“الكيلو بـ50 قرشا” هكذا تراجعت أسعار البطاطس بشكل كبير هذه الأيام، ووصلت إلى حد أن المزارعين أنفسهم أصبحوا يلقون بالمحاصيل على قارعة الطريق نتيجة الخسائر الجمة التي تعرضوا لها بعدما وصل سعر الطن إلى 100 جنيه، والبعض الآخر سيحولها إلى علف للحيوانات، فما السر وراء ذلك الانخفاض الكبير.
قبل جائحة كوورنا كان سعر طن البطاطس قد وصل إلى 10 آلاف جنيه، إلا أنه منذ بدء تفشي الوباء في العديد من دول العالم وتطبيق سياسة الإغلاق ووقف حركة التصدير، بدأت أسعار البطاطس تتراجع تدريجيا حتى وصلت إلى مرحلة انهيار الأسعار.
وسجلت أسعار البطاطس، اليوم الثلاثاء، ما بين 70 قرشا إلى 150 قرشا للكيلو الواحد، وفي بعض الأسواق سجلت البطاطس 50 قرشا باختلاف حجمها وجودتها.
سبب انخفاض الأسعار
التراجع الكبير في أسعار البطاطس يرجعه خبراء الاقتصاد إلى سياسة الإغلاق التي اتبعتها مصر وغيرها من الدول بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي كان لها تأثيرا كبيرا على حركة التصدير، ومن ثم زيادة المعروض مقابل الطلب.
فمع سياسة الإغلاق أصبح المحصول متوافر بشكل كبير في الأسواق إلى حد ما يُعرف بـ”الإغراق”، وبالتالي انخفضت الأسعار حتى وصلت إلى مرحلة الانهيار بالنسبة للمزارعين، حيث وصل سعر الطن إلى 100 جنيه.
وبحسب حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، فإن هناك عدة أسباب وراء انهيار أسعار البطاطس، أبرزها وفرة المعروض من الثمار وضعف الطلب، وذلك بسبب انخفاض القوة الشرائية وارتفاع أسعار الطماطم.
وأضاف أبو صدام، في تصريحات صحفية، أن جائحة كورونا أدت إلى غلق معظم الفنادق والمطاعم، وتراجع إنتاج مصانع الشيبسي التي كانت تستهلك كميات كبيرة من المحصول، فضلا عن سياسة الإغلاق نتيجة جائحة كورونا، فكلها عوامل أدت إلى توافر المعروض مقابل الطلب، وبالتالي تراجع الأسعار.
ولفت نقيب الفلاحين إلى أن البطاطس تعد ثاني أكبر محصول يتم تصديره، وأحد أهم المحاصيل التي تلعب دورا في جلب العملة الصعبة، لذا يتم زراعتها طوال أيام العام، خاصة أنها تصلح في مختلف الأجواء المناخية.
استغاثات الفلاحين
ويحذر خبراء من عزوف المزارعين عن زراعة البطاطس في الموسم المقبل، لذا لابد من تدخل الدولة لحماية الأمن الغذائي لمصر، وحقوق المزارعين، حيث انتشرت مطالب للمزارعين للحكومة بالتدخل لدعمهم وتعويضهم عن خسائر العام الحالي.
ومن جانبه ناشد حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، الحكومة باتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لإخراج الفلاحين من أزمة انهيار أسعار البطاطس، مشيرا إلى أن المزارعين تعرضوا لخسائر كبيرة نتيجة انخفاض الأسعار.
ونوه أبو صدام إلى أن انهيار أسعار البطاطس يهدد المستقبل الزراعي للبطاطس وتقليص المساحات الزراعية منها مستقبلا، رغم أنها تعد أهم محصول في مصر بعد القمح والأزر، لافتا إلى أن أسعار البطاطس في الأسواق تعد أقل بنحو 50% عن سعر التكلفة.
وأوضح نقيب الفلاحين أن فدان البطاطس يكلف المزارع بين 20 إلى 25 ألفا إذا زرع بتقاوي بطاطس كسر محلي، مضيفا أن التكلفة تزيد إذا تمت الزراعة بتقاوي بطاطس مستورده، وذلك حسب النوع وسلامة الزراعة.
في السياق نفسه طالب حاتم النجيب، نائب رئيس غرفة الخضروات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية، الحكومة بالتدخل من خلال سياسات رشيدة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب لحماية مزارعي البطاطس لضمان الاستمرار في الإنتاج الزراعي الموسم المقبل.
وأشار النجيب، خلال تصريحات صحفية، إلى أن البطاطس تعرضت لأزمة كبيرة وإغراق بالأسواق نتيجة زيادة الانتاجية وعدم فتح أسواق جديدة لزيادة صادرات البطاطس، ما انعكس على تراجع الأسعار حتى وصلت الأسعار إلى 50 قرشا للكيلو.
حجم الصادرات
وبحسب تقرير صادر عن الإدارة المركزية للحجر الزراعي التابع لوزارة الزراعة في نوفمبر 2020، فإن صادرات مصر الزراعية من البطاطس سجلت 678230 طن منذ بداية العام وحتى 4 نوفمبر الماضي، مقارنة بـ688068 طن خلال الفترة المقابلة من العام الماضي.
ووفقا لتصريحات الدكتور أحمد العطار، مدير الإدارة المركزية للحجر الزراعي، فإن حجم الصادرات لم تنخفض سوى 10 آلاف طن فقط بما يعادل شحنة واحدة، وذلك بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأشار العطار، في تصريحات صحفية، إلى أن محصول البطاطس تعرض لأزمة عنيفة عالميا، نتيجة توقف حركة السياحة والمطاعم والفنادق والمدارس في جميع دول العالم، فضلا عن تأثير الأزمة على قدرة المصدرين المصريين على التحصيل المالي من المستوردين.
وفي السياق نفسه لفت نقيب عام الفلاحين إلى أن صادرات البطاطس لا تزال مستمرة رغم أزمة كورونا، إلا أن العائد من هذه الصادرات منخفض لتراجع قيمة معظم العملات المحلية للدول المستوردة للبطاطس المصرية، وارتفاع تكاليف التصدير وصعوبتها في ظل جائحة كورونا.
البطاطس “علف للحيوانات”
ومع الانخفاض الكبير في أسعار البطاطس وتوافرها بكثرة في الأسواق، يتجه بعض المزارعين بمحافظات الصعيد إلى تحويلها إلى أعلاف للحيوانات، فيما فاض الكيل بمزارعين آخرين حتى ألقوا بالمحصول في الشوارع كما حدث في إحدى قرى المنيا.
وبحسب الدكتور سمير النجار، رئيس جمعية رجال الأعمال الزراعيين، فإن زيادة خسائر محاصيل البطاطس تسبب في إعدام بعض الشحنات المصرية في الداخل والخارج، نتيجة زيادة المعروض بشكل كبير وانهيار الأسعار، مطالبا الدولة بالتدخل العاجل لإنقاذ المحصول.
واتجه بعض المزارعين في قرى المنيا التي تصدر البطاطس، إلى تحويل المحصول إلى أعلاف للحيوانات بعد تعرضهم لخسائر كبيرة نتيجة تراجع سعر الطن إلى 10 جنيه، في حين ألقى مزارعون آخرون بكميات كبيرة من المحصول على جانبي الطرق والمصارف بعد تراكم المحصول في ظل ضعف الطلب.
زر الذهاب إلى الأعلى