العربيّة تُبلسم جروح بيروت: يومان في يومٍ واحدٍ تكريمًا للشّرطة واللُغة
مدير مكتب لبنان – رزق الله الحلو
بلسمت العربيّة، بشرطتها كما وبِلُغتها، جُروح بيروت الّتي لم تتعافَ بعد، مِن نكبة زلزال مرفإِها في 4 آب (أُغسطس) الماضي. وقد أَحيت بيروت الثّكلى على أَبنائها مِن ضحايا انفجار المرفإِ، وشهدائها الأَحياء المُصابين نتيجته بإِعاقةٍ جسديّةٍ دائمةٍ… يومي الشُّرطة العربيّة واللّغة العربيّة. وقد أَحيت بيروت الحزينة على قوافل مُهاجريها المُناسبتَين، إِذ كفَّت البُكاء، زارعةً على ثغرها ابتسامة أَملٍ بإِشراقةٍ جديدةٍ آتيةٍ لا محالة!.
يومان في يومٍ واحدٍ تكريمًا وجبت إِقامته على رُغم الأَيّام السّوداء، لأَنّ بيروت اعتادت أَن تشخص بأَنظارها إِلى المُستقبل، وأَن تتجاوز هول الكوارث والصُّعوبات.
يوم الشّرطة العربيّة
بعيدًا مِن السّياسة، وفي مُناسبة “يوم الشّرطة العربيّة” الّذي يُصادف في الثّامن عشر من شهر كانون الأَوّل (ديسمبر) مِن كُلّ عام، أَحيت قوى الأَمن الدّاخليّ في لُبنان هذه المُناسبة، في معهد قوى الأَمن – عرمون، حيث تلا العقيد حسين الحاج شحادة، المُساعد الثّاني لقائد المعهد العميد أَحمد الحجّار، على العناصر، رسالة الأَمين العامّ لمجلس وزراء الدّاخليّة العرب الدّكتور محمّد بن علي كومان، والّتي تمحورت حول جُهود عناصر الشّرطة العربيّة المبذولة لمُكافحة الجريمة بكلّ أَنواعها، في ظُروفٍ استثنائيّةٍ، وفي ظُلّ تفشّي “فيروس كورونا”. وكلك تضمّنت الرّسالة تقديرًا للانجازات الكبيرة الّتي تحقّقت مُنذُ أَكثر مِن خمسة عقودٍ مِن التّعاون الأَمنيّ العربيّ المُشترك”.
… ويوم اللغة العربيّة
إِلى ذلك أَصدرت “الهيئة القياديّة في حركة النّاصريّين المُستقلّين – المُرابطون”، بيانًا في مُناسبة “اليوم العالميّ للُغة العربيّة”، مُؤَكّدةً “أَنّ لغتنا العربيّة وعبر التّاريخ، اضطلعت بدورٍ مُتقدّمٍ أَساسيٍّ في تكوين الحضارات الإنسانيّة، وفي تداول المعارف بين الثّقافات الحضاريّة المُختلفة من فلسفةٍ إِلى طبٍّ ومِن رياضيّاتٍ إِلى فلكٍ إِلى الكثير مِن العُلوم الإِنسانيّة”…
ورأَى البيان “أَنّ قُوّة لغتنا العربيّة تتجسّد في أَنّها مادّةٌ حيّةٌ لتقاليدنا وفنوننا الشّعبيّة في قائمة التُّراث الثّقافيّ الإِنسانيّ العالميّ، فزجل لبنان وأَرغان المغرب وعيالة الخليج العربيّ وأَغاني السّبيبة في الجزائر وغيرها مِن عاميّات الأَقطار العربيّة تُؤكّد هويّة أُمّتنا وارتباطها المُتجذّر بلغتنا العربيّة الّتي يبرز التّنوّع ضمن الوحدة المُتكاملة، فيعكس جمال لغتنا اللا محدود كنوز الحكمة والاحترام والسّلام المُناهضة للتّعصُّب والكراهية والتّطرُّف”.
وأَضاف البيان: “إِنّ لُغتنا العربيّة بالنّسبة إِلينا نحن القوميُّون العرب، رمزٌ وركنٌ أَساسيٌّ لوحدتنا في التّنوُّع مِن مُحيطنا إِلى خليجنا العربيّ، حيث تتعايش لُغتنا الفصحى مع الكثير من اللهجات القطريّة، وتشدّ روابطنا الثّقافيّة والتّضامنيّة عبر الحُدود، وهي الّتي تُتيح لنا نحن العرب، إِسماع صوتنا الواحد المُوحّد، والسّعي إِلى المُشاركة على قدم المُساواة في بناء مجتمعاتٍ عادلةٍ تتقدّم وتزدهر بتنميةٍ مُستدامةٍ شاملةٍ، في ظُلّ تكاملنا الوحدويّ”.
ودعا البيان “إِلى تعزيز إِبراز الدّور الحضاريّ التّاريخيّ وجماليّة لغتنا العربيّة لأَجيالنا الشّابّة في المدارس والجامعات، والتّركيز على التّعليم الصّحيح الابتدائيّ بوسائل حديثةٍ كي يجذب الحرف العربيّ بتركيباته اللغويّة أَطفالنا وشبابنا”.
