مقالات وتقارير

الثقة بالنفس ” جرأة أم قلة أدب”

الثقة بالنفس ” جرأة أم قلة أدب”

كتب /اشرف عبده

ماهي ” الجرأة ” وما علاقتها بـ ” الثقة بالنفس “

إن ” الجرأة ” في حقيقتها هي قول وفعل الحق دون خوف من أحد، وهي تدل على روح الشجاعة و الثقة بالنفس وقوة الشخصية لكن للأسف تنكرت قلة الأدب بقناع ” الجرأة ” وصار الشخص يعتدي على القيم أو يتحدث بكل وقاحة ويسمى جريئًا و لديه ” قوة الشخصية “. ومن الرخص التي يتحايل قليل الأدب في استعمالها بقناع ” الجرأة ” “الحرية”، حرية التعبير وحرية النقد. فكيف يمكننا الفصل بين الثقة بالنفس و قلة الادب

لكل إنسان الحق في النقد محقًا كان أم مخطئًا؛ لأن الإنسان إما أن يستحسن شيئًا أو يستهجنه. فمن الطبيعي أن يكون له رأي ولا بأس أن ينتقد الإنسان بحجة وبيان و ” ثقة بالنفس “، ولكن النقد عن طريق التهكم والازدراء أو السب والشتم تحت مسمى جرأة يعتبر جهلًا وجاهلية! بل إنه وسيلة غير نظيفة ولا إنسانية. إن الناقد المتهكم أو الشاتم في الحقيقة لا يحمل الناس على تفهم رأيه والاقتناع به بقدر ما يعرفهم على دواخله وعن خسة نفسه. وكثيرًا ما يسب الإنسان من يختلف معه في التفكير بطريقة سخيفة، فتراه يتدخل في صفاته وطبائعه وشكله وطريقة جلوسه أو مشيته أو غير ذلك من التفاهات التي لا تزيد الناس منه إلا نفورًا. وذلك لا يعتبر من ” الثقة بالنفس “. اقرأ: كيف تزيد ثقتك بنفسك الجزء الاول

النقد و ” الحرية ” و ” الثقة بالنفس ”

الانتقاد بهذه الطريقة كا اشرنا ليس ” ثقة بالنفس ” وغنما هو شكل من أشكال الهجاء فلو نظم هذا الناقد الحاقد أبياتًا من الهجاء ونافس الفرزدق وجرير كان خيرًا له من أن يسمي الوقاحة ” جرأة ” وأن يخدع الناس باسم ” الحرية “.

” الحرية ” التي تعبر عن أسمى معاني الوجود، هذه ” الحرية ” لا تعني أبدا التحرّر من الصدق، من الحق، من العدل، من الأخلاق. لذلك يعرفها إيمانويل كانت ( بأنها استقلال الإنسان عن أي شي‏ء إلا عن القانون الأخلاقي ). وتترافق عادة مع ” الثقة بالنفس ” الحقيقية

قلة ادب أم ” ثقة بالنفس “

يزعمون أنها ” جرأة ” وإنما هي في حقيقتها وقاحة و ” قلة أدب “! للأسف فقد سار بعض الناس هذا السير فتدنوا إلى هذا المستوى، وتحدثوا عن طول وعن قصر. والأدهى والأمرّ، أن يكون الذي يسمونه “جريئًا” من ذوي الثقافة والعلم أو ممن يطلق عليه اسم الكاتب فلان والدكتور علان! تجده يتحدث حديث الجهلة لا المتعلمين، ويفتش عن عيوب الناس ليبرزها ويستخدم حججًا واهية ضعيفة فيسلك طريقًا غير الطريق اللائق بالعلم الذي تعلمه مدعيا ” الثقة بالنفس “. ويصبح القلم الذي هو أفضل أداة للخير وسيلةً لبث الشرور ولو سألت العلم عنه لأخبرك بأنه منه براء! لذلك فإن الصورة الحقيقية للإنسان هي الأخلاق بل هي أولى الشهادات العلمية، هي الهوية وبطاقة تعريف الشخصية. ويعتبر ذلك دليلا واضحا على نقص ” الثقة بالنفس ” اقرأ: نقص الثقة بالنفس وعلاماته

إن ” قلة الأدب ” سواءً كانت بكلمة سوء أو نقد ظالم أو فن هابط أو غيره لا يمكن أن تؤثر في الناس حتى وإن تقنعت بقناع؛ لأن الناس يتأثرون بالكلام الصادق وبالكلمات الطيبة التي تستمد قوتها من القلب و ” الثقة بالنفس “. قلة الأدب المتنكرة في ثوب الجرأة لا يمتثل فيها صاحبها لخلق ولا لعقل، وما سمي العقل عقلاً إلا لأنه يعقِلُ صاحبه عما لا يليق من الأقوال والأفعال. اقرأ: كلمات تعبر عن ثقتك

النقد شوهوه والأدب ظلموه والفن مسخوه، الشاتم يسمونه شجاعًا ومن يشجع الباطل يسمونه بطلًا وقليل الأدب يسمونه أديبًا رغم أن الأديب ما سمي أديبًا إلا من الأدب الذي ينطوي على المعنى الجميل من الحسن في كل شيء، حسن الأخلاق وحسن الكلام، وحسن المعاملة.
لا شرف ولا قيمة للكلمة دون صدق وأمانة في قولها أو كتابتها. ” الجرأة ” و ” الثقة بالنفس ” لا تخرج عن حدود اللباقة والأدب ولا تعني الإساءة والتجريح وتغييب العقول والأخلاق .. .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى