مقالات وتقارير
الجزءُ الثاني مِن: كيفَ تزولُ الهوَّةُ بَينَ الْشيعَةِ وَ الْسُنَّة؟
الجزءُ الثاني مِن: كيفَ تزولُ الهوَّةُ بَينَ الْشيعَةِ وَ الْسُنَّة؟
………
بقلم: رافع آدم الهاشمي
الباحث المحقّق الأديب
مؤسّس و رئيس
مركز الإبداع العالميّ
………
تتمَّةُ الجزءِ الأَوَّلِ من هذا المقال
………
مَعَ الأَخذِ بنظرِ الاعتبارِ: أَنَّني عَلى عِلمٍ مُسبَقٍ بما ذكرَهُ وزيرُ الدفاعِ الأَمريكيِّ دونالد
رامسفيلد في كتابهِ عَنِ العراقِ، وَ الّذي حملَ كتابُهُ عنوانَ: (المعروفُ وَ غَيرُ المعروفِ)
ذو الـ (800) ثمانمائةِ صفحَةٍ، وَ حولَ دفعِهِ مبلغَ مائتيّ مليونِ دولارٍ أَمريكيٍّ للمرجعِ
الدِّينيِّ المذكورِ؛ لقاءَ عَدمِ إِفتائِهِ فتوىً ضِدَّ القُوَّاتِ الأَمريكيَّةِ الْمُحتلَّةِ للعراقِ، وَ ما تمَّ
إِنكارُهُ تارَةً عَن لسانهِ وَ تارةً عَن لسانِ الوسائلِ الأَمريكيَّةِ ذاتِ العَلاقَةِ! إلّا أَنَّ رامسفيلد
قَد يكونُ كاذباً! يُحاوِلُ بذلكَ زرعَ بذورِ الفتنةِ بَينَ الْمُسلمينَ، وَ هُوَ الأَرجَحُ عندي؛ لأَسبابٍ
كثيرةٍ، وَ قَد يكونَ صادقاً؛ مِن بابِ كتابَةِ الوقائعِ الّتي جَرَت كمَا هيَ، كَشفاً للحقائِقَ أَمامَ الأَجيالِ، وَ هُوَ الأَضَعفُ عندي؛ لأَسبابٍ مَنطقيَّةٍ..
إِذاً: فَمَن يَعلَمُ الحقيقةَ بشكلٍ مُطَلَقُ هُوَ اللهُ سُبحانهُ وَ تعالى ثُمَّ أَصحابُها ذاتُ العَلاقَةِ،
وَ لسنا نَحنُ، لِذا: كي نتيَقنَ مِن هذهِ الأُمورِ جميعَها، وَ عمَلاً بقولِ جَدِّيَ رسولِ اللهِ
(روحي لَهُ الفداءُ)، سيِّدُنا وَ حَبيبُنا الْمُصطفى الأَمينُ (صلّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهارِ
وَ صحبهِ الأَخيارِ وَ سلّمَ تسليماً كثيراً وَ عليهِ وَ عليهِمُ السَّلامُ جميعاً دُونَ استثناءٍ):
– “الْحَلالُ بَيِّنٌ، وَ الْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَ بَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لا يعلَمُها كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فمَنِ اِتَّقى
الْمُشتبهاتَ اِستبرأَ لدِينهِ وَ عِرضِهِ، وَ مَن وقعَ في الشُبهاتِ وقعَ في الحرامِ”..
[رواهُ في صحيحهِما الإِمامانِ البُخاريُّ وَ مُسلِمٌ رضيَ اللهُ تعالى عَنهُما وَ أَرضاهُما] وَ كما قيلَ:
– “رَحِمَ اللهُ امرءاً جَبَّ الغِيبةَ عَن نفسِهِ”..
