الفقر أفضل للأ جير
بقلم مصطفى سبتة
لماذا نحنُ نبدعُ في الحيلْ
ونؤْمنُ بالخــداعِ وبالدّجــلْ
هل القيمُ استبدّ بها التّدنّي أم
البُلداءُ قد قـــتلوا الأمــــــــلْ
أجيبوني عن سؤالي لوْ سمحْتمْ
فقد كثُرَ الكلامُ بلا عــــــــملْ
أراكُمْ نائمينَ ولستُ أدْري
أهذا حالكُـمْ أمْ ذا كَســـلْ
تقهْقرْتُمْ فَأَصْبحْتُم عَبيداً
ولا أدْري متـى يأتي الأجـلْ
حرامٌ أن نعيش على الشعير
ونصْبر للأذى صبْــــر الحـمير
ألم تر كيف أصبحنا شعوباتقاد
مع الوحــــوش إلى السّــــــــــعير
تجمّد سعينا في كلّ حقل وأمسى
الكادحون علـــى الشّــــــــــــــفير
وصار الفقر مشتملا عليناكأنّ
الفــــــقر أفضـــل للأجيــــــر
وعند النّوم تنهزم الأماني فنكثر
في الشّـــهـــيق وفي الزّفيـــــــر
بكلّية السّجون قرأت درسي
وتحت النّائبات كسرت رأسـي
شربت المرّ من غضب اللّيالي
وضاق الصّدر من مأساة حبـسي
وكنت أرى التّسلّط في حياتي
يحاصر جرعتي فتضيق نفسـي
وتلك دروسهم في السّجن كانت
وعـــــبر سرابها يزداد بأســــــــي
وأذكر أنّنــــــــــــــي في كلّ يوم
أسافر في المآسي عند أمــــــسي
بنشر الوعي تنتصر الشّعوب ومن
هــــــــــــفواتها تصحو القلوب
تدجّنت النّفوس على التّدنّي وفي
شرك الشّمال هوى الجــــــــنوب
وعربد غيّــــــــنا في كلّ فعل
فشاعت في مسالكنا العـيوب
كأنّ شعوبنا فقــــدت هداها
فخاف النّاس وانطـلق الهـــروب
وفي أوطاننا تجري المآسي وشمس
المـــــــــجد أدركها الغـــروب
سئمت العيش في وطن الخراب
وقد بيع القــــــــطيع إلى الذّئاب
وأسفرت النّـــــــــــتائج عن بلاء
به الأوهام تسقط في السّـــــراب
وســــيق الكادحون وهم رقود
إلى عـصر تنوّع في الخـــطاب
وليس بصحّ عند النّاس شيئ
وهم سئموا التّلاعب في الحـساب
كذلك يستــــحيل مع التّدنّي
تقـــدّم من تعثّر في الكـــــتاب
سيسمع صرختي البشر اللّبيب
فيدرك أنّني رجل غـــــــــريب
أصبت بنكسة في قعر سجن
وتحت عمامتي اشتعل المشيب
قضيت عقوبة من دون ذنب
فأحرقني التّســــلّط واللّهيب
وكان الدّرس في حبسي عسيرا
فما نفع البكاء ولا النّــــــــحيب
وفي زنزانتي أمضيت تسعا
من السّنـــوات دوّنها الرّقيب
درست السّحل في أدب السّجون
وكنت كمن تعلّــــــــــم بالجنون
شربت المرّ من خبب اللّيالي
فعشت مكبّلا بأذى السّـــجون
أصارع في النّهار ظنون نفسي
وفي الظّلماء ترعبــــني ظنوني
تكسّرت المآسي فوق رأسي وفاض
الدّمع فانتفــخت جـــــــفوني
وكان الله فـــي عوني كريما فمرّ
البأس وانفتــــــــحت عـــــيوني