أدب

اللحظات الأخيرة قبل الغليان

قصة قصيرة بقلم/ ياسر عامر
غرفة مظلمة لا إضاءة بها سوى بصيص من ضوء هزيل لا يُعرف مصدره لا تكاد ترى يدك رغم وجود نافذة بالحجرة وباب كبير يعبر خلاله من غرفة النوم الي التراث لا يدخل الغرفة ضوء من الخارج.
ليلة غير مقمرة ولا تتسلل للإضاءة من فتحات النافذة أو الباب .
حتي أضواء المصابيح التي تعتلي الأعمدة لا تتسرب كعادتها.
فهذه الليلة غريبة أيكون التيار الكهربائي مقطوع؟!!.
ولكن أين أضواء مصابيح السيارات التي تعبر بين اللحظة والأخرى هل انقطع مرورها أيضاً ؟
شيء مريب يحدث هذه الليلة .
أنفاس ساخنة تلهب وجهه يلتفت يميناً ويساراً خائفاً مرتبكاً يتمنى الا يرى ما يتوقعه، اصوات غريبة مختلطة عينيه مفتوحة مشدوهة لكنه لا يرى وكيف للعين ان تبصر بلا ضوء؟
العين لا تبصر إلا في وجود الضوء حتى وهي مفتوحة ومتسعة! هكذا فقدت العين وظيفتها في هذه الأجواء المرعبة ، حاول ان يستخدم حواسه الأربعة الأخرى بعد أن استثني عينه في الرؤية أحس أنه فقد حاسة الشم ولا مجال هنا للتذوق، حاول أن يستخدم صوته في سؤال عبثي يطمئن نفسه كما يشاهد في الأفلام الأجنبي ” أني بدي هير؟ ” ” هل يوجد أحد هنا؟ “ولكنه لم يستطع الكلام.
صوته بداخله فقط يسمعه بحواسه الأخرى حتى الحشرجة لم يقدر عليها. الباقية لديه حالياً الحاسة الوحيدة هي السمع … لا يسمع الا صوت دقات قلبه تتسارع وتتسابق كأنها تجري هي الأخرى خائفة مرتبكة خائفة من شيء ما سيحدث ، بدأ يسمع صرير أسنانه …. بل بدأ يسمع أيضا أصوات ارتعاده بدي لخوفه أصوات تسمع لأول مرة… بدأ يتساءل مندهشاً أين الضوضاء ؟
أين الأصوات المزعجة؟
لعلها كانت نعمة وفقدتها اين اصوات الباعة الجائلين؟
أين أصوات الأطفال في الشوارع؟
أين أصوات البعوض التي عادة ما تحوم محلقة بين هبوط واقلاع تزعج النائم بطنها المزعج إذا لم تزعجه بثقبها لجلده لتقتات من دمه؟
كم هو يحن الآن لصرير صراصير الليل السوداء، حاول أن يحرك أجزاء جسده ولكنه لا يستطيع وكأن الجاثوم قد أحاط بجسده كاملاً.
حتى ذلك أيقن أنه ميت في القبر … ولكن هل يحس الميت ويشعر بالخوف ويسمع دقات قلبه؟
أين أنا نادي وصرخ صراخ لا يسمعه الا بداخله …. سمع صوت ضعيف هزيل ينبعث من مكان غير معروف كأنه يأتي من بعيد صوت متردد يبدو خائفاً هو الآخر … صوت ينادي في الظلمات ويستغيث حاول يائساً ان يعرف مصدره رغم خوفه.
أراد ان يستأنس بهذا الصوت الخفي من أين يأتي هذا الصوت ؟
ولما يستغيث؟!!!!
بدأ الصوت يقترب رويداً رويداً يبدو أنه لن يؤنسه ولكنه يرعبه يؤرقه بدأ يظهر شبح .
خيال انسان في ركن الغرفة يتحرك ببطء شديد جداً من ركن إلى ركن.