عليهِ: أَقتَرِحُ ما يلي:
أَنْ يكونَ مَطلَبُ الْمناظراتِ العَلنيَّةِ مَعَ السيِّدِ (السيستانيِّ)، المرجِعُ الدِّينيُّ المذكورُ في
مُحتوى الخبرِ أَعلاهُ، مَطلَباً رَسميِّاً تتبَنَّاهُ جامِعَةُ الدُولِ العَربيَّةِ وَ تَتَّخِذُ لأَجلِ تحقيقِهِ كافّةَ
السُبلِ القانونيَّةِ الكفيلَةِ لتحقيقِهِ، بما فيها حَثَّ هيئةِ عُلماءِ الْمُسلمينَ على تبَنِّي الأَمرَ
بشكلٍ مُتزامِنٍ، حتَّى تحقيقِ الْمُناظراتِ الْعَلنيَّةِ، لأَنَّ الأَمرَ وصلَ إِلى حَدِّ إِراقَةِ دِماءِ
الْمُسلمينَ وَ هَتكِ أَعراضِهِم وَ سَلبِ مُمتلكاتهِم، وَ هذا ما لا يرضى عَنهُ اللهُ وَ رسولُهُ
وَ المؤمنونَ وَ المؤمناتُ، مَعَ التذكيرِ: أَنَّ الْمُناظراتَ تكونُ مَعَ شخصِ الْمَرجعِ السيستانيِّ
لا مَعَ مَن ينوبُ عَنهُ، وَ أَن تكونَ بالّلغَةِ العَربيَّةِ الفُصحى حَصراً؛ لأَنَّ مَن يتصَدَّى للمرجعيَّةِ
الدِّينيَّةِ الّتي أَساسُها التفَقُّهَ في أَحكامِ اللهِ الواردَةِ في القُرآنِ الكَريمِ، يَجبُ ثُمَّ يَجبُ ثُمَّ
يَجبُ (ثلاثاً للتأَكيدِ الْمُغلَّظِ) أَنْ يَكونَ ضَليعَاً في اللُّغَةِ العَربيَّةِ الفُصحى، الّتي هيَ لُغَةُ
القُرآنِ الكَريمِ وَ لُغَةُ سيِّدِنا رسولِ اللهِ (عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، الّتي قالَ فيها
(صلّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهارِ وَ صحبهِ الأَخيارِ وَ سلّمَ تسليماً كثيراً وَ روحي لَهُ وَ لَهُم جميعاً الفِداءُ):
– “أَحِبُّوا العَربَ لثلاثٍ؛ لأَنِّيَ عَربيٌّ، وَ القُرآنُ عَربيٌّ، وَ كلامُ أَهلِ الجَنَّةِ عَربيٌّ”..
[رواهُ الطبرانيُّ في مُعجَميهِ الكبيرِ وَ الأَوسَطِ، كما رواهُ الحاكِمُ في مُستدرَكهِ،
وَ البيهقيُّ في شُعَبهِ، وَ تَمَّامُ في فوائدهِ، وَ غيرُهُم آخرونَ]
وَ مََن يُحِبُّ العَربَ حُبَّاً للهِ وَ لِرَسولِهِ يَجِبُ عليهِ أَن يُسارِعَ لوأَدِ الفِتنَةِ فيهِم، وَ: أَنْ يَتُمَّ
تحديدُ وَقتٍ معلومٍ لبدءِ الْمُناظراتِ العَلنيَّةِ، وَ كُلّما كانَ وقتُ تنفيذِها سريعاً كانَ ذلكَ
أَفضَلٌ، وَ مَن يتهرَّبُ مِن هذهِ الْمُناظراتِ أَيَّاً كانَ، مِن أَيِّ طَرَفٍ كانَ، مِنَ (الشيعَةِ)
أَوِ (السُنَّةِ) أَوِ (الطرفِ الثالثِ) فَهُوَ يَحمِلُ على عاتقِهِ وِزرَ كُلِّ هذهِ الدِّماءِ الّتي أُريقَت
وَ الأَعراضِ الّتي هُتِكَت وَ الْمُمتلكاتِ الّتي سُلِبَت وَ ما سيتبعُها لاحِقَاً مِن إِراقَةِ دَمٍ وَ هَتكِ
عِرضٍ وَ سَلبِ مُمتلكاتٍ، وَ ستُكشَفُ حَقيقتُهُ أَمامَ العالَمِ أَجمَعٍ دُونَ مُنازعٍ، فَعَلى الجَميعِ
مِن ذوي العَلاقَةِ أَنْ يَكشِفوا ما في قلوبهِم صراحَةً أَمامَ العالَمِ أَجمَعٍ، وَ أَن يُثبتوا ما
يدَّعونَ أَنَّهُ حَقٌّ، إِثباتاً بَيِّناً بالأَدلَّةِ وَ البراهينِ، لا التذُّرعِ بأَعذارٍ واهيةٍ ما أَنزلَ اللهُ تعالى بها مِن سُلطانٍ، وَ إِلّا: فلا خَيرَ في كاذبٍ أَفّاقٍ!
