الصين … طاقة متجددة في خدمة الجميع
كتب : سليم النجار
عقب الثورات العلمية ؛ وعبر نقلة مفاجئة ؛ يجد العلماء أنفسهم في
مواجهة علم مغاير … هذا ما خَلُص إليه توماس كون في نظريته عن بنية
الثورات العلمية … أمّا في الثورات التقنية ؛ فالمجتمع بأسره يتعرض
للتغيير تدريجاً ؛ ويتوقف معدل التغيّر على طبيعة التقنيات المؤثرة
وتفاعلها مع عناصر الاجتماعية . ولا نعتقد بأننا في حاجة إلى التاكد على
أن العالم الذي نحياه الآن ؛ بصدد ثورة علمية وتقنية عارمة ؛ وأنها
ستُحدث تغييرات حادة ؛ بمعدلات متسارعة ؛ لم يشهدها المجتمع
الإنساني من قبل ؛ وذلك على المستويات السياسية والاقتصادية
والتربوية ؛ بل والثقافية أيضاً ؛ استاداً إلى حقائق التاريخ … إلا أن ما
نعتقده أننا في حاجة إليه ؛ هو الأقتراب من المفارقة التي طبعت
المواقف ؛ إزاء هذه الثورة . تبدو المفارقة ؛ إذا ما لا حظنا اتفاق الآراء
جميعاً على أن الثورة الراهنة ؛ تختلف اختلافاً جوهرياً عن سابقاتها من
الثورات ؛ وأنها قد أصبحت في الحقيقة عاملاً حاسماً في تحديد مصير
عالمنا ؛ دوله وأفراده … لكن في الوقت نفسه ؛ تتعدد ” الرؤى ” وتتباين
حول ( تقانة الطاقة ) كأهم إرهاصات هذه الثورة ؛ وحول آثارها المرتقبة
على المدى القريب والبعيد . ضمن أهم الرؤى … الرؤى الصينية ؛ من
خلال مشروع بناء محطات طاقة لباكستان ؛ التي تحتاج إلى ٣٠ الف
ميجاوط إضافية من الطاقة على الأقل خلال العشر سنوات القادمة .
ويوجد لدى باكستان طاقة كهرومائية محتملة غير مستغلة ؛ وقد وقعت
عقدا مع الصين في بداية عام ٢٠١٥ يمول بموجبها ” صندوق طريق
الحرير ” الاستثماري الصيني بناء سد كاروت على نهر جهلوم بطاقة
توليدية تبلغ ٧٥٠ ميجاواط . كما قامت الصين ببناء العديد من المشروعات
الهامة في نيبال ؛ كأقامة مجمعات زراعية صناعية في جنوب نيبال تمتمد
من الشرق إلى الغرب بعرض ٣٠ – ٨٠ كلم . بالإضافة إلى تنمية قدراتها
من الطاقة الكهرومائية ؛ والذي سيمكنها من بناء منظومة بسعة ٤٠٠٠
ميجاواط من المحطات النووية لدفع عملية تنمية المراكز الزراعية
الصناعية ؛ وفتح الباب أمام تدريب اليد العاملة للمشاركة في شركات
صناعية صغيرة ومتوسطة الحجم ؛ وتزويد سكانها بالرعاية الصحية
المطلوبة . ولا عجب ؛ والحال هكذا ؛ أن نتسأل حول إمكانات ” التفاؤل ”
… خصوصاً إذا ما عرفنا ان ” التشاؤم” ؛ هو : ” توقع السوء ” ؛ والجهل
بأسباب منعه أو ردعه أو تلافيه ؟ والصين في مشروعتها في الطاقة ؛
التي تقوم ببنائها في انحاء العالم ؛ تحاول زيادة مساحة التفاؤل .