د/محمد كامل الباز
قبل أن نبدأ فى توضيح هذا المعنى ..تأكدت يقينا أنه لا يوجد فى حياتنا مشكلة من أى نوعٍ إلا واخبرنا الله ورسوله عن حلها ،لم أجد أى آفة إلا وقد سلط الضوء عليها شرعنا الحنيف.
وقضية اليوم هى العدل بين الأبناء وهى قضيه اجتماعية فى منتهى الخطورة ، كثيراً ما تقع مشاكل بين الأبناء بسببها ليست مشاكل فحسب بل قطيعة رحم وربما جرائم.. والحوادث كل يوم مليئه بالعجائب .فلنرجع المشكلة لجذورها كى نتمكن من حلها. حيث نجد الآن الكثير او المعظم من الأبناء لا يحبون بعضهم البعض والكل يتمنى الخير لنفسه فقط، وإذا تمناه لأخيه يكن على استحياء، ومن أهم أسباب البعد والهجر بين الأبناء هو : ظلم الآباء ..نعم ظلم. وهو منذ الصغر ؛حيث لم يستطع الآباء تحقيق العدل الكافى بين هؤلاء الأبناء ,فالعدل ليس مقصور على الحاكم فى ملكه، او المدير فى مؤسسته ،او القاضى فى حكمه بل العدل معنى شمل؛ كل راعٍ متكفلٌ برعيته؛ والأبناء رعية للوالدين سيسئلوا عنهم .
فحبك لإبنتك وتفضيلك لها عن ولدك بحجة أنه الولد ويجب أن يعامل بحزم ظلم ؛ومعاملتك لإبنك المتفوق دراسياً بمزيدٍ من العطايا عن أقرانه ظلم، تخصيص الرعايه للطفل الصغير عن نظيره الأكبر ظلم …ظلم ستدفع ثمنه من علاقة ابناؤك عند الكبر ..ظلم ستشعر به عندما تجبر أحد الأبناء الاهتمام بالآخر الذى كنت تهتم به سابقا..مجرد الميل لأحد الأبناء عاطفيا نوع من عدم العدل. وقد روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم طُلب منه أن يشهد لرجل يريد إعطاء هبه لابنه فسأل هل لك أولاد آخرين فأجاب: نعم ؛فقال عليه الصلاة والسلام: اشهد غيرى عليه فلا أشهد على جور.
والأمر للتنفير طبعا حيث من يقدر أن يشهد على أمر رفضه المصطفى ..فقد أقر النبى صلى الله عليه وسلم العدل بين الأبناء كمنهج حتى تستقيم الحياه بينهم عند الكبر وأكد اعدلوا بين أولادكم ،اعدلوا بين أبناءكم، اعدلوا بين أبناءكم . وكررها ثلاثه.. ولكن؛ هل أقر الدين العدل بين الأبناء فى العطايا فقط ؟! لا والله؛ فقد تعدى الأمر هذا؛ حيث روي عن النبى صلى الله عليه وسلم؛ كان مع أصحابه وجاء صبي لأبيه فمسح على رأسه وأجلسه على فخذه ، فلبث قليلاً حتى جاءت ابنته فمسح على رأسها واقعدها على الأرض .. هنا …تدخل المصطفى تدخل المعلم وقال له :هلا أجلستها على فخذك الأخرى؛ فامتثل الرجل لأمر النبى؛ فقال المصطفى: الآن قد عدلت…. ياالله!! لهذا الدرجة؛ بل فى الأثر فاقت هذه الدرجه حيث كان السلف يوصون بالعدل بين الأبناء فى القبلات بل …فى النظرات ..بالله عليكم لو نفذنا هذا المنهج هل ستحتاج أم أن توصى ابنها بعد زواجه بمراعاة أخته ؟!.هل سيحتاج أب أن يوصى ابنه أن يتكفل ويساعد أخوه الذى لم يجد عمل؟! ..هل ستحتاج أن تنصح ابنتك أن ترعى أختها التى لم تتزوج أو التى طُلِّقت ؟ والله لن تحتاج؛ لأن هذا التصرف سيكون بدافع حب فطرى و ليس بدافع المسئولية وكلام الناس ..إذا؛ نناشد كل الآباء أن يحققوا العدل بين أبناءهم منذ الصغر كى يحصدوا ثمرة محبتهم لبعض عند الكبر.