– التحكيم
لما خرج أهل العراق وأهل الشام إلى صفين وكان الأمر لأهل العراق رفع أهل الشام المصاحف ودعوا إلى الصلح، فاتفقوا على أن تجعل كل طائفة منهما جماعة يحكمان بين الفريقين بالحق، يمثل عليا رضي الله عنه أبي موسى (رضي الله عنه) ومعه أربعمائة من خيرة أصحابه وكذلك كان يمثل معاوية أربمائة من أصحابه على رأسهم عمرو بن العاص (رضي الله عنه), وكذلك جمع كبير من الصحابة الذين إعتزلوا الفتنة من أولها.
وإشتهرت إحدى القصص الباطلة في هذا الامر وهو أن الفريقين اتفقا على خلع علي ومعاوية من الخلافة, فخلع أبوموسى عليا, وقام عمرو بخلع علي وتثبيت معاوية, وهذه القصة باطلة, فبعيداعن أن القصة لم تصح سندا, وان الخلاف لم يكن حول خلافة علي أو معاوية, فالأمر لم يكن عبثا كعبث الأطفال حتى يقبل الناس الأمر لمجرد قول عمرو ذلك, ولم يكن أبوموسى الأشعري مغفلا, ثم أن معاوية لم يكن خليفة من الأساس ولم يطالب بخلافة حتى يثبته عمرو ويخلع عليا … ثم أن فريق معاوية وعمرو كان الفريق شبه الخاسر في المعركة ولم يبقى في جيشه إلا بضعة آلاف لو أراد فريق على رضي الله عنه الإستمرار في الحرب لأفناهم.
والحق هو أن الفريقين أتفقا أن يوقف القتال ويعود كل فريق من حيث أتى, فيبقى عليٌّ في الو خليفة المسلمين, وأن يبقى معاوية في الشام أميراً عليها.
على أن يتباحث الحكمان في إيجاد حل للقضية الشائكة التي اشتعلت الحرب بسببها , وهو ما انفض عنه المتحاكمين دون التوصل إلى حل.
عندما وافق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) على التحكيم رفضت حينها جماعة من جيشه التحكيم وكان عددهم يبلغ إثنا عشر ألفًا بقيادة عبد الله بن وهب الراسبي وقالوا أنه: لا حكم إلا حكم الله, ولا يجوز تحكيم الرجال في دين الله. وكان فيهم الكثير من قتلة عثمان (رضي الله عنه).
وفي طريق عودة جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الكوفة في الطريق اصبح هؤلاء الخوارج جماعة مستقلة, فلما وصلوا إلى الكوفة انحاز الخوارج إلى قرية يقال لها حروراء قريبة من الكوفة وكانوا اثني عشر ألفًا.
أراد ابن عباس (رضي الله عنه) أن يخرج لمعسكر الخوارج ليدعوهم للحق والعودة إلى الصواب فخشي عليه علي بن أبي طالب ولكنه طمأنه ثم دخل ابن عباس معسكرهم ودار بينهم حوار طويل ظهرت فيه مقدرة ابن عباس الإقناعية وفقهه وعلمه الجمّ حتى استطاع أن يرجع للكوفة ومعه قرابة الستة آلاف من الخوارج التائبين …
زر الذهاب إلى الأعلى