غير مصنف
أتدرون ما الغِيبةُ؟
أتدرون ما الغِيبةُ؟
بقلم / محمــــــــــد الدكـــــــــرورى
الغيبة في اللغة من الغيب وهو كل ما غاب عنك، وسُمّيت الغيبة بهذا الاسم لغياب من يقوم الآخرون بذكره وغيبته، والغيبة عرّفها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال لأصحابه: (أتدرون ما الغِيبةُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: ذِكرُك أخاك بما يَكرهُ)
فالغيبة تقع من خلال ذكرالإنسان أخيه بما يكره، سواء كان هذا الذكر لما يتعلق بشخص الإنسان، أو نفسه، أو دينه، أو ماله، أو غير ذلك مما يتعلق به، وسواء كان ذلك باللفظ أو الإشارة أو الرمز، ومما يعتبر من الغيبة قول نسأل الله السلامة، والله يتوب علينا وما إلى ذلك، ومنهم من تخرُج الغيبة منه بأسلوب التعجب، فتراه يقول: تعجبت من فلان لا يفعل كذا وكذا.
وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الفرق بين الغيبة والبهتان، فقال حين سأله أحد أصحابه: (أرأيتَ إن كانَ فيهِ ما أقولُ؟ قالَ: إن كانَ فيهِ ما تقولُ فقَدْ اغتبتَهُ وإن لم يَكن فيهِ ما تقولُ فقد بَهتَّهُ)
كما أن البهتان يكون بالباطل، وقد يكون أثناء حضور الشخص وغيابه، وللغيبة أوجه ثلاثة مذكورة في القرآن الكريم، وهي: الغيبة، والبهتان، والإفك؛ فالغيبة هي قول ما في الآخر، والإفك هو قول ما بلغ عنه، والبهتان هو قول ما ليس فيه، وقد أجمع العلماء على حرمة الغيبة، قال تعالى: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) ..
ووقع الاختلاف بينهم في عدّها من الكبائر أم الصغائر؛ فمنهم من قال أنها من الكبائر لِما جاء فيها من الوعيد الشديد، ونُقِل ذلك عن القرطبي رحمه الله، ومنهم من فصّل فقال: من اغتاب عالِماً أو ولياً ليس كمن اغتاب غيرهم، ونُقل ذلك عن ابن حجر رحمه الله.
وإن للغيبة آفات كثيرة، منها ما يكون في الدنيا، ومنها ما يكون في الآخرة، وهذه الآفات لها آثار سلبية على الفرد والمجتمع، ولا بد للمسلم أن يكون على علم بها واطّلاع عليها؛ لكي يحرص على تجنّبها ويحذر من ارتكابها، وفيما يأتي بيان لبعض آثار الغيبة على الفرد والمجتمع:
وهى زيادة رصيد السيئات، ونقصان رصيد الحسنات؛ لما فيه من التعدي على الآخرين وظلمهم والمغتاب مُفلس يوم القيامة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ، فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حسناتُه، قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثمَّ طُرِح في النَّارِ).
والغيبة تسبب هجران صاحبها؛ فالناس لا تجالسه وتتجنب الجلوس في مجلسه، وتنصحه وتنكر عليه، فالمسلم ينكر المنكر بيده، ثم بلسانه، ثم بقلبه، وذلك أضعف الإيمان وكذلك لها تأثير على الصوم؛ فمن لم يترك قول الزور فليس لله حاجة في أن يترك طعامه وشرابه ولا يغفر الله للمغتاب ذنبه، إلا حين يغفر له من اغتابه.
وإن النميمة من الذنوب العظيمة التي حذّر الله -عزّ وجلّ- ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم- منها، وهي مرض يعمل على إفساد المجتمعات ونشر الحقد والبغضاء بين أفراده، قال تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)، والنميمة كما وضّحها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هي نقل الكلام فيما بين الناس بغرض الإفساد بينهم، وقد توعّد رسول الله النمّام بعدم دخول الجنة، فقال: (لا يدخلُ الجنَّةَ قتَّاتٌ)، والقتّات هو النمّام، وجاء الحديث أيضاً بلفظ النمّام، والفرق بين النمام والقتّات، أن النمّام ينقل ما شاهده، أما القتّات فينقل ما سمعه دون أن يشاهده.
والذي يمشي بالنميمة بين الناس له عذاب في قبره قبل يوم القيامة، فقد مرّ رسول الله على قبرين كان أصحابهما يعذّبان، أحدهما كان يسعى بالنميمة بين الناس، والنمّامون لهم أنواع، لكن أشدّهم خطراً من يكون هدفه إيقاع الفتنة بين العلماء والحكّام، ومنهم من يدفعهم الحسد للنميمة، فلا يرى اثنين متّفقين إلا سعى للتفرقة بينهما، ومما يساعد الإنسان على التخلّص من النميمة، أن يعلم أن النمّام معرّض لسخط الله وعقوبته، وأنها تخسره حسناته، كما يجب عليه أن ينشغل بنفسه وعيوبه وتطهير نفسه منها، فلا ينشغل بغيره، ويعلم أن ما يؤذي الناس يؤذيه إن وضع نفسه مكان الطرف الآخر.
