الشيخ محمود البجيرمي الذي زهد في الدنيا!
الشيخ محمود البجيرمي الذي زهد في الدنيا!
كتب: المستشار/ هشام فاروق
عضو شرف نقابة القراء
ورئيس محكمة استئناف الإسكندرية.
عاش القارئ الكبير الشيخ محمود البجيرمي رحمه الله 59 عاما! وفي عام وفاته 1992 كان موفدا في شهر رمضان المبارك إلى دولة الإمارات العربية المتحدة مع القارئ الشيخ محمد حشاد شيخ عموم المقارئ ونائب نقيب القراء وقراء وعلماء آخرين حيث نزلوا فيها ضيوفا على حاكم الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله الذي كان يُقدِّر أهل القرآن من العلماء والقراء حيث كانوا ينزلون في أفخم فنادق الخمس نجوم ويتم تخصيص سيارة مرسيدس من أحدث طراز بسائقها لكل منهم وكانت الإذاعة والتلفزيون في الإمارات تُطلق عليهم:”ضيوف صاحب السمو حاكم الدولة” ؛ وكان السائق المخصص لكل منهم ينتظره في مواعيد الأمسيات والمحافل – التي كانت تنظم وفق جدول كالساعة – ويفتح له باب السيارة ككل
الشخصيات الهامة!
ولكن المصريين كعادتهم يحبون الإسراف ولا يقنعون بالقليل من الطعام الكافي ككل العالم المُتحضر (تعبير مهذب ومُخفف مني) ولا يشذ عن ذلك القراء! فقد كان القراء الموفدون يملأون أطباقهم في وجبتي الإفطار والسحور – بوفيه مفتوح – بشكل مُبالغ فيه كأنها جبل صغير! فكانوا يسيرون بها في مطعم الفندق تندلق محتوياتها – من كثرتها – وتتساقط أرضا وسط ابتسامات وضحكات عمال الفندق من الهنود والباكستانيين وغيرهم! إلا القارئ الشيخ محمود البجيرمي الذي كان يأكل أقل القليل ويكتفي بطبق صغير ، ولا يأخذ أكثر من حاجته! وكان هذا دأبه دائما! وهذا خلق إسلامي عظيم يغفل كل الناس عنه تقريبا! كما أنه لاحظ أن بعض القراء الموفدين عامها يتكلمون في حق بعض زملائهم الآخرين ، فلم يعجب هذا الأمر الشيخ البجيرمي فكان لا يشارك في جلساتهم ، ويختلي في حجرته مع الشيخ حشاد لقراءة القرآن! رحم الله الشيخ الكبير…