أَسئلةٌ بريئةٌ مِنَ العيارِ الثقيل
أَسئلةٌ بريئةٌ مِنَ العيارِ الثقيل
………
بقلم:
رافع آدم الهاشميّ
………
لكيَ نتعايشَ فيما بيننا بسلامٍ، لا بُدَّ لنا أَن نفهمَ الحقائقَ وَ خفاياها وَ أَسرارَها الدفينةَ، فبفهِمنا هذهِ الحقائق لَن نكونَ مَطيَّةً لأَحدٍ أَيَّاً كانَ، وَ لنَ يستطيعَ أَحدٌ بعدَ ذلكَ خِداعنا مُطلَقاً، خاصَّةً أُولئك سُفهاءُ الدِّينِ كهنةُ المعابدِ المتأَسلمينَ لا الْمُسلمينَ الّذينَ يُتاجرونَ بنا وَ بكُلِّ شيءٍ حتَّى بالله! وَ هذا الفَهُم لَن يتحقَّقَ لنا إِلّا حينما نجعلُ عقولَنا هيَ الحاكِمُ على جميعِ النِّصوصِ وَ ليست مُجرَّدُ وسيلةٍ لفهمِها..
هذا يعني (بكُلِّ بساطَةٍ): بما أَنَّ اللهَ هُوَ الخالِقُ، إِذاً فكُلُّ شيءٍ دُونَ اللهِ هُوَ مَخلوقٌ لا محالة، وَ هذا شيءٌ بديهيٌّ، وَ بالتالي: فإِنَّ القَداسَةَ للقُدُّوسِ فقَط دُونَ سِواهُ، وَ القُدُّوسُ هُوَ اللهُ جَلَّ وَ علا شأَنهُ العظيمُ، وَ كُلُّ مخلوقٍ أَيَّاً كانَ، لا قداسةَ لَهُ مطلقاً، فقط للمخلوقِ احترامٌ وَ تقديرٌ وَ محبَّةٌ تتوافَقُ معَ مِقدارِ ما في هذا المخلوقِ مِن صِفاتٍ طيِّبةٍ تتطابقُ معَ فِطرتِنا الإِنسانيَّةِ السَّليمَةِ الّتي فطرَنا اللهُ تعالى عليها.
وَ هذا يعني (أَيضاً): أَنَّ القُرآنَ (سواءٌ كانَ الأَصيلُ أَو هذا الّذي بينَ أَيدينا اليومَ) إِنَّما هُوَ مخلوقٌ أَيضاً، وَ حيثُ أَنَّهُ مخلوقٌ فهُوَ عبارةٌ عَن مجموعَةٍ مِنَ النُّصوصِ الّتي يتوجَّبَ أَن تحتَكِمَ إِلى عقولنا بانتهاجِ فطرتنا الإِنسانيَّةِ السَّليمةِ؛ لنتَبيَّنَ مصداقيةَ ما في هذهِ النُّصوصِ مِن عدمِها، فنأخذُ الصادقَ مِنها، وَ نرميَ الكاذبَ بعيداً عنَّا إِلى الأَبد.
– أَنت بصفتك إِنسانٌ تُحِبُّ (ين) اللهَ وَ تسعى (ين) سعياً حثيثاً لنيلِ رضاهُ، أَو حتَّى تُريد (ين) الالتزام بأَحكامهِ خوفاً من نارهِ أَو طمعاً في جنَّتهِ، أَليسَ مِنَ الواجبِ عليك أَن يتيقنَ عقلُك أَوَّلاً أَنَّ هذهِ الأَحكامَ هيَ حقَّاً أَحكامٌ إِلهيَّةٌ لَم تصِلَ لها يدُ التحريفِ مُطلَقاً؟!
– ما الضيرُ أَن نجعلَ القُرآنَ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ قيدَ التحقيقِ وَ التدقيقِ لنتبيَّنَ صِدقَ هذهِ الأَحكامِ مِن عدمِها؟!!
– أَليسَ ذلك أَبسطُ حقٍّ مِن حقوقِنا بصفتِنا مؤمنين وَ مؤمنات؟!!
– وَ إِذا كانَ الشيوخُ الفقهاءُ رضوانُ اللهِ تعالى عليهِم أَجمعينَ، بصفتهم مؤمنينَ يُريدونَ تحقيقَ الغايةِ ذاتها في التعبُّدِ الصَّحيحِ إِلى اللهِ، فهَل يمنعوننا عَن تحقيقِ وَ تدقيقِ القُرآنِ خاصَّةً وَ جميعِ النُّصوصِ عامَّةً دونَ استثناءٍ؟!!!
– أَليسَ مِنَ الواضحِ البديهيِّ أَنَّ الّذي يمنعنا عَن هذا الحَقِّ هُم سُفهاءُ الدِّينِ كهنةُ المعابدِ المتأَسلمينَ لا الْمُسلمين وَ كُلُّ مَن لَهُ مَصلَحةٌ في إِبقائنا مَطيَّةً لديهِ؟
بالنسبةِ لي، أَعتزُّ كثيراً وَ أَفتَخِرُ إِلى أَقصى الدرجاتِ، أَنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ اختارَني أَن أَكونَ أَوَّلَ إِنسانٍ على هذهِ الأَرضِ يقومُ بتحقيقِ القُرآنِ الموجودِ بينَ أَيدينا اليومَ (وَ دعوة الجميعِ إِلى تحقيقهِ أَيضاً)، لأَكتشِفَ ما فيهِ مِن آياتٍ مُحرَّفاتٍ بامتيازٍ، تُشيرُ بوضوحٍ جَليٍّ (هذهِ الآياتُ الْمُحرَّفاتُ) إِلى البُغضِ وَ الكراهيَّةِ وَ التعدُّديةِ الإِلهيَّةِ وَ زرعِ الفتنِ وَ القتلِ وَ الاضطهادِ وَ تجريدِ الإِلهِ الخالقِ الحقِّ مِن التنزيهِ الواجبِ فيهِ لا محالة، وَ جميعُ الأَدلَّةِ العلميَّةِ وَ العَمليَّةِ أَيضاً معَ البراهينِ الساطعةِ كذلكَ، على فرزِ الآياتِ البيِّناتِ الصحيحاتِ مِنَ الآياتِ الْمُحرَّفاتِ، موجودةٌ عنديَ في رأَسيَ هذا الّذي أَحمِلُهُ على كَتِفيَّ بتمامِها وَ كمالها قاطبةً بتفاصيلها الدقيقةِ الأَكيدَةِ، عزمتُ إِن أَصبحتُ في مأَمنٍ وَ أَمانٍ على توثيقها بتفاصيلها في كتابٍ يكونُ بعدَها جاهزاً للطباعةِ الورقيَّةِ، وَ لستُ أَبتغي شيئاً من كشفِ هذهِ الحقائق سوى توعيةَ النَّاسِ وَ إِرشادِهم إِلى النهجِ الأَصيلِ الّذي كانَ عليهِ جميعُ الأَنبياءِ قاطبةً بمَن فيهِم آخِرُهُم جَدِّيَ الْمُصطفى الصادق الأَمين (عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، مِمَّا يكفَلُ لنا التعايُشَ السِّلميَّ بناءً على الأَحكامِ الإِلهيَّةِ الصحيحةِ وِفقاً لمنهجِ الإِسلامِ الأَصيلِ، الّذي هُوَ الْحُبُّ وَ الخيرُ وَ السَّلامُ وَ لا شيءَ غير ذلكَ مُطلقاً..
– فهَل هُوَ كثيرٌ علينا إِن حقَّقنا سويَّةً معاً (أَنا وَ أَنت وَ الجميع) وَ دقَّقنا في هذا القرآنِ الّذي هُوَ بين أَيدينا اليومَ لنعرِفَ حقيقةَ ما نحنُ فيهِ؟!!
لنعلَمَ:
– أَنَّ اللهَ وَ الأَنبياءَ جميعاً مُنزَّهونَ مِن أَيِّ شَينٍ وَ أَنَّ سببَ مصائبِ البشريَّةِ وَ تعاستها هُوَ التحريفُ الموجودُ في هذا القُرآنِ الْمُخالِفِ للقُرآنِ الأَصيلِ فجاءَنا بما فيهِ مِن تحريفٍ طوالَ هذهِ القرونِ دونَ أَن يعلَمَ الفُقهاءُ الأَخيارُ السابقونَ أَوِ الحاليِّونَ حقيقةَ التحريفِ فيهِ؛ ليسَ ضَعفاً منهُم في الفَهِم، وَ إِنَّما لأَنَّهُم جعلوهُ مُقدَّساً خارجَ حدودِ التحقيقِ وَ التدقيقِ، ممّا جعلَهُم يستخدمونَ العقلَ وسيلةً لفهمهِ بشتَّى الأَوجهِ غيرَ المقنعةِ لنا و لهم على حَدٍّ سواءٍ فيما يخصُّ مواضعَ التحريفِ وَ التناقُضاتِ الواردةِ فيهِ، بدلاً مِن أَن يجعلوا العقلَ حاكماً عليها يُعلِنُ صراحةً قرارَهُ الحاسِمَ دُونَ أَن تأَخذُهُ في اللهِ لَومَةُ لائمٍ أَبداً.
وَ الْمُدَقِّقُ في جميعِ كتاباتيَ وَ مؤلّفاتيَ، يعلَمُ جيِّداً أَنَّني لستُ على مذهبِ أَيِّ طائفةٍ كانت، بما فيهِم المعتزلَةُ، فأَنا لستُ شيعيَّاً (بالمعنى الْمُتعارَفِ عليهِ اليومَ) بأَيِّ طائفةٍ من طوائفها، وَ لستُ سُنيَّاً (بالمعنى الْمُتعارَفِ عليهِ اليومَ) بأَيِّ طائفةٍ من طوائفها، إِنَّما أَنا مُسلمٌ مؤمنٌ موحِّدٌ بالإلهِ الخالقِ الحقِّ على منهجِ الإِسلامِ الأَصيلِ الّذي هُوَ منهجُ الأَنبياءِ جميعاً بمَن فيهِم آخِرُهم جَدِّيَ الْمُصطفى الصادق الأَمين (روحي لَهُ الفِداء)، وَ أَنا مؤسِّسُ الطريقةُ الماورائيَّةُ في كشفِ الحقائقِ وَ الخفايا وَ الأَسرار، فأَنا ماورائيٌّ بامتيازٍ، وَ طريقتي هذهِ سأَكشِفها إِليك بوقتهِ في محلِّهِ إِن شاءَ اللهُ تعالى، إِن قَدَّرَ اللهُ تعالى ليَ البقاءُ حيَّاً وَ يَسَّرَ لي أَسبابَ الكشفِ هذا وَ ما سواهُ.
أَقولُ:
مِنَ الخِداعِ الأَكيدِ أَن يُفَكِّرَ أَحدُنا بشيءٍ وَ يُعلِنُ للنَّاسِ ما يُخالِفُ تفكيرَهُ هذا؛ إِذ أَنَّ الإنسانَ التقيَّ النقيَّ الطاهِرَ لا يكونُ على لسانهِ إِلَّا ما هُوَ موجودٌ في خَلَجاتِ أَفكارهِ، ناهيك عن أَنَّ الإفصاحَ بهذهِ الخَلَجاتِ ستؤدِّي (لا محالة) إِلى تلاقُحِ الأَفكارِ معَ الآخرينَ؛ بُغيةَ الوصولِ إِلى الحقيقةِ بعينها دونَ سِواها، وَ بالتالي: نستطيعُ جميعُنا العيشَ في استقرارٍ دائمٍ يوصِلُنا عاجِلاً أَم آجِلاً إِلى الرخاء.
لا أُخفيك سِرَّاً، أَنَّني في وقتٍ منَ الأَوقاتِ، بسببِ جهليَ لكثيرٍ من الحقائقِ آنذاكَ، خاصَّةً فيما يتعلَّقُ بأَجوبةِ الأَسئلةِ البريئةِ ذاتِ العيارِ الثقيلِ الّتي سأَذكرُ بعضَها إِليك في أَدناه، قَد فكّرتُ لعدَّةِ مرَّاتٍ في الانتحار، وَ لا زالَت فِكرةُ الانتحارِ تُراوِدُني حتَّى هذهِ السَّاعةِ؛ لا لجهليَ أَجوبةَ الأَسئلةِ الّتي كانت تشغلُني (وَ تشغلُك وَ تشغلُ الكثيرينَ وَ الكثيرات)، بل لأَنَّني اليومَ أُعاني أَقسى مراراتِ الحياةِ وَ آلامِها دُونَ أَن أَجدَ ناصراً لي، لأَنَّني في سجنٍ تُحيطُني القضبانُ فيهِ مِن كُلِّ جانبٍ، هذا السِجنُ أَعني بهِ: حياتيَ الواقعيَّةِ الّذي أَوصلني إِليها إِيثاريَ بنفسيَ مِن أَجلِ أَهدافِيَ النبيلةِ الساميةِ الساعيةِ في خدمةِ البشريَّةِ وَ الإِسلامِ الأَصيلِ بكُلِّ ما يُمكنني رُفدُهُ بهِما؛ ابتغاءَ رضا الله، لا طمعاً في جنَّتهِ، وَ لا خوفاً مِن نارهِ؛ وَ إِنَّما حُبَّاً خالصاً منِّي فيهِ الّذي جعلني حُبَّهُ هذا أَن أُحِبَّ المخلوقاتَ جميعاً أَيَّاً كانت، وَ إِذا بهذا الْحُبِّ يجعلُني في أَردى سجونِ الحياةِ، وَ يُحيلُني جَسَداً ميِّتاً مُمَدَّداً تحتَ سياطِ جلّادٍ لا يعرِفُ للرَّحمةِ معنىً قَط، يُساعِدُهُ في ذلكَ العَذابِ الموجَّهِ إِليَّ خاصَّةً، سَجَّانونَ خوَنةٌ مِنَ الأَقرباءِ، بما فيهِم والدتي معَ بالغِ الأَسفِ الشَديدِ، الّتي هيَ ليست أُمِّي أَبداً، فلا هيَ الّتي أَرضعَتني قطرةً مِن ثدييِّها، وَ لا هيَ الّتي ربَّتني بينَ يديِّها، وَ إِنَّما أُمِّيَ هيَ خالتي تغمَّدها اللهُ برحمتهِ الواسعة، فوالدتي لَم تكُن سوى مُجرَّدُ حاضنةٍ لي ليسَ إِلَّا، وَ أَمَّا الّتي غذَّتني وَ رَعتني وَ ربَّتني فهيَ خالتي (حليمة)، وَ خالتي هيَ الأُمُّ الّتي قالَ عنها جدِّي رسولُ اللهِ روحي لهُ الفِداءُ:
– “الجنَّةُ تحتَ أَقدامِ الأُمَّهاتِ”.
وَ ليسَ تحتَ أَقدامِ الوالداتِ! وَ لعلَّها (أَعني والدتي) تعلَمُ أَنَّ الجنَّةَ ليسَت تحتَ قدميها، لذا اختارَت طريقَ الخيانةِ وَ اختارَت أَن تكونَ سَجَّاناً وَ قاتِلاً في الوَقتِ ذاتهِ أَيضاً يُعينُ الجلَّادَ على ضربيَ بسياطهِ المتواصلةِ ابتغاءَ منعيَ عَن كشفِ الحقائقِ وَ الوصولِ إِلى أَهدافِيَ النبيلةِ الساميةِ في خدمةِ البشريَّةِ وَ إِسلامِنا الأَصيل!
