إيمان حجاج تكتب ” أنتِ أقوى”
إيمان حجاج تكتب ” أنتِ أقوى “
بقلم – إيمان حجاج
فَتَاة بُكيتُ دماً كُلَّمَا سَمِعتُ قِصَّتُهَا .
فَهِي فَتَاة شَابَه لَا تفقهُ شيئاً عَن حَقَارَةٌ الْعَالِم الْخَارِجِيّ .
ظَلَّت تتعاملُ مَعَ الْحَيَاة باستشراقه الماضيِ
وأملُ الغدِ ، وَإِن الصِّدِّيق كَالطَّرِيق يظلُ يرافقكَ طوالَ حياتكَ ، كَانَتْ لَا تُدركُ أَنَّ الْعَالِم تغيرَ بأسرهِ ، أَصْبَح الصِّدِّيق كالقطار الَّذِي يُرافقك فِي سَفركَ ، وَلَكِنْ لَا ينظُرُ أنكَ ستعود ، هُوَ فَقَط يستأنسُكَ فترةٍ مَا ، وَهَذِه الْفَتْرَة تتعامل هَذِه الفَتَاة بگل عَفْوِيَّة بِصِفَاتِهَا الَّتِي توارثتها عَن أجدادهاا .
-فأنكِ يَا صغيرتي يَجِبُ أَن تكونِ حَسنة النوايا ، عِنْدَمَا تُرافقِ رافقِ بِصِدْق ، عِنْدَمَا تُحبِ أَخلصي فِي حُبكِ ، عِنْدَمَا تُغضِبي شخصٌ منكِ عَلِيّ الْفَوْر بادريِ بِالِاعْتِذَار
وَلَكِن ياآسفاه !
نَسُوا أَن يَعْلَمُوهَا كَيْف تَوَاجَه مُجْتَمَع مليئ بِالأَكَاذِيب
يُعامل الطَّيِّب والمُخلصُ
كأرجوحة
يَهويَ بِهِ كَمَا يشاء
لَا يتذكرُ أَنَّه بِشْر مِثْلَه مثلُكَ
لَيْس ملاكٌ مُنزلُ مِنْ السماء
ليتحملُ غدرُكَ وخداعكَ ومَكركَ وَلَا يُبالي وَلَا يتأثرَ
فِي حِين عِنْدَمَا يَتَأَثَّر وَيَأْخُذ مَوْقِفٌ كَإِنْسَان طبيعي
نظلُ نُخلقُ فِيهِ مَا لَيْسَ فيه
نَعْتَبِر طيبتهِ ، سَذاجَة
نَقَاء قلبهِ ، اِنْكِسار
اعْتِذَارِه ، ضَعْفٌ
أَصْبَح الْمُجْتَمَع يُعامل هَذِه الفَتَاة بمنتهي الْقَسْوَة
لَا يُدركَ أَنَّهَا بِشْر وَلَهَا وِسع معينُ مِنْ الطاقة
أَن اِستُهلكَ ، فَهِي قَد استُهلِكت
ظَلَّت الْحَيَاة تَأْخُذُهَا بَيْن طياتِها إلَيّ مكانٍ بَعِيدٌ لَا تَفقه فيهِ شيئٌ
إلَيّ عَالِمٌ غَرِيبٌ يَخْتَلِفُ عَن عَالِمَهَا الَّتِي تَعِيش فِيه
عَالِمٌ يفوحُ مِنْه ريحةُ الخداعِ
وَتَخْرِيب صَفْوَة القلبِ
وَاضْطِرَاب ارجوحةِ العقلُ
تدمرت هَذِه الفتاة
جَفَّت عَيْنَيْهَا مِن كثرةِ البكاءُ
انْكَسَر قَلْبُهَا مِنْ كُمَّيْه الخُذلان
ومازالت حَيَّة !
وَلَكِنْ بَعْدَ كُلّ اِنْكِسار تُولد قُوَّة إمَّا أَن يستغلِها الْإِنْسَان ليُصبحَ أَقْوَى أَوْ أَن يَظلُ راكدُ
فِي انكسارهِ .
