بقلم إيڤيلين موريس
تغير حياة الطفل
بعد أن اجتاز الطفل سبعة أعوام رأت فاطمة أنه من بد أن تخبره بما أخفته عنه طيلة هذه السنوات خاصة بعد ما لمسته فيه من أتزان عقل ، ذكاء ، وأيضاً سرعة بديهة وصفات اخري كثيرة فاق بها آخرون ممن هم في مثل عمره .
فإذا كان مساء أحد الأيام ، وبعد أن تناول الجميع طعام العشاء وخلد إخوته إلى النوم ؛ دعت فاطمة نور إلي غرفتها وبدأت الحديث التالي :
نور : هل تعلم معنى اسمك ؟
” لا يا امي ” هكذا لم يتردد الصبي في الإجابة ولو لبرهة وكأنه قد سبق وسأل نفسه ذات السؤال لمرات عديدة،
واستطرد قائلا” أمي هل لكِ أن تخبريني بمعناه ؟
إبتسمت الأم إبتسامة مسموعة أقرب إلى الضحك كي يستطيع أن يدركها الطفل واجابته قائلة:
نور : ما أجمل ذلك الاسم فهو يعني إنسان مضئ يسطع نوره من داخل القلب ، إليه ينجذب كل من يراه ، متميز ، متفوق ، ناجح ، له من النعم واليسر وسعة الرزق والعيشة الرغدة وعلو الشأن الكثير ، سخي ، هادئ، ذو أخلاق عالية ، يتطلع نحو القمة ، طموح ومتفائل ، مخلص وطيب القلب .هذا هو معنى إسمك ياولدي.
صمت الطفل قليلاً وتبسم فرحا ًثم استطرد متسائلا ولكن ما هو معني مضئ ياأمي ؟
صمتت الأم قليلاً ونظرت إلي فوق وقد أغرورقت عيناها بالدموع وتنهدت تنهيده موجعه ثم أجابته قائلة :
أتذكر يانور حين حدثتك عن الشمس ، اتذكر حرارتها التي كانت تنبعث لتعطيك الدفأ، ان هذه الشمس ياولدي تسطع في سماء الكون وينبعث منها شعاع مضئ قادر أن يبدد الظلام ويجعلنا نري الاشياء ونميزها وتلك الأشياء نراها بما يسمي بالأعين؛؛؛
صمت الإبن طويلاً وكأنه يستعيد تلك الكلمات بداخله وبدا على وجهه الإنزعاج وعدم القدرة على فهم ما تتحدث به الأم ، فمدت فاطمة يديها وحملته وأجلسته على رجليها بينما ألتفت يديها بجسده النحيل لتحتضنه، ولأول مره بدأت دموعها تنهمر على وجه الطفل ؛ وإذ بنور يمد يده ليلمس وجه أمه متساءلا عن مصدر تلك المياه التي أغرقت وجهه الملائكي .
فأجابته فاطمة بصوت واهن وقد تحشرجت الكلمات في فمها، إن هذه المياه تسمى دموع ياولدي ومصدرها العينين ثم اخذت بيديه الصغيرتين لتضعهما على عينيها وعادت وانتقلت بهم إلى ذلك التجويف في وجهه وعندئذ أدرك الطفل بذكائه الحاد ما سبق واخفته عنه والدته طوال تلك الأعوام .
تمالكت فاطمة أعصابها واستطردت قائلة: أعلم يأبني انك انسان مميز بما منحك الله من مواهب فاقت من هم في مثل عمرك ولهم عينان.
هكذا انهت فاطمة حوارها مع نور ثم تركته ليحاور نفسه وخرجت من الحجرة وهي تراقب وجهه لتري تأثير ما قالته عليه.
غاص الطفل في تفكير عميق وبدا علي وجهه الأحمرار فقد بدأ يشعر بالخجل من بعض التصرفات التي كان يقوم بها وهو لا يعلم ان هناك من يراه كمثل :
تقاطر المرق علي ثوبه اثناء تناوله للطعام، او تخبطه في الاشياء وسقوطه على الأرض مراراً أثناء سيره .
وغيره من الامور اليومية التي كانت تحدث له وهو غير مدرك أن هناك من يراه …سوي الله .
فكيف سيواجه الطفل الحياة بعد ما علم به
هذا ما سنراه في الجزء الخامس والأخير باذن الله