وَ رُبَّ قائلٍ يقولُ لي:
– “اُقسِمُ باللهِ لَو كانَ الْمُنشورُ فيهِ تكبُّرٌ على الذاتِ الالهيَّةِ ما كانَ أَتعبتَ نفسَكَ بالتبريرِ
هكذا!! ثُمَّ أَيُّ أَبٍ رُوحيٍّ وَ أَيُّ عَقيدةٍ تتكلّمُ عَنها وَ أَنتُم لَم تروهُ وَ لَم تسمعوا لَهُ
وَ لَم تُكلّموهُ؟؟ هَل هذا الشيءُ طبيعيٌّ برأَيك؟!”
فأَقولُ لَهُ:
– يا هذا! لِمَ تُخاطبني بصيغةِ الجَمعِ؟ (أَنتُم لَم تروهُ وَ لَم تسمعوا لَهُ وَ لَم تُكلّموهُ؟؟)!!!
عَجَبَاً!! أَنا (وَ أَعوذُ باللهِ مِنَ الأَنا) قُلتُ في كلاميَ: إِنِّي لا أُؤمِنُ إِلّا بالإسلامِ الأَصيلِ الّذي
عليهِ جَدِّيَ رسولُ اللهِ رُوحي لَهُ الفِداءُ وَ آبائي الأَئِمَّةُ الأَطهارِ وَ جَميعُ أَقربائي مِن صحابةِ
رسولِ اللهِ رضوانُ اللهِ تعالى عليهِم أَجمعينَ (عليهِم السَّلامُ جَميعَاً وَ روحي لَهُم الفِداءُ)!
فلماذا تقَوِّلُني مَا لَم أَقلُهُ؟! باللهِ عليكَ لا تظلمني لأَنِّي لَن أُبرئَ ذِمَّةَ أَيِّ مَخلوقٍ ظلمَني
أَو يَظلِمَني وَ لي مَعَ مَن ظلَمني وَقفَةٌ أَمامَ اللهِ يومَ الحسابِ!
– ثُمَّ: أَلَم يَقُل رَبُّ العالمينَ تقدَّسَتْ ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صِفاتُهُ: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ
فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}؟؟؟
[القُرآنُ الكريم: سورة المائدة/ من الآية (32)]..
– بربِّكَ أَنتَ أَخبرني: إِراقَةُ الدِّماءِ وَ هَتكُ الأَعراضِ وَ سَلبُ الْمُمتلكاتِ أَليسَتْ في واقِعها تُعَدُّ تَعَدٍّ على الذاتِ الإِلهيَّةِ؟!!!!
أَنتَ إِذا رأَيتَ أَبناءَكَ يُقتَلونَ وَ بناتُكَ يُهتَكُ أَعراضهُنَّ وَ مُمتلكاتُهُم تُسلَبُ مِنهُم (لا قَدَّرَ اللهُ شيئاً مِن ذلكَ نهائيَّاً) أَوَ لا تعتبرهُ تَعدٍّ عليكَ أَنت؟!!!!
– ما بكَ لا تعي الكلامَ جيِّداً؟!!
– لِماذا تأَخذُكَ عَصبيَّةُ الجاهليَّةِ؟!!!
أَخي العَزيزُ في اللهِ، أَنا وَ أَنت مُسلمانِ، وَ عَلينا أَن نأتَمِرَ بالقُرآنِ الكَريمِ وَ سُنَّةِ النبيِّ الأَكرَمِ عليهِ أَفضلُ الصَّلاةِ وَ السَّلامُ، لا أَنْ ننحازَ لعِرقٍ أَوِ اِنتماءٍ أَو مصلَحَةٍ ما!!! أَنتَ وَ أَنا وَ الجميعُ مَيِّتونَ مَيِّتونَ، وَ كُلٌّ مِنَّا يُحَاسَبُ على أَعمَالِهِ، فَلن ينفعَكَ أَو ينفعَني أَو ينفعَ الجميعَ غَيرَ طاعَةِ اللهِ وَ رسولِهِ، لا الدفاعُ عَن عِرقٍ أَوِ اِنتماءٍ أَو مَصلَحَةٍ!!!
