مقالات وتقارير

الخلق العظيم فى الإسلام

الخلق العظيم فى الإسلام
بقلم / محمــــــد الدكــــرورى
نريد أن ننظر الى ما وصلنا إليه اليوم من معاملات إنسانيه نتعامل بها مع بعضنا البعض وننظر ونسأل أنفسنا سؤالا ؟؟ هل

هذه المعامله التى نادى بها الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ هل هذه معاملة الأسلام فيما بيننا ؟؟

ولنعلم جميعا أن المعامله الاسلاميه تقوم على أساس الموده والرحمه فيما بيننا ولنعلم جيدا أن للحياة ركائز تعتمد عليها،

وأسساً تنبني عليها، ومعاني سامية تناط بها المنافع والمصالح، ومن هذه المعاني

العظيمة، والصفات الكريمة التي تسعد بها الحياة ويتعاون بها الخلق الرحمة.

فالرحمة خلق عظيم، ووصف كريم، أُوتيه السعداء، وحُرمه الأشقياء، والرحمة ضاربة في جذور المخلوقات، ومختلطة بكيان

الموجودات الحية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: “إن لله مائة رحمة أنزل منها

رحمة في الأرض، فبها يتراحم الخلق، حتى إن الفرس لترفع حافرها، والناقة لترفع خفها

مخافة أن تصيب ولدها، وأمسك تسعة وتسعين رحمة عنده ليوم القيامة” رواه البخاري .

والرحمة صفة كمال في المخلوق يتعاطف بها الخلق، ويشفق القوي على الضعيف، فيحنو عليه بما ينفعه، ويمنع عنه شره،

ويتوادُّ بها بنو آدم، فالرحمة في الفطرة التي خلقها الله، ولكن قد تطمس الفطرة بالمعاصي، فتكون الرحمة قسوة جبّارة ضارة.

ولنعلم جميعا أن الدنيا عرَضٌ زائِلٌ، يأكلُ منها البَرُّ والفَاجِرُ، والآخرةُ أجلٌ صادقٌ، يَحكُمُ فيها مَلِكٌ رحيمٌ قادرٌ، ويفصِلُ فيها بين

الحقِّ والباطلِ ! وفي سَنَوَاتِ الشِّدَّةِ والبَأْسِ،وَعصرِ تَقلُّباتِ القِيَمِ والْموازِينِ،في زَمَنِ قَهْرِ الضُّعفَاءِ,وجُبنِ وخَورِ الأقوياءِ !

فما أحوجَنا وأحوجَ النَّاسِ إلى كَنَفٍ رحيمٍ،ورِعايةٍ حانِيةٍ،رَحْمَةٌ لا تَضِيقُ بِتحقِيقِ الحقوقِ وَالْمَطالِبِ،ورَحْمَةٌ لا تَنفِرُ من بَثِّ

الهُمُومِ،النَّاسُ في هذا الزَّمنِ بِحاجةٍ إلى قَلبٍ كبيرٍ، يَمنحُهم ويُعطيهم، يُكرِمُهم ويُواسِيهم ! ألا وإنَّ من أعظمِ الأخلاقِ

الْمندُوبَةِ، خُلُقُ الرَّحمةِ والتَّراحُمِ بين المسلمينَ عُمُوماً,وبينَ الرَّعيَّةِ والرَّاعي خُصُوصاً،ولا شكَّ فإنَّ الرَّحمةَ مِفتَاحُ القَبُولِ

والقُلوبِ،وفُقدَانُها فُقدَانٌ للحياةِ الْهانِئَةِ،وإحلالٌ لِلجَاهِليَّةِ والْهَمَجِيَّةِ، والأَثَرَةِ

العَميَاءِ,والتَّصرُّفاتِ الْخرقَاءِ!والآراءِ الْحَمقَاءِ! والرَّحمةُ يا مؤمنونَ:كَمالٌ في الطَّبِيعَةِ

البَشرِيَّةِ، تَجعلُ الْمرءَ يَرِقُّ لآلامِ الْخَلقِ، فَيسعى لإزالَتِها،ويَحزَنُ لِحُزنِهم ..

ومع أن الرحمة فطرة مستقيمة، وصفة عظيمة فطر الله عليها، فقد أكّدها الإسلام، وأوجب على المسلمين التحلي بالرحمة

والاتصاف بها؛ لأن الإسلام دين الرحمة، فتعاليمه لتحقيق الخير والعدل والرخاء والحق والسلام، والعبودية لله رب العالمين،

ولدحض الباطل، واجتثاث جذور الشر، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَالَمِينَ) ..

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”

رواه أبو داود والترمذي،
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لا يرحم الناس لا يرحمه الله” رواه البخاري ومسلم .

وقال ايضا “ومن لا يغفر لا يُغفر له” وفي الحديث: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

والإسلام حثّ على رحمة الصغير والكبير والضعيف، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“ليس منا من لم يوقر الكبير، ويرحم الصغير، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر” رواه أحمد والترمذي.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تقبّلون الصبيان وما نقبّلهم،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أوَ أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟!” رواه البخاري ومسلم .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تُنزع الرحمة إلا من شقي” رواه أبو

داود والترمذي، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“إن الله رفيق يحب الرفق، ويُعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه” رواه مسلم.

وأحْوَجَ الناسُ إلى رحمتك وشفقتك وإحسانك وبرّك: أقرب الناس إليك، الوالدان: الأم والأب، فارحمهما ولا تعذبهما، وسامحهما

ولا تؤاخذهما، وأكرمهما ولا تُهنهما، وتواضع لهما ولا تتكبر عليهما، فتلك وصية من الله

إليك؛ قال سبحانه: ﴿واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا﴾ سورة الإسراء .

ويحتاج الوالدان إلى رحمة الأولاد وهما بين القبور، ينتظران البعث بعد النشور، فما أحوجهما في ذلك اليوم إلى دعوة صالحة

منك، ترفعها إلى الله جل جلاله أن يفسح لهما في قبريهما، فقد صارا غرباء سفر لا

يُنتظرون، ورهناء ذنوب لا يُفكون ولا يطلقون، فارفع الأكف الصادقة إلى الله أن يرحمهما.

فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ” إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ

عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ, صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ” رواه مسلم .

والرحمة بين الأهل والأقارب، فرحمتك لزوجتك وإخوانك وأخواتك وسائر قرابتك، وهو أن يرحم المرء أهل بيته؛ وأن يحسن

رعايتهم وعشرتهم، وأن يعاملهم باللطف واللين، والمحبة والمودة، أن يسهر على خدمتهم، أن يشبعهم، ويكسوهم،

ويسكنهم، ويقدم لهم من الخير ما استطاع، وقبل ذلك كله أن يقودهم إلى الجنة،

ويُعرّفهم أبوابها وسبلها، ويقيهم من النار، ويُحذرهم من طرق الضلال التي تقودهم إليها.

فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا

مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ سورة التحريم .

والرحمة بالضعفاء والفقراء، فمن شعائر الإسلام العظيمة: إطعام الطعام، والإحسان إلى الفقراء والأرامل والأيتام، طلبًا لرحمة

الله الملك العلام، فروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ: ” السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ”.

فالذي يطعم الأرملة ويدخل السرور عليها ويرحم بُعد زوجها عنها، حين يكون لها كزوجها

إحسانًا وحنانًا؛ كالصائم الذي لا يفطر من صيامه، والقائم الذي لا يفتر من قيامه، فهنيئًا ثم هنيئًا لأمثال هؤلاء الرحماء.

وأخرج البخاري في صحيحه عن سَهْل بْن سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«”وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا” وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى.

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ لَهُ:

” إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ ” رواه أحمد .

فارحم أخاك ولو كان مذنبا، ارحمه بسَتره، بإرشاده، بتعليمه، بنصحه، بمنعه من الذنب… فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا” فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ

اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: “تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ”.رواه البخارى ومسلم .

فأين الرحمة ممن يحمل في قلبه حقدا وحسدا وبغضا لإخوانه؟ أين الرحمة ممن يؤذي الناس في بيعهم وشرائهم؟ أين

الرحمة ممن يحقر الناس ويزدريهم ويسخر منهم؟ أين الرحمة ممن يؤذي المسلمين في أموالهم بالسلب والنهب والغش

والخديعة؟ أين الرحمة ممن يؤذي المسلمين في دمائهم وأنفسهم بالاعتداء والقتل وسفك الدماء؟ أين الرحمة ممن يؤذي

الناس في أعراضهم بانتهاكها والخوض فيها بالباطل؟ فكل هذه أمور حرمها الإسلام واعتبرها من المنكرات والموبقات.

وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ” لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ

تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا

هُنَا”. وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ” بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ »”

فمن أراد أن يتخلق بخلق الرحمة فليقرأ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليتدبر

في معالمها، فهو القدوة والأسوة والرحمة الهداة صلى الله عليه وسلم….

الخلق العظيم فى الإسلام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى