روعة محسن الدندن ….سوريا
بعض الرواة يعيشون حياتهم وعواطفهم بحجم قصصهم
فلا وقت لديهم للإستمرار في علاقاتهم مع بطلات ورقية تسطرها أقلامهم لإن خيالاتهم تعج بالعشيقات الوهمية
مما يجعل القراء يتمرجحون بمشاعرهم الوهمية وبأنهم أمام جنس الملائكة البشرية
لما يسطرونه ويسكبوه من مشاعر لحب أسطوري لبطلاتهم
ولكن الأمر الأكثر غرابة أنك لن تحتاج لعدة روايات الكترونية
فرواية واحدة كافية لهم لأنهم ببساطة سيقومون بشطب الإسم وتغيره
أو من خلال تغير العنوان أو الإسم لمن تريدها بطلة جديدة
لذلك بقيت الروايات الورقية أكثر من يحفظ الحقوق الشرعية لبطلات قصص الحب. ودواوين نزار ممتلئة بالحب لتظن كل فتاة أو تحلم لأن تكون هي حبيبته وبطلته لتبحث في الخيال عن نزار
فأنا نزارية كما يقال مع أنني أتعارض معه في ديوانه قصائد متوحشة واختلافي معه لا يفسد للود قضية
هل نحن نبحث عن الحب فعلا أم أننا لا نتقنه ولذلك نريد اكتشافه؟
وأصبحنا نحتاج لدراسة علمية وفلسفية مختلفة عن زمن المعلقات لعنترة وزمن نزارقباني وأحمدشوقي وغسان كنفاني أيضا
لنجد تفسيرا لمن يعيشون الوهم بالحب الالكتروني ولماذا يتألمون ؟رغم أنهم لا يحتفظون بأي ذكريات ورقية ولا رسائل وربما أسماء وهمية وصور أيضا
ولكن الحقيقة هي مجرد اهتمام ليصطاد فريسته وهذا ما يفعله البعض لينال الحب
تبدأ بالأعجابات وباقات الورد والسلام يتبعه سؤال ثم بوح
ثم ينقطع السؤال والسلام والورد والإعجاب ليصل للإختفاء المفاجئ
مضحكة فعلا الحياة الالكترونية وسريعة الذوبان في الحب والهجران
هذا يحدث فقط في العالم العربي لأننا يجب أن نقنع أنفسنا بفتوة شرعية للمعصية ويتم تخدير الشعور بالذنب وأن البدايات والحياةفرضت على الجميع
الحياة العلمية والعملية والأسرية ونحن نحتاج لتغير والحرية .
وعندما تنفسنا الحرية أصبحنا أكثر تطورا بمشاعر فاسدة لامتلاكنا أكثر من باب للحرية ومجال أوسع للإختيارولكن السؤال من هو الجاني ومن هو المجني عليه أو من يطارد من! !!!!!!
في حين نجد أن بعض الشباب المقبل على الزواج وأعمارهم صغيرة يبحثون عن الإستقرار
ويتزوجون فعلا عن طريق مواقع التواصل وهذا حدث فعلا
ولم تزال النتائج غير معلنة عن نسبة نجاح أو فشل هذا الزواج
وهل سيكون الحل للقضاء على العنوسة وتخفيف نسبة الطلاق
التي باتت الشبح المرعب للأسر العربية بسبب التقنيات الحديثة
وهل هناك فعلا اختلاف زمني فكري وأخلاقي بين الأجيال؟
مما جعلني أهرب لأقرأ رواية وأحاول ايجاد بطلاً لقصة أو موضوع يساعدني لتحليل واقع غربتي عن الكثيرات لأنني بعيدة عن متابعة أخبار الزواج والطلاق والأخبار التي اعتدنا على سماع أخبار الموت ونتسأل من الراحل غدا ولا يمكنني تتبع مسلسل لمدة شهر والجلوس أمام التلفاز لمدة طويلة وانتظار الإعلانات لتنتهي فتسلب متعة متابعتي لأقوم بتغير القناة فأنسى أين كنت؟ وماذا كنت أتابع؟
ولكنني وجدت أنني عاجزة عن ايجاده لبطلي خشية أن أتزوجه بعقد مؤقت وأودعه عند نقطة النهاية
أو ربما نزار أخذ معه كل العشاق الورقية والواقعية
