إحذر أن تأكل أموال الناس ظلما وزورا!!!
بقلم / محمـــــد الدكــــــرورى
أصبحنا نسمع كل يوم فى هذه الأيام أن فلان سرق ، من فلان وأن فلان
أكل مال فلان ، وأن هذا كان أمينا على جمعيه فسرقها وأكل ما بها من
أموال بالباطل ، وأن هذا كانت هناك معونه لأهل بلده فسرقها وأكلها من
غير حق ، وأن هذا أكل أموال الزكاه من المتبرعين ، وأن هذا استغل
منصبه ووزع على أقاربه التبرعات التى وصلت إليه ليعطيها الفقراء
والمساكين ، وترك من يستحق …
وكل هذه الأعمال تندرج تحت أكل أموال الناس بالباطل ، وهو داءٍ فتَّاك،
ومرض عضال، خطرُه على الأفراد عظيم، وفساده للمجتمع كبير، وما وقع
فيه امرؤ إلا ومُحِقت منه البركة في صحته ووقته ورزقه وعياله وعمره،
وما تدنَّس به أحد إلا وحُجبت دعوته، وذهبت مروءته، وفسدت أخلاقه،
ونُزع حياؤه، وساء منْبَته، وخسرَ في دنياه وفي أخراه..
إنه أكل أموال الناس بالباطل.. داء خطير، يُسبب الهلاك والخسران
للمجتمعات، ويفسدُ أحوالها، وينشر الظلم فيها، وما انتشر هذا الداء في
مجتمع إلا وغابت منه الفضيلة، وحلت فيه الرذيلة والكراهية والأحقاد، وما
وقع في أمة إلا وحلَّ فيها الغش محل النصيحة، والخيانة محلَّ الأمانة،
والظلم محل العدل، والخوف محل الأمن…
وأكلُ أموال الناس بالباطل؛ هو ما يأخذه الإنسان ويستولي عليه من
أموال الناس من غير وجه حق، إما سرقة وغصبا، أو ظلما وعدوانا، أو
غشا واحتيالا.. وكلّ ذلك مما حرّمه الإسلام وحذر من مخاطِره.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ
تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ سورة النساء ..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“…كل المسلم على المسلم حرام؛ دمُه وماله وعِرْضُه “. رواه مسلم.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
في خطبته يوم النحر بمنى في حَجة الوداع: ” إن دماءكم، وأموالكم،
وأعراضكم، حرام عليكم، كحُرْمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم
هذا، ألا هل بلغت “. قلنا: نعم. قال: “اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب
“. رواه البخارى ومسلم
ولأكل أموال الناس بالباطل صورٌ كثيرة، ومظاهرُ عديدة، جاء الإسلام
بتحريمها وحماية الناس منها، لما يترتب عليه من مخاطرَ جسيمة،
وعواقبَ وخيمة في الدنيا والآخرة.
ونجد منها الغصْبُ والسرقة؛ وهذا داء يعاني منه مجتمعنا اليوم، تغتصَبُ
أموال الناس وتُسْرَق تحت تهديد السلاح وترتكبُ فيه أبشع الجرائم من
قتل وجَرْح وتشويه. ولذلك شدد فيه الإسلام ووضع له حدا من الحدود،
فقال الله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَة فاقطعُوا أيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا
نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ سورة المائدة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: “لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبلَ
فتقطع يده “. رواه البخارى ومسلم
ومن ذلك غصْبُ الأرض والاستيلاءُ عليها؛ فعندما ينعدم الخوف من الله،
تصير القوة والحيلة وبالا على صاحبها، يستخدمها في الظلم والعدوان،
ويوظفها في الاستيلاء على أموال الآخرين وهضم حقوقهم..
وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم من غصبَ أراضا وانتزعها من
صاحبه بأشد الوعيد، فعن عبد الله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه
وسلم: ” من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خُسِفَ به يوم القيامة إلى
سبع أرضين “.. رواه البخاري
وعن علي بن أبى طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: ” لعن الله من غير منار الأرض “. رواه مسلم
أي غير حدودها، فانتزع قطعة من أرض جاره وأضافها إلى نصيبه.
وايضا الرشوة؛ وهي كلّ ما يدفعه المرء لمن تولَّى عملاً من أعمال
المسلمين ليتوصَّل به إلى ما لا يَحل له ، ولها صور كثيرة؛ من أعظمها ما
يُعطى لإبطال حق، أو إحقاق باطل، أو لظلم أحدٍ من الناس.
وقد حرّم الإسلام الرشوة أخذا وعطاء، وحذر منها الله تعالى وحذر منها
رسوله الكريم فعن عبد الله بن عمرو، قال: ” لعن رسول الله صلى الله
عليه وسلم الراشي والمرتشي” ..
رواه أحمد والترمذي وأبو داود
فالرشوة كسب خبيث، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل، وإعانة على الظلم
والعدوان، وهدْرٌ لكرامة الإنسان، وهي دعوة قبيحة لنشر الرذائل
والفساد، وإطلاق العنان لرغبات النفوس، وانتشار الاختلاس والتزوير،
واستغلال السلطة والتحايل على النظام، فتتعطل حينئذ مصالح المجتمع،
ويسود فيه الشر والظلم، وينتشر فيه البُؤس والفقر والشقاء..
لذا حرّم الإسلام الرشوة حتى ولو ألبسها صاحبها ثوب الهدية فقد روى
أنه استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسْدِ يقال له ابن
اللتبية على الصدقة، فلما قدِمَ قال: هذا لكم، وهذا لي أهدي لي. قال:
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه،
وقال: “ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي لي. أفلا قعدَ في
بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيُهدَى إليه أم لا. والذي نفس محمد
بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه،
بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيْعَرُ “. ثم رفع يديه حتى رأينا
عفرتي إبطيه، ثم قال: «اللهم هل بلغت». مرتين. رواه البخارى ومسلم
وكذلك الغش في البيع والشراء؛ فمن التجار من يكذب على الناس،
ويتحايل عليهم، ويحلف في بيعه بالحلف الكاذب ليُغريَ غيرَه بسلعته،
وهذا ظلم وأكل لأموال الناس بالباطل، وقد قال نبينا صلى الله عليه
وسلم: ” ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة؛ المنان الذي لا يعطي شيئا إلا
مَنّه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزارَه “. رواه مسلم
ومن ذلك التطفيفُ في الكيل والميزان؛ وهذا أمر يتهاون فيه كثير من
الناس، فإذا كانوا بائعين أخسَرُوا ونقصوا في الكيل والوزن، وإذا كانوا
مشترين استوفوْا وزادوا في الكيل والوزن …
ومن ذلك كتمُ عيوب السلعة وإخفاؤها عند بيعها؛ فكثير من الباعة اليوم
ممن لا يخافون الله لا يبينون عيوب السلعة التي يبيعونها، بل يجتهدون
في إخفائها بشتى أنواع الحيَل..
وهذا من الحرام الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث
كثيرة، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: “المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باعَ من
أخيه بيْعا فيه عيْبٌ إلا بيّنه له “. رواه ابن ماجة ..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ
على صُبْرَة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال: “ما هذا يا
صاحبَ الطعام؟ “. قال: أصابته السماء يا رسول الله. قال: ” أفلا جعلته
فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني “.
وكذلك أكل مال اليتيم؛ فمن كان عنده مال ليتيم فأكله أو جحده فهو آكل
لأموال الناس بالباطل، وقد توعد الله تعالى عليه بأشد الوعيد ..
وكذلك أكل مال الأجير والمستخدَم؛ وذلك بعدم إعطاء العُمّال والأجَرَاء
والموظفين حقوقهم بعد استيفائهم لأعمالهم ، فعن أبي هريرة رضي الله
عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” قال الله تعالى: ثلاثة أنا
خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه،
ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره “. رواه البخاري.
فلماذا وصلنا الى هذه الأحوال فى تلك الأيام وفى هذا الزمان هل ذهب
الإيمان من قلوب الناس أم هل أستخفت الناس بالاسلام إلا ما رحم الله
عز وجل أم أصبح هناك عدم يقين بأن هناك حساب وأن هناك جنة ونار
فيجب علينا جميعا أن نفيق من هذه الغفله وأن نعود الى الله والى كتاب
الله والى سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم …..
زر الذهاب إلى الأعلى