كتب محمود. النقر
الفهلوة احلى تماسى من ابو الفهلوة . الفهلوة بصريح العبارة كلمة فرعونية مشتقة من كلمة فارسية هي پهلڤي (و كانت اللغة الفارسية تكتب بحروف پهلڤية, أي فهلوية) وهي تطلق على من يتميّز بالشجاعة وسعة الحيلة , تعني التشاطر وسرعة الفهم و رد الفعل او سرعة البديهة , إستعملها كل حكام مصر كفقرة رئيسية في دستور البلاد حيث أصبح الشعب بعد تطبيق هذه المادة يفهمها وهي طايرة وأصبح أكل العيش يحب الخفية ومن الجدير بالذكر ان الفهلوي يختلف عن الأونطجي التي هي كلمة يونانية معناها حيلة . يرى المؤرخ محمد سعيد الصحاف ان سياسة الانفتاح في عهد السادات أحدث انقلاباً في منظومة القيم فتحول المصري من الإنتاج الى الاستهلاك ، و حدثت خلخلة لطبقات المجتمع وقيمه وتآكلت الطبقة الوسطى فصارت الخطوط الفاصلة بين الخطأ والصواب غير واضحة .
الفهلوة في حد ذاتها في أحد السمات المصرية الأصيلة والفهلوي اليوم هو رجل العصر . الفهلوي هو الراجل الجدع اللي ينزل من بيتهم ويعرف يطلع الجنيه من أي حد بأي طريقة , يرى الباحث الإجتماعي سعدي الحلي ان ظاهرة الفهلوة هي نتيجة لسبب رئيسي ألا وهو أن الدولة ليست لديها خطة منهجية واضحة ليسير عليها أصحاب رؤوس الأموال في مصر نضيف إلى ذلك كل التعقيدات الروتينية وكل الرسوم والضرائب والجمارك التي تفرض على أصحاب المشروعات الصناعية أي كان حجمها مما يجعل الكثيرون يختفون تحت بير السلم فهؤلاء يختفون في معظمهم تهرباً من تلك الرسوم والضرائب .
إتخذت أفعال الفهلوة عدة مستويات وأشكال ، إذ تجد أحدهم يقوم بسرقة مصابيح الإضاءة من أعمدة النور ومربعات الإعلانات الموضوعة على جانبيّ الرصيف في الشوارع ، أو مثيلتها من كابلات مترو الأنفاق. سرقة أغطية البالوعات وصناديق الكهرباء من الشوارع ، بل بلغ الأمر إلى سرقة كبائن التليفونات من أمام السنترالات . وسرقة صناديق القمامة من أمام ناصية الشوارع ، وفي حالة أن كان بعض الفهلوية يمتلكون مهارة وأجهزة متقدمة نسبية ، يمكنهم سرقة شبكات الموبيل من فوق العمارات أو المناطق الزراعية النائية، سواء الحديد أو النحاس، كما يحدث مع أسوار الكوبري الدائري يوميًا، وحدث أيضًا مع كوبري قصر النيل ومع سيف تمثال سيمون بوليفار من ميدان التحرير.
أما الفهلوي قليل المهارة، قليل الحيلة، فقد يبدأ بسرقة الأحذية من أمام المساجد ، الكنائس ، ثم صناديق الزكاة والعطاء، بعدها يتجه إلى لمنازل لسرقة الأحذية من أمام أبواب الشقق أيضًا، أو أي شيء ذو قيمة متروك في حوش المنزل . قد يتم سرقة سيارة ، وطلب فدية مالية لإستردادها ، فالسارق يعلم صاحب السيارة جيدًا ، أو له تواصل من جهة ما بالموضوع . أو يتم سرقتها وتفكيكها وبيعها أجزاء في أحد الأسواق والمتاجر . بل بلغ الأمر إلى اختطاف إنسان وطلب فديّة حتى لا يتم قتله أو إيذائه .
علماء الاجتماع ، وعلماء النفس إختلفوا في تحديد مخاطر الفهلوة ، والتي تتجلى أغلب أنشطتها في السرقة والنهب والخطف ، البعض منهم رأى أنه سلوك طارئ على المجتمع المصري ، أو إضطراري ، يفعله البعض في البداية رغماً عنه ، لقضاء المصالح ثم مع الوقت ، حين يتوفر الإشباع الكافي ، سيختفي تدريجيًا . وآخرون يرون أنه صار مرضًا مزمنًا يحتاج لعلاج ناجع ، إذ هو دليل صارخ على غياب أي شعور بالإنتماء أو الحب لهذا البلد، أو أي رغبة في حماية ممتلكاته العامة والمحافظة عليها، بل إعتبار سرقتها أمر طبيعي لا غبار عليه.
صديقي الفهلوي بالطبع تعتقد أنك تعلم الكثير ، وأنك توصلت إلى فك شفرات وأسرار الحياة، وارتشفت من نبيذ الخبرة المُعتّق ما لم يشتم رائحته أحدٌ ممَّن حولك , ولكن دعني أتبجّح قليلاً ، فلربما ساقنى التبجّح إلى دربٍ من الصراحة لأقول لك أنك في الواقع لم تُصِب من الحقيقة سوى نسبة أشبه بنسبة الأكسچين على كوكب المريخ. بالطبع هي نسبة لا تُذكر. ولكن ضآلة علمك بالحقائق هي الحقيقة الوحيدة التي يمكنك التشبث بها, فكلما عرف المرء أكثر كلما تأكد أنه لا يعرف وبناءً عليه، فالفهلوة هي أصل الجهل.
زر الذهاب إلى الأعلى