– رُغمَ ما أَنا فيهِ، وَ رُغمَ مُراودَةِ فكرةِ الانتحارِ أَماميَ لعدَّةِ مرَّاتٍ، إِلَّا أَنَّ إِيمانيَ الراسخَ بأَحقيِّتي في البقاءِ مِن أَجلِ أَن أَكونَ خادِماً للبشريَّةِ وَ للإِسلامِ الأَصيلِ، هُوَ ما يجعلُني أَرفضُ فِكرةَ الانتحارِ رفضاً قاطِعاً لأُواصِلَ مُجابهتي لجميعِ التحدياتِ حتَّى أَصِلَ إِلى تحقيقِ جميعِ أَهداِفِيَ الساميةِ النبيلةِ إِن شاءَ اللهُ تعالى.
مقاليَ هذا لا يتعلَّقُ بكشفِ الخياناتِ الّتي فعَلتها والدتي أَو غيرَها مِنَ الأَقرباءِ وَ أَسبابها وَ خفاياها وَ تداعياتها عَليَّ وَ عليك وَ على البشريَّةِ قاطبةً، إِذ هذا الكشفُ قَد آتيك بهِ بوقتهِ وَ في محلِّهِ مُدعَماً بالأَدلّةِ وَ الوثائقِ وَ البراهين، هذا إِن لا يزالُ في حياتيَ عُمُرٌ بَعدُ وَ لَم يتمكِّن أَعداءُ الإِنسانيَّةِ من اغتياليَ أَو يصِلَ الجَّلادُ إِلى غايتهِ في إِزهاقِ روحيَ قسراً، مقاليَ هذا يتعلَّقُ ببعضِ أَسئلةٍ بريئةٍ مِمَّا شغلَ تفكيريَ وَ تفكيرك وَ تفكيرِ غالبيَّةِ البشرِ إِن لَم يكن جميعهم قاطبةً دونَ استثناءٍ.
وَ إِليك بعضٌ مِن هذهِ الأَسئلة البريئةِ ذاتِ العيار الثقيل:
السؤالُ الأَوَّلُ:
– إِذا كانَ اللهُ عادِلاً (كما يَدَّعونَ) فلماذا سكوتُهُ على كُلِّ هذا الظُلمِ المتفاقِمِ يوماً بعدَ يومٍ مُنذُ خُلِقَ الإِنسانُ وَ حتَّى يومِنا هذا مروراً إِلى آخِرِ الزَّمانِ؟!
– أَليسَ القادرُ الّذي يُمكِنُهُ التغييرَ يكونُ ظالِماً بسكوتهِ عَن نُصرةِ المظلومِ وَ تركهِ الظالِمَ يفعلُ ما يشاء؟!
– وَ إِذا كانَ اللهُ عادِلاً (كما يقولونَ) فلماذا لا نجِدُ في القُرآنِ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ كلمةً واحدةً تشيرُ إِلى عدالتهِ هُوَ صراحةً وَ ليسَ تلميحاً؟!
عِلماً: حتَّى هذهِ الكِلمةُ مِن بابِ التلميحِ إِلى عدالةِ اللهِ هيَ غيرُ موجودَةٍ في القُرآنِ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ، وَ كُلُّ ما فيهِ بما يخصُّ العدلَ أَوِ العدالةَ إِنَّما أَمرٌ موجَّهٌ إِلى الآخرينَ لا أَكثرَ وَ لا أَقلَّ من ذلك مطلقاً.
– أَلا يُمكِنُ أَن يكونَ الأَمرُ الصادرُ مِنهُ يعني إِلزامُ نفسهِ هُوَ بالأَمرِ عينهِ قبلَ ذلكَ؟!
لعلَّ شخصٌ ما يسأَلُني السؤالَ المذكورَ سلفاً، فأَقولُ لَهُ:
– وَ هل مِن الإِلزاميِّ للآمرِ أَن يُلزِمَ نفسَهُ بأَمرٍ يوجِّهُهُ إِلى غيرِهِ هُوَ؟!
