كتب : سيد يمني
لا فرق بين غني وفقير أمام القانون فالجميع سواسية، فلا فرق بينهم بسبب الأصل أو المستوى الاجتماعي، والجميع مُحاسبون أيضًا إذا ما ميّزوا بين اثنين بناءً على خلفيتهما ومستواهما الاجتماعي، فأنصفت المحكمة الإدارية العليا “بحكمٍ تاريخي” ابن مزارع بسيط على ابن مسؤول كبير في الشركة القابضة للمياه، بعدما فضّل نجله على ابن المزارع المتفوق للالتحاق بمدرسة فنية ثانوية تتبع الشركة.
وحصل فلاح بسيط على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا بأن الدولة لم تطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على الحكم الصادر لصالح نجله البالغ من العمر 14 عاما من محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، في حكم حظر التمييز أو التفضيل بين المواطنين على أساس المستوى الاجتماعي.
انتصرت المحكمة لابن الفلاح على ابن مسؤول كبير بالشركة القابضة للمياه في الالتحاق بمدرسة فنية ثانوية تتبع الشركة لتفوق ابن الفلاح، وبموجب شهادة المحكمة الإدارية العليا بعدم طعن الجهة الإدارية على حكم القضاء الإداري فإنه يصبح نهائيا وباتا.
ويؤكد القضاء المصري العريق في أحكامه على أن رسالته تحقيق العدل وأن المواطنين لدى القانون سواء لا فرق بينهم بسبب الأصل أو المستوى الاجتماعي كأحد صور التمييز التي حظرها الدستور الذي حظر كل أشكال التمييز، فجميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق في الحماية المتساوية التي يكفلها القانون دون تمييز، على أن مثل المبدآن المتمثلان في المساواة وعدم التمييز جزءا من أسس سيادة القانون.
وعُرضت القضية على القضاء لابن مسؤول كبير بالشركة القابضة للمياه استنثى نجله للقبول بمدرسة تتبع الشركة بمحافظة البحيرة دون ابن فلاح الذي تفوق عليه في مجموع الدرجات، بل وأرسل المسؤول خطابا للمدرسة يضمن تعيين ابنه بوظيفة بعد تخرجه فورًا، قبل التحاقه بالمدرسة، ما دفع الفلاح للجوء إلى القاضي لينصف نجله من هذا التمييز والتفضيل لابن المسؤول على ابن الفلاح.
كانت المواجهة بشأن التمييز والتفضيل لصالح ابن المسؤول الكبير على ابن الفلاح البسيط سجلتها عدسة الزمن أمام قاضي مصري شق طريقه إلى واحد من أروع مواقف رد المظالم لابن المزارع، فأصدر القاضي المصري المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، حكمًا تاريخيا بإلغاء قرار قبول ابن مسؤول كبير بشركة مياه الشرب بمدرسة ثانوية فنية بدلا من ابن فلاح بسيط مجموعه يفوق ابن المسؤول .
وإلغاء ضمان وظيفة لابن المسؤول بالشركة بعد تخرجه على نحو ما ثبت من كتاب رئيس مجلس إدارة الشركة والعضو المنتدب لإدارة المدرسة والذي أبطله القاضي باعتبارها جريمة دستورية، وأمر القاضي المصري بقبول ابن الفلاح البسيط بالمدرسة لتفوقه على ابن المسؤول الكبير.
وقضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى في البحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، في ذلك الوقت بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية فيما تضمنه من رفض قبول قيد الطالب أحمد نجل المواطن الفلاح محمد محمود حسين بالمدرسة الثانوية الفنية التابعة لشركة مياه الشرب والصرف الصحي في البحيرة؛ لتفوقه في مجموع درجاته على الطالب على كامل شلضم نجل مسئول بالشركة وما يترتب على ذلك من آثار منها تمكين نجل الأول من أداء الامتحانات النظرية وتمكينه من الامتحانات العملية له في الدور الثاني، وألزمت الإدارة المصروفات وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
وقالت المحكمة إنَّ الدستور ألزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز والمواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر، وأن التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كل أشكال التمييز.
وعهد الدستور إلى القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض غلقا للباب أمام أي فساد أو استبداد وعلاجا لجراح الماضي المنكوء ورفعا للظلم عن الشعب الذي عانى طويلا، وهو ما ناشدت معه المحكمة الدولة عام 2015 سرعة الانتهاء من إنشاء تلك المفوضية للقضاء على كل أشكال التمييز الاَثم الذي الذي وصل حد التصريح كتابة من مسؤول بدرجة رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة المياه باستثناء نجل أحد العاملين معه من الحد الأدني للقبول بمدرسة ثانوية فنية تابعة للشركة رغم خضوعها لوزارة التربية والتعليم بل وصل الأمر به إلى حد التصريح لا التلميح بتوريث الوظائف للأبناء وحفظ الوظائف لهم قبل بدء الدراسة؟
على نحو ما كشفت عنه الدعوى فى تحد سافر لمبدأ العدالة الاجتماعية ضد المتفوقين من أبناء البسطاء والفقراء من هذا الوطن تحت عباءة المكانة الاجتماعية للعائلات، رغم أن الدستور جعل الوظائف العامة حق للمواطنين على أساء الكفاءة ودون محاباة أو وساطة.
وأشارت المحكمة إلى أن الشهادة الصادرة من رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بمطروح باستثناء نجل أحد العاملين بالشركة الحاصل على شهادة الإعدادية بمحافظة البحيرة للقبول بالمدرسة على خلاف الحد الأدنى للقبول تمثل إخلالا جسيما بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الطلاب، وهما من المبادئ الدستورية الأصيلة، فضلا عما فيه من تكريس للمحاباة في الالتحاق بالتعليم وهو الأمر المحظور دستوريا.
وتجاوز رئيس الشركة لأبسط قواعد العدالة وضمن للطالب وظيفة عمل بالشركة قبل التحاقه بالمدرسة أصلا على الرغم من أن الوظائف العامة ليست حكرا على أبناء العاملين بها ولا تورث لهم فلا يجوز مخالفة الأهداف التي سعى إليها الشعب للقضاء على أي فساد أو استبداد ولرفع الظلم عن الشعب الذى عانى طويلا من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية باعتباره حق لكل مواطن، ولما كان نجل المدعى حاصل على شهادة الإعدادية بالبحيرة بمجموع أعلى من مجموع ابن زميلهم الذي يعمل بالشركة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه برفض قبول قيد ابن الفلاح البسيط بالمدرسة المذكورة يقع على خلاف أحكام الدستور والقانون.
زر الذهاب إلى الأعلى