الحماية الدولية للأقليات في دول العالم
كتب الدكتور سعيد فتوح النجار
تعد حقوق الأقليات بؤرة اهتمام الكثير من الدول الكبرى, وغالبا ما يكون هذا المصطلح ذريعة للتدخل في شئون الدول الداخلية التي تعاني من اضطهاد لأقلياتها, وقد حظيت تلك القضية باهتمام دولي خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية من خلال التعرض لحقوق الإنسان بصفة عامة, وقد أولت منظمة الأمم المتحدة اهتماما بحقوق الإنسان بصفة عامة دون التعرض للأقليات .
فأشار ميثاق الأمم المتحدة الى المساواة في الحقوق واحترام حقوق الإنسان بصفة عامة ومبدأ عدم التمييز, فحقوق الإنسان تمتد الى الشخص لكونه إنسانا, سواء مثل أغلبة أم أقلية, فطالما أنه إنسان يتمتع بتلك الحقوق .
وقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة الثانية على أن:
(لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكوره في هذا الإعلان, دونما تمييز من أي نوع, ولا سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي سياسيا وغير سياسي أو الأصل الوطني أو الإجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر, وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي اليه الشخص, سواء أكان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر على سيادته).
فحقوق الإنسان ليست حكرا على فئة دون الأخرى, أو للأغلبية دون الأقلية, فللجميع الحق بالتمتع بكافة الحقوق دون تمييز, يستوي في التمتع بتلك الحقوق الأقلية مع الأغلبية داخل الإقليم وفي إطار اهتمام الأمم المتحدة بحقوق الانسان بصفة عامة وحقوق الأقليات بصفة خاصة, صدرت إتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وذلك في التاسع من سبتمبر سنة 1948م, إضافة الى الإتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الملحق بها, والإتفاقية الخاصة بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية, وتم التوقيع عليهم في 16 ديسمبر 1966م, وبموجب هذه الإتفاقيات تتعهد كل الدول المصادقة عليها بحماية شعبها من المعاملة القاسية أو غير الانسانية .
وقد نصت المادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن:
(لا يجوز في الدول التي فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية, أن يحرم الأشخاص المنتسبون الى الأقلية المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم أو إقامة شعائرة أو استخدام لغتهم, بالإشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم) .
كما أكدت الإتفاقية الدولية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية على حماية حقوق الأقليات, فبينت الحقوق التي يجب ضمانها للإنسان بصفة عامة دون النظر لإنتمائه الديني أو العرفي أو اللغوي أو أي معيار للتمييز, فلكل إنسان الحق في الصحة والتعليم والمشاركة الثقافية في المجتمع والحق في العمل والحصول على أجر عادل وتوفير حياة كريمة للمواطن والحق في تكوين النقابات والإنضمام اليها والحق في الضمان الإجتماعي .
وليست الأمم المتحدة فقط من اهتمت بحقوق الإنسان عامة والأقليات خاصة, بل كان للعديد من المنظمات الدولية الإقليمية دور في هذا المجال, فنصت المادة الرابعة عشر من الإتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان لسنة 1950م على أن:
(يكفل التمتع بالحقوق والحريات المقررة في هذه الإتفاقية دون تمييز أياً كان أساسه, كالجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو العقيدة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الإجتماعي أو الإنتماء إلى أقلية قومية أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر) .
وكذلك الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان الصادر في 13 ديسمبر 1951م, والإتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ” ميثاق سان جورية ” الصادر في 22 ديسمبر 1969م والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1978م, وإن كانتا لم يشيرا صراحة الى مصطلح الأقليات إلا أنهما أكدتا على مبادئ المساواة وعدم التمييز .
وكذلك ميثاق حقوق الإنسان والشعوب والذي نوقش على مستوى منظمة الوحدة الأفريقية ووقع عليه في مؤتمر قمة نيروبي في يونيو 1981م ودخل حيز النفاذ في 21 أكتوبر 1986م وهو أيضا لم يتعرض لحقوق الأقليات بل أرسى العديد من المبادئ وأكد عليها كالمساواة وعدم التمييز وأعتبر الأقليات كباقي المواطنين لا تمييز بينهم وبين الأغلبية .
وعلى صعيد منظمة المؤتمر الإسلامي فقد نادت صراحة بحماية حقوق الأقليات المسلمة المتواجدة في غير الدول الإسلامية والتي تعاني من التمييز والتعصب, ووجوب إيجاد السبل الكفيلة بحماية حقوق الأقليات الدينية والثقافية والمدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية .
فالإتفاقيات الدولية تعد أحد أهم مصادر حقوق الأقليات وذلك في إطار القانون الدولي العام بجانب العرف الدولي وقرارات المنظمات الدولية والمبادئ العامة للقانون والفقة والقضاء, إضافة الى المصادر الداخلية في الدول التي تحوي أقليات .
ومن أهم الإتفاقيات الدولية ذات الطابع العالمي والمعنية بحماية حقوق الأقليات:
– إتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها,
– والإتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم سنة 1960م والتي حذرت أي إستبعاد أو قصر أو تفضيل على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة أو الرأي السياسي أو الأصل الإجتماعي أو الوطني أو المولد أو الحالة الإقتصادية أو أي معيار للتمييز .
– وكذلك الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أنواع التمييز وأشكاله سنة 1965م بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي دخلت حيز النفاذ في الرابع من يناير سنة 1965م والتي نصت على: (يقصد بتعبير “التمييز العنصري” أي تمييز أو إستثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني, ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الإعتراف بحقوق الإنسان والحريات الإنسانية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة في الميدان السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي أو الثقافي أو أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة) .
– إضافة الى الإتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها في 30 نوفمبر 1973م والتي دخلت حيز النفاذ في 18 يولية 1976م.
– وإتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة في 10 ديسمبر 1984م والتي دخلت حيز النفاذ في 26 يوليو 1987م.
– والإتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية في 10 ديسمبر 1985م, وجميع تلك الإتفاقيات صادره عن الأمم المتحدة .
زر الذهاب إلى الأعلى