بمثابة الموجِّه الأول لأبنائهن ؛ كي يكون لهم بعد ذلك أعظم الدور في تاريخ الإسلام.
زر الذهاب إلى الأعلى