بقلم / محمــــــــــد الدكـــــــــرورى
الغيبة في اللغة من الغيب وهو كل ما غاب عنك، وسُمّيت الغيبة بهذا الاسم لغياب من يقوم الآخرون بذكره وغيبته، والغيبة عرّفها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال لأصحابه: (أتدرون ما الغِيبةُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: ذِكرُك أخاك بما يَكرهُ)
فالغيبة تقع من خلال ذكرالإنسان أخيه بما يكره، سواء كان هذا الذكر لما يتعلق بشخص الإنسان، أو نفسه، أو دينه، أو ماله، أو غير ذلك مما يتعلق به، وسواء كان ذلك باللفظ أو الإشارة أو الرمز، ومما يعتبر من الغيبة قول نسأل الله السلامة، والله يتوب علينا وما إلى ذلك، ومنهم من تخرُج الغيبة منه بأسلوب التعجب، فتراه يقول: تعجبت من فلان لا يفعل كذا وكذا.
وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الفرق بين الغيبة والبهتان، فقال حين سأله أحد أصحابه: (أرأيتَ إن كانَ فيهِ ما أقولُ؟ قالَ: إن كانَ فيهِ ما تقولُ فقَدْ اغتبتَهُ وإن لم يَكن فيهِ ما تقولُ فقد بَهتَّهُ)
كما أن البهتان يكون بالباطل، وقد يكون أثناء حضور الشخص وغيابه، وللغيبة أوجه ثلاثة مذكورة في القرآن الكريم، وهي: الغيبة، والبهتان، والإفك؛ فالغيبة هي قول ما في الآخر، والإفك هو قول ما بلغ عنه، والبهتان هو قول ما ليس فيه، وقد أجمع العلماء على حرمة الغيبة، قال تعالى: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) ..
ووقع الاختلاف بينهم في عدّها من الكبائر أم الصغائر؛ فمنهم من قال أنها من الكبائر لِما جاء فيها من الوعيد الشديد، ونُقِل ذلك عن القرطبي رحمه الله، ومنهم من فصّل فقال: من اغتاب عالِماً أو ولياً ليس كمن اغتاب غيرهم، ونُقل ذلك عن ابن حجر رحمه الله.
وإن للغيبة آفات كثيرة، منها ما يكون في الدنيا، ومنها ما يكون في الآخرة، وهذه الآفات لها آثار سلبية على الفرد والمجتمع، ولا بد للمسلم أن يكون على علم بها واطّلاع عليها؛ لكي يحرص على تجنّبها ويحذر من ارتكابها، وفيما يأتي بيان لبعض آثار الغيبة على الفرد والمجتمع:
وهى زيادة رصيد السيئات، ونقصان رصيد الحسنات؛ لما فيه من التعدي على الآخرين وظلمهم والمغتاب مُفلس يوم القيامة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ، فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حسناتُه، قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثمَّ طُرِح في النَّارِ).
والغيبة تسبب هجران صاحبها؛ فالناس لا تجالسه وتتجنب الجلوس في مجلسه، وتنصحه وتنكر عليه، فالمسلم ينكر المنكر بيده، ثم بلسانه، ثم بقلبه، وذلك أضعف الإيمان وكذلك لها تأثير على الصوم؛ فمن لم يترك قول الزور فليس لله حاجة في أن يترك طعامه وشرابه ولا يغفر الله للمغتاب ذنبه، إلا حين يغفر له من اغتابه.
وإن النميمة من الذنوب العظيمة التي حذّر الله -عزّ وجلّ- ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم- منها، وهي مرض يعمل على إفساد المجتمعات ونشر الحقد والبغضاء بين أفراده، قال تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)، والنميمة كما وضّحها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هي نقل الكلام فيما بين الناس بغرض الإفساد بينهم، وقد توعّد رسول الله النمّام بعدم دخول الجنة، فقال: (لا يدخلُ الجنَّةَ قتَّاتٌ)، والقتّات هو النمّام، وجاء الحديث أيضاً بلفظ النمّام، والفرق بين النمام والقتّات، أن النمّام ينقل ما شاهده، أما القتّات فينقل ما سمعه دون أن يشاهده.
والذي يمشي بالنميمة بين الناس له عذاب في قبره قبل يوم القيامة، فقد مرّ رسول الله على قبرين كان أصحابهما يعذّبان، أحدهما كان يسعى بالنميمة بين الناس، والنمّامون لهم أنواع، لكن أشدّهم خطراً من يكون هدفه إيقاع الفتنة بين العلماء والحكّام، ومنهم من يدفعهم الحسد للنميمة، فلا يرى اثنين متّفقين إلا سعى للتفرقة بينهما، ومما يساعد الإنسان على التخلّص من النميمة، أن يعلم أن النمّام معرّض لسخط الله وعقوبته، وأنها تخسره حسناته، كما يجب عليه أن ينشغل بنفسه وعيوبه وتطهير نفسه منها، فلا ينشغل بغيره، ويعلم أن ما يؤذي الناس يؤذيه إن وضع نفسه مكان الطرف الآخر.