إِذاً:
– لماذا نرى في هذا القرآنِ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ كلاماً صريحاً واضحاً يؤكِّدُ لنا بشكلٍ قاطعٍ أَنَّ اللهَ يمحو ما يشاءُ؟!
أَيّ: أَنَّهُ أَيضاً ضِمنَ ما يشاءُ، لَهُ أَن يُلغي أَيَّ أَمرٍ عنهُ فيما وجَّهَهُ هُوَ بنفسهِ إِلى الآخَرين!
وَ بمعنىً أَوضحٍ (ضِمنَ ما يشاءُ): لَهُ أَن يكونَ ظالماً حتَّى وَ إِن أَمرَ غيرَهُ بوجوبِ اتِّخاذِ العدلِ! كما لَهُ أَن يُدخِلَ المؤمنَ نارَ جهنَّمَ، وَ يُدخِلُ الكافِرَ الجنَّةَ وِفقَ ما يشاءُ!
إِذاً: ليست هُناكَ قوانينٌ إِلزاميَّةٌ ثابتةٌ تُلزِمُ اللهَ وجوبَ التزامهِ بها دونَ أَيِّ انحرافٍ منهُ عنها.
هكذا يُخبرُنا القُرآنُ الموجودُ بين أَيدينا اليومَ، وَ السؤالُ هُوَ:
– هل حقَّاً أَنَّ الله ليسَ عادلاً؟!!
– هل حقَّاً أَنَّ اللهَ ليسَ لَهُ قوانينٌ تُلزِمُهُ بتحقيقِ العدالةِ الّتي هيَ إِعطاءُ كُلِّ ذي حقٍّ حَقَّهُ؟!
– أَم أَنَّ القُرآنَ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ فيهِ تحريفٌ بامتيازٍ؟!!
السؤالُ الثاني:
– هل الإِلهُ الخالِقُ الحقُّ الّذي قيل عنهُ أَنَّه الله هُوَ ذاتٌ واحدةٌ أَم ذواتٌ مِتعَدِّدةٌ كثيرةٌ؟!
مِمَّا لا شَكَّ فيهِ أَنَّ اللهَ هُوَ ذاتٌ واحدةٌ وَ ليسَ ذواتً مُتعدِّدةً كثيرةً؛ وَ هُوَ ما تؤكِّدُ عليهِ صراحةً سورةُ الإِخلاص الواردةُ في القرآنِ الموجودِ بين أَيدينا اليومَ..
إِذاً:
– هل يكونُ اللهُ كاذباً فيكذِبُ علينا بسورةِ الإِخلاصِ مُدَّعياً أَنَّهُ ذاتٌ واِحدةٌ وَ هُوَ في حقيقتهِ ذواتٌ مُتعدِّدَةٌ كثيرةٌ؟!
(حاشا اللهُ الإِلهُ الخالِقُ الحَقُّ ذلك جُملةً وَ تفصيلاً تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صِفاتُهُ)
إِذاً:
– كيفَ يُخبِرُنا اللهُ في آياتٍ مُنزلَةٍ مِنهُ أَنَّهُ ذاتٌ واحدةٌ وَ في الوقتِ ذاتهِ أَيضاً يُخبرُنا في آياتٍ أُخرياتٍ (قيلَ أَنَّها مُنزلَةٌ منهُ) أَنَّهُ ذواتٌ مُتعدِّدَةُ كثيرةٌ؟!!
– كيفَ يتحدَّثُ اللهُ عَن نفسهِ بصيغةِ الجمعِ لا بصيغةِ المفردِ إِن كانَ حقَّاً ليسَ ذواتً مُتعدِّدةً كثيرةً؟!!!
– هل مِنَ المعقولِ أَنَّ اللهَ الإِلهَ الخالِقَ الحقَّ العالِمَ بكُلِّ شيءٍ، يكونُ جاهِلاً بقواعدِ اللُّغةِ العربيَّةِ فلا يدري أَنَّ صيغةَ الْمُفرَدِ تدلُّ على ذاتٍ واحدةٍ وَ صيغةُ الجمعِ تدلُّ على ذواتٍ مُتعدِّدَةٍ كثيرةٍ؟!!!
