الصين طريق السلام والتنمية
بقلم /سليم النجار
ما أحوجنا ونحن في خضمّ هذه الحياة الصعبة التي نخوضها بكل متاعبها وتعقيداتها إلى السلام والتنمية المدركة لمسؤليتها وقدسيتها ؛ ودورها الجديد في الحياة الجديدة .
وأخص بالذكر زيارة الرئيس الصيني شي جينبينج في أخر شهر يناير ٢٠١٦ للملكة العربية السعودية ومصر نقطة انعطاف في تاريخ المنطقة سياسيا واقتصاديا ؛ لتثبيت منهج جديد للسلام عبر التنمية .
جاءت هذه الزيارة ؛ التي طرح فيها الرئيس شي على هذه الدول الانضمام لمشروع ” الحزام الإقتصادي لطريق الحرير ” الجديد .
كما جاءت زيارة الرئيس شي بعد اسبوع واحد فقط من إصدار وزارة الخارجية الصينية بشكل غير مسبوق اول أوراق سياسية صينية تجاه العالم العربي ؛ ركزت فيها على أهمية التعاون الاقتصادي وبناء مشاريع البنية التحتية عبر مسار ” الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ” والطاقة النووية والصناعات باعتبارها مخرجا مهما من الوضع الحالي . وقد خلقت زيارة الرئيس شي وما رافقها من توقيع لاتفاقات اقتصادية وتجارية وثقافية حالة من التفاؤل والانفتاح على فكرة طريق الحرير الجديد في الدول التي زارها .
ولعل من أكثر الدول التي تجاوبت مع الأطروحات الصينية مصر . التي خطت خطوات عملاقة بعد الثورة الثانية في يونيو ٢٠١٣ وانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي لتتحول من دولة مأزومة تعاني العوز الى دولة تنموية ؛ بالرغم من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي لازالت متراكمة منذ عقود في مصر . والمتتبع لخطوات مصر والجهود الكبيرة التي تقوم بها من استغلال كامل الطاقات البشرية والطبيعية والجغرافية نحو تنمية شاملة على اساس مشاريع البنية التحتية الكبرى والصناعية والزراعية بسرعة لافتة في الإنجاز . حتى السياسة المالية اصبحت سياسة صحية لانها وجهت قدرات البلد المالية والدعم الخارجي نحو تنمية الإقتصاد وليس احراق الموارد لاستيراد احتياجات البلد من الغذاء والمواد الاستهلاكية كما كان يحصل في العقدين الماضيين . كما تستفيد مصر من كون الصين تعتبر دور مصر حيويا لكونها المحطة الأساسية بين أسيا وأوربا على طريق الحرير البحري .
إن الصين بمشاريعها المنتشرة في العديد من دول العالم العربي ؛ تعزز فكرة التعاون بينها وبين العالم العربي الذي مازال قسم لابأس منه يمارس هواية النزعة التدمرية للذات وجلدها بطريقة قاسية . والناظر في التراث الأدبي الإنساني عامة ( من أيام الإغريق إلى عصرنا الحاضر) يمكن أن يلاحظ في بعض الأعمال تلك النزعة . ونحن نستطيع ان نجد ذلك في مسرح سوفوكليس وأسسخليوس كما نجده في مسرح شكسبير وبودلير ؛ كما نجده في شعر أبي علاء المعري وخليل حاوي ؛ ونجده في روايات توماس هاردي وجبرا ابراهيم جبرا .
وما بين النزعة التدميرية التي لاقت رواجاً في الأدب العالمي والعربي ردحا من الزمن ؛ وبين العمل على تنمية الإنسان على طريقة الصين ؛ مازال الأمل معقود على أنه سيأتي اليوم الذي يتحول عالمنا العربي من عالم مأزوم الى عالم منتج للفكر والحياة .