أثر الفراشة
كتبت/ ساره جمال
رفرفة فراشة في الشرق قد تحدث إعصاراً في الغرب- بالطبع لن تكون السبب الرئيسى- ولكنها ستساهم ولو بشکل صغير في هذا الإعصار الذي سيغير ملامح المدينة الباهتة.
مصطلح تأثير الفراشة هو استعارة لفظية تستخدم للتعبير عن نظرية “الفوضى”، وهي نظرية فلسفية فيزيائية تعتقد بأن الأسباب الصغيرة لها تأثير واضح على النتائج على المدى البعيد. وترى النظرية أيضا أن الأحداث التي تُرى متفرقة وغير مرتبطة مع بعضها عند جمعها مع بعضها البعض نجدها تجتمع على حقيقة أن كل هذه الفوضى ترتبط برابط يجعلها غير عشوائية في الباطن أما في الظاهر فتظهر كأنها أحداث عشوائية وفي انفصال تام وليست مترابطة. بمعنى آخر, إن بعض الأمور التى لا تبدو مهمة في بعض الأحيان والتى قد تكون تافهه ولا تثير إهتمام أي أحد، تؤثر تأثيرا بالغا في مكان وجانب ما. وهذا ما تحاول أن توضحه نظرية تأثير الفراشة والتى نشأت عن نظرية الفوضى.
الكثير منا يتسائل يوميا: ” من أنا؟ ومالذي أستطيع أن أغيره؟”, هل الشيء البسيط الذي أصنعه سوف يحدث فارقاً؟. ربما جاءت هذه النظرية – دون قصد – لتجيبنا عن هذا التساؤل، وتخبرنا أن الشيء البسيط الذي نحاول فعله طوال الوقت قد يصل بنا إلى شيء أكبر فيما بعد، وأن كل أثر مهما بدا صغيرا فهو ذا قيمة؛ قد لايُرى ولكنه من الممكن أن يحدث أكبر فارق.
هناك مثال يبسط فكرة تأثير الفراشة أكثر وهو؛ “عندما ضاع مسمار حدوة الحصان، ضاعت حدوة الحصان وعند ضاعت الحدوة ضاع الحصان، وعندما ضاع الحصان ضاع الفارس، وعندما ضاع الفارس ضاعت الرسالة التى كان يحملها الفارس، وعندما ضاعت الرسالة ضاعت المعركة، وعندما ضاعت المعركة ضاعت المملكة وهكذا”. أي أن ضياع المملكة كان بسبب ضياع مسمار حدوة الحصان، لهذا لا تستخف بالأعمال التي تقوم بها حتى وإن بدت لك أنها صغيرة وأنها لا تساوي شئ.
كذلك الحال في المواقف الصغيرة في حياتنا اليومية، كثيرا ما نقول أقوالا نعتبرها بسيطة وليست ذات قيمة. لكن لا نعلم ما الأثر الفعلي لهذه الاقوال في حياة شخص ما؛ فربما تكون كلمة جميلة صدرت منك أن تكون سببا في إحداث التغير الإيجابي .. وربما مدحك وثنائك لأحد الأطفال بأنه ذكي ورائع أن يشكل حافزا له ليكون الأفضل وتغيير مسار حياته للأفضل. وايضا، العكس من ذلك، قد تكون بعض الكلمات السلبية السبب في دمار حياة شخص ما وإنحرافه عن الطريق السوي بسبب كلماتك السلبية.
في النهاية، كل أعمالنا وتصرفاتنا وكلامنا الإيجابي والسلبي يؤثر بشكل غير مباشر على الكون والعالم في المستقبل، لذلك يجب علينا أن نستشعر أنه بإمكاننا وقدرتنا على إحداث التغيير في العالم في المستقبل القريب ولذا، عليك أن تكون جناح الفراشة التى تحدث التغيير الإيجابي في الحاضر والمستقبل. فأثر الفراشة كما يصفه محمود درويش لا يرى ولكنه أيضا لايزول؛ فأي فعل أو كلمة أو قرار أو ابتسامة عابرة قد يکون لها أثرها العظيم في الکون.