(حاشا اللهُ الإِلهُ الخالِقُ الحَقُّ مِنَ الجهلِ جُملةً وَ تفصيلاً)
– أَم أَنَّ القُرآنَ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ هُوَ ليسَ ذلكَ القُرآنِ الأَصيلِ الّذي أَوحاهُ اللهُ إِلى جَدِّيَ النبيِّ المصطفى الأَمينِ روحي لَهُ الفِداءُ؟!!
مثالٌ لصيغةِ المفردِ:
– {إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.
[القرآن الكريم: سورة القصص/ آخِر الآية (30)].
مثالٌ لصيغةِ الجمع:
– {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}.
[القرآن الكريم: سورة يس/ الآية (12)].
السؤالُ الثالِثُ:
– مَن الّذي يُمكِنُهُ فَهمُ معاني الكلماتِ الواردةِ في القُرآنِ، سواءٌ كانَ القرآنُ الأَصيلُ، أَو هذا القرآنُ الموجودُ بينَ أَيدينا اليومَ:
– البدويُّ العربيُّ الّذي ينطِقُ العربيَّةَ الفُصحى وَ هُوَ لم يتعلَّم شيئاً في المدارسِ الحكوميَّةِ؟!
– أَم الأَعجميُّ الّذي لا ينطِقُ العربيَّةَ مُطلقاً وَ قَد وضعَ العمامةَ على رأَسهِ وَ أَطالَ اللحيةَ وَ أَطلقَ الفتاوى في شتَّى مسائلِ الحياةِ على أَنَّها هيَ دينُ اللهِ المأخوذةِ أَحكامُهُ مِنَ القُرآنِ الكريمِ؟!!
– أَليسَ البدويُّ العربيُّ هُوَ الأَجدرُ على فهمِ معاني الكلماتِ الواردةِ في القُرآن؟!
– فما بالُك إِن كُنت أَنت ضليعاً (ضليعةً) في اللُّغةِ العربيَّةِ وَ دارساً (دارسةً) لها في جميعِ مراحلِ دراستك الأَكاديميَّةِ الحكوميَّةِ، أَلست أَنت أَكثرُ قدرةً على فهمِ معاني القُرآنِ وَ دركِ غاياتهِ أَكثرَ منَ البدويِّ العربيِّ بملايينِ المرَّات؟!!
إذاً:
– فكيفَ يجعِلِ الكثيرونَ عقولَهُم أَتباعاً لأَعجميٍّ لا ينطِقُ العربيَّةَ مُطلقاً فيُقَلِّدوهُ مقاليدَ دُنياهُم وَ آخِرَتَهُم وَ هُم أَصلاً أَجَدرُ منهُ بفهمِ القُرآنِ؟!!
– أَليسَ مِنَ الأَجدَرِ أَن يكونَ الأَعجميَّ هُوَ الّذي يُقلِّدُ مُقلِّديهِ الناطقينَ بالعربيَّةِ الفُصحى؟!!!
إِذ أَنَّ مُقلِّديهِ قادرونَ على فَهمِ القُرآنِ لكونهِم ناطِقونَ بلُغَةِ القُرآنِ فلا حاجةَ لَهُم بشخصٍ لا ينطقُ العربيَّةَ أَصلاً كي يشرحَ لَهُم معاني القُرآنَ وَ يدلُّهُم على صوابِ اختياراتهِم الّتي تُحَقِّقُ لَهُمُ النَّجاحَ في الدُّنيا وَ الفَلاحَ في الآخرة!
– فمَن أَحقُّ بالتقليدِ وَ مَن أَحقُّ بالاتِّباع؟!!
– أَم أَنَّ الحكوماتَ خدَعتنا بمناهجها الدراسيَّةِ طيلةَ هذهِ السنواتِ فكانت تُعلِّمُنا الأَعجميَّةَ على أَنَّها العربيَّةَ، فجاءَ الأَعجميُّ ليُصَحِّحَ لنا فيُعَلِّمُنا الأَعجميَّةَ على أَنَّها العربيَّة فأَصبحنا نحنُ العربُ لا نفقهُ القُرآنَ وَ الأَعجميُّ هُوَ الّذي وحدُهُ يفقَهُ القُرآنَ دُونَ أَحدٍ سِواهُ؟!!!
– أَم أَنَّ عقولَ العربِ ذاتِ العَلاقةِ قَدِ اضمَحَلَّت إِلى الدرجةِ الّتي باتوا فيها يأَخذونَ أَحكامَ القُرآنِ العربيِّ مِن شخصٍ أَعجميٍّ لا ينطِقُ العربيَّةَ مُطلقاً؟!!!
حينها:
– أَتبقى لأَحكامِ القُرآنِ مُصداقيَّةٌ آنذاك؟!!
تخيَّل (ي) أَنت: أَنَّك تقرأ ترجمةً لمقالٍ انجليزيٍّ ترجمَهُ لك شخصٌ صينيٌّ لا يعرِفُ مِنَ الإِنجليزيَّةِ شيئاً، فهل يمكِنُك حينها أَن تتيقن (ي) مِن مصداقيَّةِ ترجمةِ هذا المقال؟!!
– أَم أَنَّ عقلُك وَ قلبُك يضرِبُ بهذهِ الترجمةَ عرضَ الحائطِ وَ يولِّيانِ وجههما إِلى المقالِ الأَصليِّ بلُغتهِ الأَصليَّةِ ذاتها؟!!
مع أَخذك بنظرِ الاعتبارِ: أَنَّ الأَعجميَّ هُوَ غيرُ العَجميِّ، فالعَجميُّ هُوَ الفارسيُّ وَ ليسَ الإِيرانيُّ؛ إِذ في الإِيرانيينَ فُرسٌ وَ أَعاجِمٌ وَ عَربٌ أَيضاً وَ أَعراقٌ وَ قوميِّاتٌ أُخرى، وَ الأَعجَميُّ هُوَ كُلُّ مَن لا ينطِقُ اللُّغَةَ العربيَّةَ الفُصحى سواءٌ كانَ إِيرانيَّاً أَو تركيَّاً أَو هنديَّاً أَو صينيَّاً أَو أَفغانيَّاً أَو أَمريكيَّاً أَو عراقيَّاً أَو غير ذلكَ قاطبةً دُونَ استثناءٍ.
وَ للأَسئلةِ البريئةِ مِنَ العيارِ الثقيلِ تتمَّةٌ؛ فهيَ كثيرةٌ جدَّاً، تأَتيك تتابُعيَّاً في حينها إِن شاءَ اللهُ على صفحاتِ هذا المنبر التوعويِّ الْحُرِّ النزيهِ، راجياً منك دعوةً صالِحةً إِليَّ يدعو بها قلبُك اللهَ لأَجلِ أَن يَفُكَّ أَسرِيَ مِنَ السجنِ الّذي أَنا الآنَ فيهِ وَ يُزيلَ عنِّي الضيقَ القسريَّ الّذي أُعانيهِ؛ وَ يُهيِّئَ جميعَ الظروفِ المناسبةِ ليوفّقَني أَن أَكشِفَ لك كُلَّ ما في جُعبتي قبلَ أَن أُفارِقَ الحياةَ إِلى الرفيقِ الأَعلى في ساعةٍ قادمةٍ لا محالة، فليتذكّرُني قلبُك الطاهِرُ النقيُّ بدعوةٍ صالحةٍ دونَ انقطاعٍ؛ لأَنَّني أُحِبُّك حُبَّاً أَخويَّاً أَبويَّاً خالِصاً للهِ دُونَ أَن يُبارِحَ قلبيَ نُطقَها صادِحاً بها في الآفاقِ:
– بالْحُبِّ يحيا الإِنسان.