نحن بصراحة لا نحتاج قصيدة ولا رواية لنكون أبطالها بقدر ما نحتاج لكلمات صادقة ومشاعر حقيقية ومهما كانت بسيطة
[ ] ولو توأم حروف غير حقيقي (ح .ب)
وهذا ذكرني بهدية زوجي لي بعيد الحب (الفلانتين )الذي قدسناه ليذكرنا أن هناك شريكا يجمعنا وهو الحب , وأحضر لي صورة لفتاة وشاب وهو يمسك يدها ومعه وردة حمراء تم رش بعض العطور عليها لإن ثقافة الورد الطبيعي الذي تضمه الأوراق
أصبحت تالفة ومنتهية الصلاحية لذكريات الرومانسية
ولكن الكرت جعلني متلهفة لرؤية ما كُتب عليه
فوجدته جافاً بدون أي نقطة حبر تروي فرحتي
فحملت قلما وأعطيته لزوجي ليقوم بكتابة بعض العبارات
فقال لي لست نزار لأكتب جملا معبرة لك
فقلت له أكتب ما تشعر به فقط
ومازلت أتسال لماذا كتب عزيزتي بدلا من زوجتي أو حبيبتي
هل هذه المنزلة أرقى أم هي ما حفظه البعض من المناهج الدراسية من خلال الحوار الراقي للمراسلة في الإمتحانات.
فوالدي فعل ذلك أيضا عندما سافر لليبيا في بعثة عسكرية
لتمكننا من شراء بيت لنا في دمشق قبل انتهاء خدمته العسكرية
وكنت انتظر رسالته الأولى بفارغ الصبر وأول رسالة سأتلقاها بالصندوق البريدي واليدوي أيضا
وعندما وصلتني رسالته بكيت طويلا عندما فتحت الظرف البريدي وسرقت فرحتي لأننا أحيانا نتخيل البعض سيكتب لنا ما نثرثر به لأنفسنا سرا
والسبب كان من أول كلمة ابتدأ بها رسالته وهي عزيزتي وذكر أخوتي وأخواتي بكلمة تسبق أسماءهم بابني أو ابنتي
وعندما حضر في اجازة لرؤيتنا عاتبته وأنا أجهش بالبكاء بحرقة واختناق
لماذا لم تكتب ابنتي وكتبت عزيزتي؟
وكان يضحك كثيرا وهو ينظر لي وأنا أبكي
فضمني إليه قائلا:
لأنني فخور بأن لي ابنة أصبحت عروس
وأنك أصبحتِ صبية وأنا افتخر بك أمام رفاقي ليعلموا أن عندي عروس وليست طفلة
ورغم ذلك لم أقتنع وقلت له
أرجوك أبي اكتب لي ابنتي فكلمة عزيزتي جعلتني أشعر بأنك غريب عني وأنا غريبة عنك
فبعض الكلمات تجعلنا نشعر بالغربة إذا سحبنا صفتها الشرعية
أو نشعر بأنها انهت صلاحيتنا العاطفية بقانون الترقية الإجتماعية لنخسر دفء الحب
ولكن ما أعرفه أننا مازلنا نبكي على الأطلال لذكريات حب وصور ومشاعر ولم نجد تعريفا ووصفا ولا حتى أسلوبا
لنحب وكيفية تقديم صور أو وجبة الحب للأخر واقعيا وورقيا فحياة أبطال القصص الورقية قصيرة وتحكمها أعداد السطور الحبرية وكمية الصور للخيال وسرعة الذوبان لنهاية
ففي زمن الموت بسبب الصراعات المحلية والدولية يتساوى الجميع الكبير والصغير
والحب كذلك لا عمر له فمازال يلهو بالجميع مختبئا في المحاكم الشرعية ينتظر حكم المفتي والقاضي بحرمته أو اباحته وتحديد السن القانوي له لمنحه الهوية والإعتراف به لبلوغة مرحلة الرشد كما يتم تصنيفنا والإعتراف بنا قانونيا
فالحقيقة المؤكدة أن كل من يمارس طقوس الكتابة يبحث عن من يكتبه بعيدا عن مايكتبه هو وهذا يجعل من البعض يصاب بالنرجسية أو العظمة والبعض الآخر يحاول أن يتنزه بين السطور والكلمات منتظرا سقوط تفاحة نيوتن ليجد فكرة