كما ودعا أيضًا إِلى تحديث المناهج الدّراسيّة وتوحيدها، عبر مؤتمرٍ يحشد كُلّ الطّاقات الفكريّة والثّقافيّة العربيّة، لإِزالة الصّور النّمطيّة والدّينيّة والقطريّة مع الحفاظ على الإِرث التّاريخيّ الثّقافيّ، وتنوُّع الأَديان والمذاهب الفقهيّة، على اعتبار أَنّ أَرضنا العربيّة كانت مهد كُلّ الرّسالات السّماويّة الّتي انطلقت من جُغرافيّتنا إِلى كُلّ أَنحاء العالم”.
ودعا إِلى تشكيل لجنةٍ تتألّف مِن مُفكّرين ومُثقّفين، ينتمون إِلى الأَحزاب والقوى القوميّة في لبنان، لوضع مُخطّطٍ مُتكاملٍ مِن أَجل استنهاض الدّعوة الدّائمة إِلى استخدام لُغتنا العربيّة الصّحيحة في مفاصل حياتنا اليوميّة، وبخاصّةٍ في صُفوف الشّباب القوميّ العربيّ”.
هجرة اللُبنانيّين
واليوم الجُمعة، أَضاء الإِعلام الرّسميّ في لبنان عبر “الوكالة الوطنيّة للإعلام”، على مسأَلة الهجرة، الَّتي أَصبحت هاجس اللُبنانيّين ولسان حالهم، فقد ضاقوا ذرعًا مِن الأَوضاع الاقتصاديّة الصّعبة، وبخاصّةٍ بعد الارتفاع الجنونيّ للدُّولار في مُقابل الليرة اللُبنانيّة، وعدم الاستقرار السّياسيّ وأَزمة الـ “كورونا” وانفجار المرفإِ وازدياد البطالة، ما دفع بهم إِلى البحث عن مكانٍ آخر لتأمين المُستقبل ولقمة العيش.
وفي هذا الإِطار قال الباحث في “الدّوليّة للمعلومات” محمّد شمس الدّين: “يُقدّر عدد المُهاجرين اللُبنانيّين أَو المُقيمين في شكلٍ دائمٍ في الخارج، بنحو 1300000 لُبنانيٍّ، وقد غادروا على مرحلتين: الأُولى في العام 1975 نتيجة الحرب وحتّى العام 1992، وبلغ عددهم نحو 650000. ومن العام 1992 حتّى 2019 نحو 670000 مُهاجرٍ”. وأَشار إِلى أَنّ عدد المُهاجرين في العام 2016، بلغ نحو 12000، وفي العام 2017 ارتفع إِلى 18000، وفي 2018 وصل إِلى 33000، وفي 2019 كان 66000″.
وأَضاف شمس الدّين: “بعد انفجار المرفإِ، وانهيار الوضع الاقتصاديّ وارتفاع سعر صرف الدّولار الأَميركيّ في مُقابل تدهور قيمة العملة الوطنيّة، تعزّزت حوافز الهجرة لدى اللّبنانيّين، ولكنّ الإِقفال الّذي يشهده مُعظم دول العالم، وأَزمة كورونا حدّت منها”. وأَشار إِلى أَنّ 70 في المئة مِن المُهاجرين هُم مِن الفئات الشّابّة، بين 25 و35 سنةً… وأَمّا وجهات السّفر فلم تتغيّر على مدى السّنوات الماضية، وتبقى أُوروبّا وأَميركا وكندا وأُوستراليا الوجهة الأَساسيّة إِضافةً إِلى أَفريقيا. وأَمّا في السّفر إِلى الدُّول العربيّة، فلا بُدّ مِن الإشارة هُنا إِلى صُعوبة الحُصول على الجنسيّة”.
وأَشار مُؤَسّس شركة “ستاتيستكس ليبانون” ربيع الهبر، إِلى أَنّ “مَن يُهاجر لا يُشطب مِن لوائح القيد كما يحصل في البلدان الأَوروبيّة والأَميركيّة… بل إِنّه في حاجةٍ إِلى سنةٍ وثمانية أَشهرٍ على الأَقلّ، كي يحصُل على تأشيرة الهجرة. كما ويحتاج إِلى مُعاملاتٍ عدّة، بدءًا بتقديم طلبٍ على الإِنترنت، وخلال ثلاثة أَو خمسة أَشهر تتمّ دراسة الطّلب، وبعدها إِجراء المُقابلة الأُولى ومِن ثمّ الفحوص الطّبيّة فالمُقابلة الثّانية”. وبالتّالي تسقط فرضيّة أَن يكون عدد المُهاجرين اللّبنانيّين قد ارتفع بعد الحراك الشّعبيّ في 17 تشرين الأَوّل (أُكتوبر) 2019، بالنّظر إِلى الآليّة المُتّبعة للحُصول على الإِقامة والهجرة، وطول الوقت المطلوب لذلك.