البطل حامد عبدالغفار الأصفر من الأسر إلي النصر.
كتب محمد حسن حمادة.
من رحم الهزيمة ولد النصر وتحت راية الله أكبر خاضت مصر جيشا وشعبا معركة الكرامة وقبل أن ترفع مصر رايات النصر تجرعت مرارة الهزيمة كدواء عضال وأول من تناوله وكان كالغصة في حلقه الجندي المصري الذي تحمل عبء الحرب وحمل علي عاتقه عار النكسة لكن أن يتجرع مرارة الهزيمة والأسر في وقت واحد فهذا حدث ينوء بحمله الجبال.
من هؤلاء الجنود الذين عاصروا نكسة 5يونيو 1967، جندي مجند حامد عبد الغفار أبو السعود الأصفر مواليد طنان/ قليوب/ قليوبية، كان ضمن صفوف الجيش الثالث الميداني وتحديدا بشمال سيناء (بطلعة البدري) التي تبعد عن الكيان الصهيوني بأربعة عشر كم.
يروي لنا الجندي حامد الأصفر عن هذه اللحظة الأليمة في عمر الوطن فيقول:
أثناء نكسة 1967، وقعت في الأسر كانت النيران فوقنا ولهيب الموت تحت أقدامنا، كنا حوالي 750 أسيرا مصريا مابين ضباط وجنود قتلهم جميعا الصهاينة بدم بارد باستثناء 37 مصريا كنت واحدا من هؤلاء الذين كتبت لهم النجاة”.
وعن كيفية هروبه ونجاته من الأسر؟
يتنفس بعمق بنبرة حزينة يملؤها الأسي والعبرات فيقول: كان الصهاينة يأمرون الأسري المصريين بالاستلقاء علي الأرض وبعدها تعبر دباباتهم علي أجساد الأسري فتطحن عظامهم وسرعان ماتتحول الأرض من اللون الأصفر إلي بركة من الدماء فيكسو الدم المصري المكان، أنا وأربعة من زملائي وضعنا الرمال فوق رؤوسنا وتلوينا كالثعابين وأخذنا نسحف رويدا رويدا فنصطدم برؤوس وأيادي وبقايا أجساد إخوتنا الذين قتلهم الصهاينة بكل خسة وندالة، حتي نجحنا في الهروب من قبضتهم، وبعد 21 يوما في متاهات الصحراء وصلنا للبحر وعدنا بأحد المراكب ثم سلمنا أنفسنا للمجموعة التاسعة في مصر وبعدها وزعونا علي جبل عبيد/ طريق السويس قبيل جبل عتاقة، كانت هذه اللحظات هي أسوأ اللحظات في تاريخ مصر فلقد ظلمنا وتحملنا عار الهزيمة ونحن لم نختبر ولم نخض حربا وكانت مؤامرة محبوكة علي مصر”.
وعن حرب 1973، تنفرج أساريره ويتحدث بكل فخر وبنغمة يشوبها لون الإنتصار يروي لنا هذه اللحظة فيقول:
خرجنا من حالة التوهان التي كنا فيها، كنا أكثر تركيزا وتدريبا وإصرارا وعقدنا العزم علي الثأر، كنت في الكتيبة 223/ رادار التي تتبع الجيش الثالث الميداني سلاح المدفعية 14 ونصف مائي، كان قائدنا البطل الشهيد العقيد حامد شحاتة، وبعد استشهاده تولي القيادة خلفه العقيد حسين فرغلي، كان دورنا رصد الطائرات المعادية وإسقاطها، من كثرة الطائرات والأهداف التي أسقطناها للعدو أنا وزملائي لا أتذكر عددها، لم نسقط طائرات العدو طلبا للثأر لشهداء الوطن فحسب، بل أسقطنا الهالة الكاذبة المزيفة التي صنعها العدو الغادر علي حطام الجندي المصري، فحطمنا غروره وعنجهيته، لنسترد الأرض والثقة في أنفسنا ويعود للجندي المصري كرامته وكبريائه ويكتب النصر شهادة ميلاد جديدة له في العصر الحديث.
زر الذهاب إلى الأعلى