وَلَكِنْ هَذِه الفَتَاة اِغتنمتُ
الْفُرْصَة أَخَذَتْ فِي عينِ الإعتبارُ أَنْ لَا أَحَدٌ دَائِمٌ لأحد
وَأَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَةٌ
وَنُفُوس الناسِ مريضةُ
يستغلونَ الطيبُ ويعرفونَ نِقاطٌ ضعفهِ ، ويلعبونَ عَلَى أوتارها
مازالَت هَذِه الفَتَاة تُصارعُ الزمنَ وتَجلبُ الْقُوَّةُ الَّتِي لازالت تتظاهرُ بها
ظَلَّت تُفكر وتستمد قُوَّتِهَا مِن صِرَاع الْعَالِم
انْكَسَرَت وَنَهَضَت
تَخَاذَلَت هَذِه الفَتَاة لعديدٌ مِن المراتِ وَمَا أَشَدّ الخُذلان ، إذَا كَانَ مِنْ القريب
أَصْبَحْت أَسِيرَه هَذَا الْعَالِمُ
وَلَكِنْ بَعْدَ كُلُّ هَذَا الِانْكِسَار
يُبْقِي جُزْءٍ مِنْ الأمل
برُغم التشاؤم
مَازَال التَّفَاؤُل يَتَسَلَّل إلَيّ الْجَانِب الْمُظْلِم فِي حَيَاتِهَا
فيُنيرها ويبعثُ فِيهَا رَوْحٌ الأملِ مِنْ جَدِيد
أُخِذَتْ مِن عَبرتِها
عِبرة
قَرَّرْتَ أَنْ يَشْهَد كافةُ العالم
أَنَّهَا لَيْسَت بضعيفة أَوْ أَنْ ابْسُط الْكَلِمَات تؤثرُ فِيهَا
قَرَّرْتَ أَنْ تَفْعَل شيئاً
يُمجده التَّارِيخ
ويُعظم قَدرها
اجْتَهَدْت فِي دارستها حَتَّي وَصَلَت لأرقي الْمَنَاصِب
كَانَ الْعَالِم أَجْمَع يتنمر عليها
وَيَظَلّ يَشحنُها بشُحناتٍ سَلْبِيَّة وَأَنْ لَيْس بإمكانها إثْبَات ذاتها
وَيَظُنّ أَنَّهَا غَيْرِ قَادِرَة لِفِعْل شيئ ناجِح
وَلَكِنْ كَانَت تَحَوَّل هَذِه الشُحنات السَّلْبِيَّة
إلَيّ طَاقَة إيجابية
تَجْعَلُهَا تَنَجَّح فِي عَمِلَهَا أَكْثَر فأكثر
اِحْتَلْت مَنْصِب عالٍ فِي مجالها
وظلت تَكتبُ مقالاتِ تنصحُ
فِيهَا الْفَتَيَات بِأَن يَكُن لديهن
الشَّجَاعَة لِمُوَاجَهَة هَذَا الْمُجْتَمَع الساذج
فَقَالَتْ فِي آخَر مَقَالَة لَهَا
بَعْض السُّطُور لتتخذها أَي فَتَاة وتستمد قُوَّتِهَا مِنْ هَذِه السُّطُور وتُفسر كَيْف تَحَوَّلَت حَيَاتِهَا مِنْ الِانْكِسَار إلَيّ التَّقَدُّم والرُقي
مِن عَتَمَة الظروف
إلَيّ نُور الْغَد
“إليكي أنتِ
نَعَم أنتِ لِكُلّ فَتَاة تُرِي الْجَانِب الْمُظْلِم فِي الْحَيَاةِ وَلَا تَنْظُر بِأَنَّ الشَّمْس تشرقُ كُلِّ صَبَاح بأمنية جَدِيدَة
لِكَي تَكُونِي أَقْوَى يَا عزيزتي عليكي بتجنُبِ الناس
وَلَا تُظهري نِقاطٌ ضعفكِ لأحد
لِأَنَّ النَّاس تستلذُ بِهَذِه النِّقَاط وتصبحِ أنتِ أَسِيرَه لتحكماتِهم الزَّائِدَةُ فِي حَيَاتِك
مِنْ أَمثلةُ هذه النِقاطٌ ، التعلّق بِالْأَشْخَاص ، وَالْأَمَاكِن ، وَالسَّعْي لامتلاك أَشْيَاءَ مُعَيَّنَة ، وَحُبّ الْإِنْسَان لِشَيْءٍ مُعَيَّن ، وَعَدَم قُدْرَتِه عَنْ التَّخَلِّي عَنْه أبداً ، وَغَيْرِ ذَلِك الْكَثِيرِ مِن نِقاطٌ الضَّعْف ، الَّتِي تَكُونُ فِي مُعْظَمُهَا لأسبابٍ نفسيةٍ بِحَتِّه ، ممّا يُؤَدِّي لِلْوُقُوعِ فِي فَخ الْفَشِل ، رَغِم أَنَّ بَعْض نِقاطٌ الضَّعْف قَد تُجمل شَخْصِيَّةٌ الْإِنْسَان ، كَان يمتلك الرَّجُل نُقْطَةَ ضَعْفٌ بِأَنْ يَكُون حنوناً مثلاً .
وَلَا يَسْتَغِلّ نِقاطٌ ضَعْفٌ الْمَرْأَة ويتعامل مَعَهَا مِنْ هَذَا الْمُنْطَلِق .
عليكِ ي عزيزتي بِأَن تحافظي عَلِيّ كَرَامَتِك
وَلَا تجعليها عُرضه لأحد
وَأَنَّ مِن يَجْرُؤ عَلِيّ التَّقْليلُ مِنْ كَرَامَتِكَ
فَهُو مُلغيَ مِن حساباتك ، بَلْ مِن حياتكِ كَكل
فأجعلي مِن يراكي
يحلفُ أَنْ لَا أَحَدٌ بِإِمْكَانِه مواجهتك وأنكِ أَعْلَى مِنْ أَن تضعفين وتنكسرين عَلِيّ يَدِ أحد
وَأَنَّ مِن يخسركِ ، لَم يَعدُ خَسَارَة لكِ ، بَل خَسَارَة لِمَن ترككِ
فَأَنْت أَقْوَى مِنْ أَن تُقهري وتنكسري يَا عزيزتي
فَقَط ابتسمي
فالإبتسامة لا تليقُ إلا بكِ”