مقالات وتقارير
التقبل”لكاتبة فاطمة المصرى
الكاتبة فاطمة المصرى
أجمل ما تمنحه للآخرين هو التقبل لأنه شعور جميل حين تتقبل من أمامك رغم مزاجه
المتغير وتتقبل رغبته فى العزلة أو الصمت أو شكله الباهت المنطفئ وهو محبط
أو متعب وتتقبله من غير أن تستهين به وبسبب حزنه ، جميل أن تجد من يتقبلك ويمدح
صفاتك ولا يذكر عيوبك ،ويهتم بأدق التفاصيل متقبل العيوب ومنصت لحديثك ويسعى
لإسعادك ولا يحاول جرح مشاعرك ، الأشخاص التى تحاول على تقوية العلاقات
ومنح فرص للآخر ، اليدين التى تحاوطك وقت حزنك ومخاوفك وفى عز وحدتك وتكون
سند لك متقبلاك بكل صفاتك ،وتفهمك جيداً و تشبه روحك إنهم الأشخاص التى تشعر
معها بالآمان ولا تشعر معها بأى قلق ،هى تؤمك التى تكملك وتؤنس وحدتك ،
ما أروع هؤلاء الأشخاص فى حياتك ! . إنهم أشخاص أسوياء نفسياً لا تكسرك ولا تقلل
منك وترضى بك كما أنت ، هى من تشعر بغيابك وتتمسك بوجودك يعرفوا الأصول
والجدعنة يدعموك ويسعدوا بإنجازاتك فى حياتك ، هى من تتقبلك ولا تستهلك من
صحتك ووقتك وتفكيرك ، ولا تضيع طاقتك ، من يتقبلنا ويقف بجوارنا أمام هموم الدنيا
ويساندنا فى عثراتنا ، هم من يدركون قيمتنا وعدم وجودنا يفرق معهم كثيراً ومكانتنا
كبيرة عندهم ، هم من تحلو الحياة بهم ، إنهم لا يفرطون فى العتاب والشكوى بل يضحوا
من أجل بقاءنا ومن يتقبلوا حديثنا ولا يعتبرون كلامنا تنظير بل تتقبل النقاش وتفهم
وجهات النظر ولا تسئ الظن فيك إنهم يفهموك دون شرح وتبرير ،ولا يتعبوك بالتحقيق
فى كل موضوع إنهم لا يحاسبوك على أفعالك وتصرفاتك ويتغاضون ويتجاوزوا أى خلاف ،
هم من يطبطبوا عليك فى أزماتك وتتحدث معهم بطبيعتك دون خوف من سوء فهمهم لك
فهم من يفهموك من غير أن توضح ولا يبالغوا فى اللوم عليك ، إنهم أصحاب النفوس
الصافية والنية الطيبة السليمة ، نحن نحتاج إلى هؤلاء لنحلى بهم حياتنا ويهونوا علينا الطريق والضغوط .
الأشخاص التى تركز على مميزاتك وتترك عيوبك ، من ترسم الإبتسامة على وجهك ،
من تتقبل إنتقادك بصدر رحب ، من تهديك المحبة وعندهم سلام داخلى ،
ذات القلوب البيضاء النقية لا تعرف حقد أو كراهية أو أنانية إنهم يظهروا فى المواقف
وتظهر طيبتهم واحترامهم وإهتمامهم بك إنهم العوض من الله والونس الذى يؤنسك
تمسك بهم فى زمن زاد فيه التخلى والتجاهل والزيف ولا تبخلوا على من حولكم بالكلمة
الطيبة فالجميع يحتاج لكلمة حلوة وابتسامة جميلة لتقاوم بها ضغوط الحياة ،
معظم من أقدم على الإنتحار كان بسبب الأشخاص التى تتعامل معها أكثر من مشاكل
الحياة فاستسلموا وضعفوا بعد المعافرة والمحاولة و لأنهم واجهوا الخذلان والنقد
والغياب والتخلى والسخرية والإستهزاء وكسرة القلب من العشم الزائد الذى صدمهم
لم يجدوا من يستحملهم ويتقبل طباعهم وشكلهم وطريقة كلامهم ولم يجدوا فى الدنيا
غير الصدمات وصفعات الحياة، لا تؤلموا أحبابكم وتجرحوهم وتخذلوهم بل حافظوا عليهم
ولا تبخلوا عليهم بالمحبة والمعاملة الطيبة وأكرموهم بكلمة رقيقة فالكل يمر بلحظات
ضيق وملل وأزمات فهى دنيا وليست جنة فلا تضغطوا عليهم يكفى هموم الحياة ومصاعبها وراعوا مشاعرهم واجبروا خواطرهم
كُن بأخلاقك باقة من ورود الحياة ، سِحرها الحياء ولونها اﻷمل ورحيقها التوكل على الله
وعطرها إحترام اﻷخرين .