الحنين للماضى وأمنية العيش فيه
الحنين للماضى وأمنية العيش فيه
طارق سالم
عندما يخلو كل منا بنفسه أو تجمعه جلسة مع اصدقائه المقربين دائما ما تعود عقولهم وقلوبهم إلى الحنين للماضى الجميل وأمنية العيش فيه مرة أخرى ويسرح كل منا بذكرياته ويمر أمامه شريطها ومواقفها ويعود بالفعل بخياله إلى حقبة من الماضى الذي كان يعيش فيه ويتذكركل منظر جميل يسر الناظرين وناسه الطيبيبن وبيوته المبنية بالطين وسلوكيات كل صادق أمين وطرقاته التى لا تخلو من الحنين بين الماريين ورائحة ترابه التى لائؤذى الأنف والصدر ولا تعكر صفو الجالسين والخضرة التى كانت تكسو الحياة على جانبي الطرقات وتكسوا الحقول من زروع واشجار كل بالوانه واشكاله الجميلة التى تريح العين وتشفى البدن
· كل منا يريد العودة للماضى والعيش فيه لأنه كان طيبا لينا هادءا حتى البيوت كانت رطبة بالحب والحنان ببنائها اللبن وشكلها الجميل واسطحها التى كانت مليئة بالخير وفنائها المليئ بأنواع الطيوروالحيوانات بأنواعها والتى كانت صاحبة كل من بالبيت ومصاطبها الجميلة التى كانت لها فعل السير في لمة الأهل والاقارب والاصحاب وهى فرحة مسرورة وسعيدة بحصيرتها المميزة باللون والصنع لأنها كانت تسمع روايات وحكايات ومواقف ومووايل لا تحكى إلا عليها والكل يحن إلى الجلوس عليها ساعة عصرية وأحيانا بعد العشا لما لها من صدر رحب وتشارك في تقديم الحلول في اصعب المشاكل وهى شاهدة على كل هذا دون ملل أو زهق .
· كل منا يريد العودة للماضى والعيش فيه : لما كان به من تكافل وتعاون من سكانه من العائلات والجيران بالشارع والحارة والحى كل منهم يؤثر الأخر عن نفسه ويقدم له من مأكله ومشربه حتى وإن كان قليلا ويقدم له من الزروع بأنواعها يوم الحصاد يجنب بعض منها لأهله وجيرانه وكانت هذه هي السمات والصفات التى كانت تميز الماضى وأهله لا تجد من يشكو الوجع ولا الألم لاتجد من يبيت ليله حزينا وحيدا لا تجد من يتعثر والكل يمد يده للمساعدة لا تجد إلا المشاركة من الكل للكل دون رياء ولا نفاق ولكن بكل صدق وإخلاص وكأنهم بيت واحد وعائلة واحدة .
· كل منا يريد العودة للماضى والعيش فيه : لما كانت تميزه الأخلاق والإحترام والحياء – فمثلا بالبيت تجد هناك راس العائلة له كل الإحترام والأدب والكلمة المسموعة التى ترعى كل المصالح لكل فرد بالعائلة وتجد السلوكيات الجميلة بالكلم والتصرف عند كل من بالبيت من صغير وكبير والكل يعمل على صالح العائلة والحفاظ على عاداتها من الحب والاأدب والإحترام وهذا ما ينعكس على أفراده خارج البيت .
– وفي الشارع تجد الصغير يحترم الكبير واحيانا يقف حتى يفسح الطريق له وتجد الكبير يحن على الصغير ويعطف عليه حتى ولو بالكلمة الطيبة .
– في المدرسة حدث ولا حرج كانت محراب للعلم بمعناه الحقيقي وكان الواحد منا يذهب إلى مدرسته بذيه المتواضع وأدواته ويحافظ على النظام العام وكان كل الأحترام والتقدير للمدرس له قيمة وهيبة داخل كل منا والكل يعمل له ألف حساب من واجبات حتى وصلت بالفعل أنه عندما تمر أمام المدرسة تمر بأدب وراس منحنية تقديسا لها وعندما تمر بالطريق وتقابل فيه مدرسك تقف حتى يمر أو تترك له الطريق وتسير من الأخر تقديسا له ولدوره هذا كان حالنا بالتعليم نتلقاه بكل حب واحترام لكل العاملين به حتى اصبح كل منا نافع لنفسه وأهله وبلده ووطنه لأن كل من منا يقوم بدوره الذي يتميز بعقل النقى والقلب الصافى .
· كل منا يريد العودة للماضى والعيش فيه : في الصحة وبرغم قلة الأمكانيات ووعي الصحى لدى الأهالى إلا أنه كان هناك من يطبطب الألم والوجع من أهل الخبرات منهم ومما يتوفر لهم من وحدات صحية صغيرة ولكنها كان لها فعل السحر في علاج ممن يشكون ألامهم وأوجاعهم والعاملين بها مخلصين أوفياء ذو إحساس ملئ بالحب والحنان وأداء واجبهم بكل صدق وأمانه . وكان هناك بعض من الأطباء الذين كانت قلوبهم رحيمة منهم من كان يعالج مجانا ومنهم من كان يعالج بأجر رمزى وهو راضى وأحيانا أخرى يذهب للمريض ببيته الطيني دون أجر وكثير من الأحيان يعطى له العلاج ويقوم بمتابعته يوميا والسؤال عليه والإطمئنان على حاله حتى يشفى .
كل منا يريد العودة للماضى والعيش فيه : لأنه كان خال من الغل والحقد والحسد والبغضاء بين الناس خال من التكبر خال من النفاق خال من الأنانية وحب الذات ومن هنا تأتى الراحة النفسية والطمأنينة لكل من كان يعيش بالماضى ويتمنى العودة له والعيش فيه برغم عدم الحداثة وقلة الذات والقدرات والإمكانيات إلا أنها كانت حياة جميلة يسودها الحب والإيثار والهدوء وراحة النفس والبال .
وبعد أن جال كل منا بخاطره بماضيه وروى كل جميل به جاء صوت عالى هز الجدران والأبدان وخرج كل منا من خاطره بسببه ألا وهو صوت توكتوك يمشى بجوارنا والتفت له وقال هذا هو الفارق بين الماضى والحاضر ياسادة .
ومن هنا اتذكر ( عايزنا نرجع زى زمان قول للزمان إرجع يا زمان ).