– {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}..
[القُرآنُ الكريم: سورة الرَّحمن/ من الآية (26)]..
أَعِد قراءَةَ جميعِ ما كُتبتُهُ أَعلاهُ برُمَّتهِ وَ ارجِع إِلى القُرآنِ الكريمِ آيةً آيةً، وَ اعمَل بكُلِّ ما جاءَ بهِ جُملةً وَ تفصيلاً، فَوَ رَبِّي وَ رَبُّكَ الّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ: إِنَّما أَسعى لِلَمِّ شَملِ الْمُسلمينَ
قاطبةً دُونَ اِنحيازٍ لجهةٍ أَو أُخرى، وَ بالتالي: لِلَمِّ شملِ الأُسرةِ الإِنسانيَّةِ الواحِدَةِ؛ طاعةً
للهِ تعالى وَ قُربةً إِليهِ، وَ إِرضاءً لقلبِ نبيِّنا الْمُصطفى الأَمينِ (رُوحي لَهُ الفِداءُ) الّذي يرى
أُمَّتَهُ تتناحَرُ فيما بينها بدافِعِ العَصبيَّةِ القَبَليَّةِ!!! أَو بدَافِعِ التعَجُّلِ بإِصدارِ الأَحكامِ على
الآخرينَ اِستناداً للظنِّ لا غيرَ!! أَو بدافعِ الجَهلِ!!!
– أَلستَ يا أَخي في اللهِ أَباً؟!
– مَا بالُكَ إِذا تقاتَلَ أَبناؤكَ فيما بينهُم؟!
– أَترضى؟!!
آخِرُ ما عِندي إِليكَ وَ للجميعِ: اِقرأوا كُلََّ ما ذكرتُهُ لَكُم جيِّداً بعَينٍ موضوعيَّةٍ تسعى للحَقِّ لا لغيرهِ، وَ ارجِعُوا إِلى القُرآنِ الكَريمِ (الأَصيلِ) وَ اعمَلوا بما جاءَ فيهِ، فَهُوَ سبيلُ نجاتِنا وَ عِزَّتنا وَ كرامتنا في الدُّنيا وَ الآخِرةِ، وَ لَعنةُ اللهِ على الظالمينَ أَيَّاً كانوا، في أَيِّ زمانٍ أَو مكانٍ.
فإِنَّما أَنا مِن مَصاديقِ قولهِ تعالى:
– {وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}..
[القُرآنُ الكريم: سورة آل عمران/ الآية (104)]..
وَ لستُ مَعَ هذا أَو مَعَ ذاكَ؛ لأَنِّي مَعَ اللهِ لا مَعَ مَن سِواهُ..
أَقولُ (وَ الشِّعرُ لي):
فَطوبى للَّذي قَد بَاعَ نَفساً
أَحبَّتْ خَالِقَاً كُلَّ الأَوانِ
وَ طُوبى للَّذي قَد قالَ صِدقَاً
بأَنِّي بعتُ وَ اللهُ اِشتراني.
– فلاحِظ (ي) وَ تبصَّر (ي)!
ثُمَّ قَد يسأَلُ أَحدُهم:
– كيفَ يمكِنُ لهذا الأَمرِ أَن يُزيلَ الْهُوَّةَ بينَ الشيعَةِ وَ السُنَّةِ؟
– ما عَلاقَةُ مُحتوى التقريرِ الإِخباريِّ المزبورِ بوأَدِ الفتنةِ بينَ الطرفينِ؟
فأَقولُ:
إِنَّ العراقَ باتَ اليومَ يُشَكِّلُ حَلَقَةَ وَصلٍ للتجاذُباتِ الاِستراتيجيَّةِ لِكُلِّ قِوى العالَمِ، حتَّى تحوَّلَ إِلى حَلبَةِ صراعٍ شَرِسَةٍ جدَّاً، يَتصارَعُ فيها الخصومُ بالوَكالَةِ، وَ الخصومُ الّذينَ أَقصدُهُم هُمَا: (روسيا) مِن جهةِ الشرقِ، وَ (أَمريكا) مِن جهَةِ الغَربِ، وَ أَمَّا الدولُ الأُخرى، تركيا، إِيران، السعوديَّة، سوريا، لُبنان، الأُردُن، اليمن، فلسطين، الإمارات، قَطَر، عُمان، الكويت، مصر، وَ، وَ، وَ… الخ، فهيَ عِبارَةٌ عَن بيادقٍ في رُقعَةِ شِطرنجِ الصراعِ الدوليِّ الأَكبَرِ، يُحَرِّكُها طَرَفا الصراعِ الْمُتخاصِمَينِ، كُلٌّ مِنهُما يُريدُ فَرضَ سيادتهِ على العالَمِ أَجمَعٍ، وَ البيادَقُ بينهُما، تتحرَّكُ قَسراً بشكلٍ مُباشِرٍ وَ غَيرِ مُباشرٍ، وَ كُلُّ بيدَقٍ مِنها لَهُ أَعذارُهُ المنطقيَّةُ في التُحرُّكِ القَسريِّ تجاهَ أَحَدَ طرَفَيِّ الصِراعِ!
وَ السؤالُ الأَهَمُّ هُنا هُوَ:
– كيفَ استطاعَ طَرَفا الصراعِ أَنْ يَجعَلا أَعذارَ كُلِّ بَيدَقٍ مِن هذهِ البيادِقِ، عُذراً مَنطقيَّاً لها؛ تسترخِصُ في سَبيلِ الدفاعِ عَنهُ كُلَّ غالٍ وَ نفيسٍ، حتَّى وَ إِن أَودى بها إِلى الخُروجِ مِن رُقعَةِ شطرنجِ الصراعِ (أَيّ: أَدَّى بها إِلى الموتِ)! وَ هُوَ ما حاصِلٌ بالفِعلِ؟!
الجوابُ هُوَ:
– عَدمُ الثقَةِ بالبيدَقِ الآخَرِ!
إِنَّ السياسَةَ الاستعماريَّةَ القديمَةَ كانت مَبنيَّةً على مبدأ: (فَرِّق تَسُد)، أَمَّا السياسَةُ الاستعماريَّةُ في يَومِنا هذا، فَقَد بُنيَت على مبدأ: (الفوضى الْخلّاقة)، أَو: ما أُسمِّيها شخصيَّاً بالْمُصطلحِ الّذي اِبتكرتُهُ لها خِصِّيصاً، وَ الّذي هُوَ أَكثرُ تطابُقاً لمعنى مُحتواها عَنِ الْمُصطلَحِ الآخَرِ؛ ليكونَ بذلكَ اِسماً على مُسمَّاهُ، مِمَّا لَم يسبقني إِليهِ أَحَدٌ مِن قَبلُ، وَ هُوَ: (إِدارةُ الفَسادِ الإِداريِّ)!
إِنَّ القوَّةَ الحَقيقيَّةَ لجَميعِ دُولِ العالَمِ، إِنَّما تكمُن في الإِسلامِ الأَصيلِ، وَ مُقوِّماتُ هذهِ القُوَّةِ تترَكَّزُ في الْمُسلمينَ وَ الْمُسلِماتِ، قاطبةً دُونَ تمييزٍ بينَ عِرقٍ أَوِ اِنتماءٍ، إِنَّما هُم أُمَّةُ (لا إِلهَ إِلّا اللهُ مُحمَّدٌ رَسولُ اللهِ)..
وَ كُلُّ الحَضارَةِ الموجودَةُ اليومَ، وَ التقدُّمُ الحاصِلُ لدى ما يُسمَّى بالدُوَلِ الْمُتقدِّمَةِ، إِنَّما أَصلُها الإِسلامُ الأَصيلُ، وَ وسيلتُها مؤلّفاتُ وَ مُبتكَراتُ الْمسلمينَ وَ الْمُسلماتِ! خاصَّةً مِنَ الْمسلمينَ وَ الْمُسلماتِ العَرَبِ، لذا: عَمدَ الاستعمارُ العالميُّ على خَلخَلةِ هذهِ القُوَّةِ العُظمى، وَ ليسَ مِن سَبيلٍ لِخلخَلةِ أَيِّ قوَّةٍ مَهما كانت عَظيمةً، سِوى سَلب الثقةِ مِنها بأَجزائِها الأُخرى!
عَليهِ: فإنَّ المناظراتَ العَلنيَّةَ الّتي أَدعو إِلى العَمَلِ بها مَعَ المرجعِ الدِّينيِّ السيِّدِ السيستانيِّ، إِنَّما ستُشَكِّلُ نقطةَ اِنطلاقٍ حَقيقيَّةٍ لإِرجاعِ الثقةِ إِلى أَجزاءِ هذهِ القُوَّةِ العَظيمَةِ، الَّتي أَعني بها قُوَّةَ الْمُسلمينَ وَ الْمُسلماتِ، وَ مِنها ستبدأُ خُطواتُ التلاحُمِ الإِنسانيِّ بينَ الجَميعِ، بَعدَ أَنْ يَرفعَ الجَميعُ كُلَّ الشُبهاتِ الّتي تولّدَت بينهُم، وَ يكونُ هذا الرَفعُ مِن خِلالِ شفافيَّةِ الحوارِ عَبرَ المناظراتِ العلنيَّةِ، ليرفَعُ جميعُ ذكورِ الإِسلامِ قاطبةً شعارَ:
– (أَنا مُسلِمٌ، وَ أَنتَ مُسلِمٌ، وَ كلُّنا مُسلمونَ).
وَ ترفَعُ جَميعُ إِناثِ الإِسلامِ قاطِبَةً شعارَ:
– (أَنا مُسلِمَةٌ، وَ أَنتِ مُسلمَةٌ، وَ كلُّنا مُسلماتٌ).
بغَضِّ النظرِ عَن عِرقِ هذا الْمُسلمِ أَوِ الْمُسلِمَةِ!
عَربيٌّ أَو أَعجميٌّ!
عَربيَّةٌ أَو أَعجميَّةٌ!
تركيٌّ أَو فارسيٌّ!
تركيَّةٌ أَو فارسيَّةٌ!
كَلِمَةُ التوحيدِ هيَ الّتي تجمَعُنا، وَ دستورُنا هُوَ القُرآنُ الكَريمُ الأَصيلُ، وَ قائِدُنا الأَوحَدُ هُوَ سَيِّدُنا وَ حَبيبُنا الْمُصطفى الأَمينَ رَسولُ اللهِ مُحمَّدٌ بن عبد اللهِ الهاشميُّ (روحي لَهُ الفِداءُ)، وَ كُلُّنا جنودٌ تحتَ قيادتهِ الحَكيمَةِ! لأّنَّهُ (روحي لَهُ الفِداءُ):
– {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}..
[القُرآنُ الكريم: سورة النَّجم/ الآيات (3 – 5)]..
أَيّ: لا يُوجَدُ شَيءٌ اِسمُهُ شيعيٌّ أَو سُنِّيٌّ!
أَيّ: الرجوعُ إِلى الإِسلامِ الأَصيلِ!
الرجوعُ إِلى فِطرَةِ اللهِ الّتي فَطرَ بها الإِنسانَ!
لا فرقَ بينَ إِنسانٍ وَ إِنسانٍ آخَرٍ مَهما كانت عَقيدَتُهُ إِلَّا بالتَّقوى، حتَّى وَ إِن كانَ يهوديَّاً عَقيدةً وَ نسَباً على حَدٍّ سواءٍ، أَو كانَ مَسيحيَّاً (كاثوليكيَّاً أَو أَرثوذكسيَّاً)، بَل حتَّى لو كانَ مُلحِداً كما يظنُّ فيهِ الآخرونَ، تقوى اللهِ هيَ الْميزانُ الفاصِلُ بينَ الْجَميعِ، وَ هيَ الفاروقُ بينَ الحَقِّ وَ الباطلِ أَيَّاً كانَ صاحِبُ أَحدِهِما!
بهذهِ الطريقَةِ، يُمكِنُنا تدارُكُ الانهيارِ الوشيكِ للمنظومَةِ الإِنسانيَّةِ كَكُلٍّ، وَ إِرجاعِ عَصا الإِسلامِ للانتصابِ مُجدَّداً، فتأَمَّل (ي) وَ لاحِظ (ي) وَ تبصَّر (ي)!
حَسناً!
– وَ إِذا بالفعلِ قَد توفّيَ أَحَدُ الْمُتناظرينَ مِن طرَفَيّ الْمُناظراتِ؟!
– هَل سنرجعُ إِلى نُقطَةِ الصِفرِ مرَّةً أُخرى؟!
………
بقيَّةُ المقالِ في الجُزءِ الثالث وَ الأَخير منهُ إِن شاءَ اللهُ تعالى.