يشير إليه يستغيث بدأ بصيص النور في الغرفة يختفي حتى أصبحت الغرفة مظلمة تماماً مع اقتراب الشبح والصوت رويداً رويداً ظلام غريب ليس الظلام لعدم وجود الضوء في الغرفة فقط لا بل ظلمات ثقيلة تضغط بثقلها على جسده النحيل ظلمات الخوف من المجهول وظلمات الضعف وظلمات أوجدها هذا الشيء عندما أتي وكأن هذا الظلام جبل أسود ثقيل من مادة سوداء مجهولة بدأ الصوت خائفاً مستتراً خلف حائط من الظلام صوت غير مألوف له و لكنه يعرفه، من هو؟ تمني أن يكون الصوت لشئ يعرفه ليشعره قليلا بأنه ليس وحيداً في هذا المكان الموحش غير مأهول بالسكان بدي الصوت كأنه يحادثه لكنه عجز أن يتجاوب معه أو يسمعه أو يفهمه فقد البصر وتبقى البصيرة لكنها مشوشة بدأ يسمع ببصيرته صراخ صمته وتمرده على عجزه وخوفه شعر بالذعر حتى وهو يحاول أن يستمع جيداً لصوت المجهول. بدي كأنه صوته أو صوت يشبه صوته صوت مختلط بدقات قلبه ودقات خوفه
ناداه اقترب مني كي اعرفك أقصد ألمسك أو اشتم رائحتك محاولاً أن اعلم شيئ عنك يقلل من خوفي أعلم ان المجهول أكثر رعباً من الحقيقة هكذا قال لنفسه محاولاً طمأنة نفسه .رد الصوت ببطء شديد ضعيف في حالتي أنا المجهول أفضل … في حالتي أنا معرفتك حقيقتي مميتة…
ارتعدت أواصره ولكنه قال في نفسه على الأقل تأكدت أني ما زلت علي قيد الحياة طالما أن هذا الصوت يقول ان الحقيقة مميتة، ولكنه ازداد رعباً.
بدا الصوت واثقاً من نفسه وحقيقته القاتلة البشعة المميتة
.. حاول تنظيم أنفاسه قبل أن يصاب بنوبة ذعر تقتله التشبث بالحياة مطلوب في اللحظات الأخيرة في الحياة .
إجابته المخيفة أطلقت لخياله صور بشعة لهذا الكيان غير المعلوم وهو يجلس معه في الظلام لا يفصل بينهما شيئاً، هل هو شخص مشوه؟ هل هو جن ؟ أم الشيطان ؟ أم كيان آخر أكثر رعباً؟!
كيف علم أنه صورته الحقيقة أكثر رعباً من المجهول؟
بدي الصوت وكأنه يعلم ما يدور بداخله مما زاده رعباً من الكيان ….. قال لا بل اريد ان استأنس بك ولكن اسلوبك في الحقيقة “يرعبني “
أنا……..تخاف مني ؟
من الحقيقة أخاف عليك “.
” قال الصوت أنت بذلك ترعبني أكثر … اذكر لي سبباً واحداً يجعلني لا أخافك
!! انا اعرف عنك كل شيئ حتي مشاعرك اعلم بها … كل ما يدور داخلك أعلمه ….. حتى ما تحلم به أعلمه . لا يعلم الغيب الا الله وانا اعلم انك لست الله ولا حتى ملكاً أنت شيطان ولكن الشيطان لا يعلم ما بداخلي فمن أنت؟
الكيان : أنا
شيطانك لوحدك أنا نفسك
. بدأ صوت يظهر ويزداد ضجيجاً صوت أزيز الطائرات المقاتلة بدأ الصوت يزداد إن صوت الضجيج الآن أصبح أكثر رعباً من الصمت اصبح في حيرة من أمره كان خائفاً مرتعداً لعدم وجود أصوات كان خائفاً من السكون أما الآن فهو خائفاً مرتعداً من الضجيج ما هذا الصوت أنه يقترب ويعلو الصوت وكلما اقترب ازداد ضجيجاً ورعباُ بدأت الجدران تهتز بدأ الأصوات تختلف رأي دخان أبيض بدأت الجدران كأنها خائفة مرتعبة وبدأ سقف الحجرة كأنه يسقط عليه بدأ العرق على جبينه رغم برودة الجو عرق الرعب لحظات صمت صمت صمت ثم فرقعة وفتح عينيه وجد كاتل “غلاية المياه ” يعطي شارة الانتهاء أفاق من غفلته التي مرت عليه كدهر وبدأ في صب المياه الساخن على الشاي في الكوب ويتنفس بخاره وبدأ يحتسي كوب الشاي ليعوض به جزء من خوفه وبرودة أجزائه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى